سياسة

“ماريوبول” القلعة التي لا تُهزم.. تستعد لهجوم بوتين

تستعد مدينة “ماريوبول” المحاصرة لمواجهة أكبر هجوم للقوات الروسية  

دايلي بيست – آنا نيمتسوفا – ترجمة: محمد الصباغ

”أين أجهزة صافرات الإنذار؟ لقد طلبت خمسة ولم أجد سوى جهازين فقط؟“ هكذا قال عمدة مدينة “ماريوبول” في اجتماع طارىء يوم الأحد. قد تواجه المدينة المحاصرة المعركة الأهم والأكبر في الحرب الأوكرانية، يحاول عمدتها ”يوري خوتلوباي“ يائساً في أعمال الحماية المدنية من أجل حماية ما يستطيع من سكان المدينة المقدرين بحوالي 460 ألف نسمة. ويضيف: ”من فضلكم ابحثوا عن كل أجهزة الإنذار في المصانع المعطلة، يجب أن نعيد بناء نظامنا للطوارىء”.

وبدأ العمدة اجتماعه الطارئ، وأعلن عن هجوم آخر للقوات الموالية لروسيا. ففي صباح ذلك اليوم سقطت قذيفة في فناء منزل بقرية “جنتوفو” على أطراف المدينة وأسفرت عن مقتل ألكسندر كولاندا 54 سنة. و طلب العمدة من الحضور الوقوف لدقيقة تكريما للرجل. وقد وقعت الكثير من تلك الحوداث هناك.

وصف العمدة ”خوتلوباي“ المدينة بـ”القلعة التى لا تهزم“، مع وجود الآف الجنود الأوكرانيين المتمركزين في مطار “ماريوبول” وفي نقاط التفتيش على كل الطرق المؤدية للمدينة.

وللأسف لم تستطع نقاط التفتيش تلك إيقاف المدفعية. ففي 24 يناير قتلت وأصابت القذائف وشظايا الصورايخ أكثر من 100 شخص، ودمرت 75 مباني متعددة الطوابق، وحطمت 243 منزلاً خاصاً، وذلك بالإضافة لإصابة ثلاث مدارس وحضانتين للأطفال. كما احترقت الأسواق وأماكن انتظار السيارات. في الأسبوعين الماضيين فقط قتل 30 شخص بينهم تسعة أطفال.

لكن المدينة تعلمت الصمود في أوقات الحروب، فموقعها الاستراتيجي لم يترك للسكان حل آخر. تعتبر “ماريوبول” ميناء بارزا على الساحل الشمالي لبحر آزوف، لكن تزداد أهميتها بسبب وقوعها على الطريق الرئيسي بين روسيا وشبه جزيرة القرم  التى ضمتها روسيا منذ قرابة عام.

وإذا لم يفتح هذا الممر المتنافس عليه في جنوب مدينة دونستيك سيتوجب على روسيا أن تدعم القرم عبر الجو أو البحر. لذا هناك شكوك حول معركة قادمة، والسؤال: متى ستحدث و ما هو مدى وحشية تلك المعركة؟ فقد كانت مجزرة 24 يناير مثالاً على ما قد يحدث.

دربت مدينة “ماريوبول” سكانها تدريباً عسكرياً بسيطا، فمرت سيارة في أنحاء منطقة فوستوتشني، الموجودة في الخط الأمامي للمعركة المحتملة، وحذرت الناس من صاروخ جراد. فاستلقى المشاة على الأرض خوفاً. ورغم ذلك  لم تيأس المدينة حتى الآن، ففي ليلة الجمعة كان الزوار يرقصون و يشربون بمطعم على الشاطئ.

في صباح كل يوم يخرج المتطوعون وعمال المحليات مع عمال يتبعون الدولة أو لا يتبعونها و ينسق هؤلاء جميعاً لتوزيع مواد البناء على أصحاب المنازل المدمرة. ويساعدون أيضاً في إصلاح النوافذ ويوزعون الطعام والملابس على العائلات التى فقدت كل شىء.

وبينما يجتمع قادة العالم في ميونخ السبت لمناقشة عملية السلام بين روسيا وأوكرانيا، كانت “ماريوبول” تجهز استعداداتها الخاصة في قاعة المدينة، حيث تجمعت القيادات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني لمساعدة مدينتهم والنضال من أجل البقاء في ظل وجودهم على خط المعركة الأمامي.

تسبب إنعدام الدعم من كييف في المرارة والانتقاد. فيقول بيتر أندريشنكو، رئيس مبادرة ”معاً التطوعية”: ”تشعر المدينة بالتجاهل من السلطات. و ا يفهم أحد هنا لماذا لا يزور الرئيس أو رئيس الوزراء المدينة منذ سبتمبر الماضي؟ حتى فقط لإراحة المواطنين، أعطونا الأمل”.

و يقول عمدة المدينة أن القوات الموالية لروسيا كانت متواجدة على بعد 16 ميلا فقط من ضاحية فوستوتشني التى يقطنها 30 ألف شخص، ويضيف: ”عندما أصبحت عمدة منذ 17 عاماً، لم أكن أتخيل أن تقوم روسيا، الأمة الشقيقة، بمثل هذا العدوان، وتقصف مدننا ومدارسنا المليئة بالأطفال في حربها ضد أوكرانيا”. وذلك في إشارة إلى المزيج المؤلم من حرب المعلومات، والتآمر والتمرد الذين أصبحوا مميزين للإستراتيجية الروسية في القتال.

لا يريد أحد في المدينة أن تتورط “ماريوبول” في حرب مدمرة بين الغرب وروسيا، لكن أيضاً لا يوجد أمل في أن المفاوضات الجارية حالياً بين كييف وموسكو والأوروبيين ستكون مثمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى