سياسة

فرانك ويزنر: أمريكا “ماتستغناش” عن مصر

السفير الأميركي الأسبق في مصر فرانك ويزنر يطالب الأمريكيين بالواقعية في العلاقة مع مصر

su

فرانك جي. ويزنر – ذا دايلي بيست

إعداد وترجمة – محمود مصطفى

انتخاب الرجل القوي الجديد كان النتيجة المحسومة لصناديق الاقتراع المصرية، ولكن وسط الانتقادات،  يدرك الواقعيون إن الولايات المتحدة عليها أن تفكر في علاقاتها بمصر على المدى الطويل.

كسفير لمصر في فترة ما قبل حرب الخليج الأولى، أتيحت لي الفرصة لأكون شاهداً على أهمية مصر كشريك في دعم المصالح الأمنية الامريكية والاستقرار في المنطقة.

أثناء حرب تحرير الكويت، شاركت مصر برابع أكبر عدد من القوات في التحالف الدولي كما أن جزءاً كبيراً من القوات الأمريكية وقوات التحالف مر عبر المطارات المصرية والمجال الجوي المصري وقناة السويس وكل ذلك بتعاون كامل من الحكومة المصرية.

وحشدت مصر أغلبيية الدول العربية دفاعاً عن الكويت وهو ما كان إسهاماً حيوياً للدبلوماسية الأمريكية.

التعاون المصري الأمريكي خلال أزمة الكويت كان نتيجة لعلاقات وثيقة بدأت عام 1973 بعد حرب أكتوبر بين إسرائيل وجيرانها العرب. وخلال الحرب الباردة كان هذا التعاون عاملاً هاماً في تحجيم النفوذ السوفييتي في مصر والمنطقة، كما قاد إلى سلام بين مصر وإسرائيل دام 30 عاماً.

التعاون خلال حرب الخليج الأولى استمر بعد ذلك، ويصعب تخيل كيف كانت ستتدخل الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان دون تعاون مصري.

ومع ذلك، فعلاقاتنا الإستراتيجية بمصر اليوم في منعطف قد يؤدي لنتائج جسيمة يمتد أثرها لعقود قادمة إذا ما فشلت الولايات المتحدة في تحمل مسئولياتها كشريك تجاه مصر في الفترة الإنتقالية الحالية والتحولات السياسية التي تشهدها وجهودها للقضاء على العنف.

أتابع الأحداث في مصر باهتمام، وما يحدث هناك يعطيني الأمل والقلق في آن. مع أخذ كل شيء بعين الاعتبار، أنا مقتنع أن مصر ستخرج من تحدياتها الحالية دولة مستقرة وربما أكثر ديمقراطية،  ولكني بالمقابل لست واثقاً بالصورة ذاتها فيما يخص مستقبل العلاقات الأمريكية المصرية المشتركة.

من الواضح أن مصر دخلت مرحلة جديدة في تاريخها، مرحلة ستدار فيها مصر بطريقة أكثر استقلالية وستحمي فيها سياادتها بحمية أكبر وسستعى لمد علاقاتها بشركاء دوليين يرغبون في مساعدتها وسيؤثر المزاج الشعبي على السياسات الحكومية وهذا لم يكن الوضع خلال سنوات مبارك.

الولايات المتحدة لم تستوعب كلية أن لا عودة للوراء في مصر، لا إلى عهد مبارك ولا إلى زمن الاخوان، فالمصريون يسعون إلى الاستقرار بعدما عانوا خلال ثلاث سنوات من الفوضى لكنهم يريدون أن يكون هذا الاستقرار عادلاً.

وفي سعيهم نحو هذا الاستقرار، يريد المصريون من أصدقائهم تفهّم الوضع، وبالأخص من الولايات المتحدة. والمفكرون المصريون والجماهير على نطاق واسع لا يعتقدون بأننا نعطي مصر الاهتمام التي تستحق.

وأنا أيضاً لا أعتقد أننا أدمجنا مصر الجديدة في استراتيجية إقليمية تخدم المصالح الأمريكية. إدارة العلاقات مع مصر في السنوات القادمة ضرورية لمستقبلنا في المنطقة وللسلام في الشرق الأوسط، ومن المرجح أن تختبر هذه المهمة مهارات ومواهب أفضل الدبلوماسيين الأمريكيين.

تظل العلاقات المصرية الامريكية مهمة استراتيجياً، حيث لا يمكن التعامل بنجاح مع أي من الأزمات الإقليمية المهمة للمصالح الوطنية الامريكية بدون مصر. ويتضمن هذا تهدئة الوضع في سوريا وليبيا والسودان وإدارة مياه نهر النيل، وطمأنة العالم العربي السني وخاصة دول الخليج بأنها ليست وحيدة في مواجهة  إيران، واستمرار جهود عدم انتشار الأسلحة النووية في المنطقة، وبالطبع السلام العربي الإسرائيلي.

الحلول لكل من هذه الأزمات قد يبدو صعباً اليوم لكنها تظل مهمة للولايات المتحدة لسنوات قادمة والتعاون مع مصر سيكون جوهرياً.

فنحن نحتاج لعلاقات قوية مع مصر وفي السنوات القادم سيعني ذلك علاقات قوية مع من يمسكون بالسلطة وسيستمرون في التحكم بها.

توجد انتقادات في هذا البلد عن ما يحدث في مصر، وهذه الانتقادات نواياها طيبة فنحن نتحمل مسئولياتنا كحماة لحقوق الإنسان، لكن مصر تحاول مواجهة العنف ومخاوفنا لا تصلح للمقارنة مع حدة مشاعر المصريين تجاه السياسات الأمريكية. ولا يجب أن ندع القلق يسيطر على أحكامنا.

لا توجد قضية اليوم أكثر أهمية من علامات العلاقة المشتركة مع مصر، المساعدات العسكرية والإقتصادية، وتعطيل مساعداتنا يفسر على أنه تصرف عدائي بشدة خاصة ومصر تواجه تمرداً في سيناء.

المسئولون في الإدارة الامريكية وأعضاء الكونجرس يناقشون بحرص اليوم مستقبل المساعدات لمصر، وبينما يدور النقاش في واشنطن على الساسة وصناع القرار الأمريكيين أن ينظروا إلى العلاقات الثنائية بين مصر والولايات المتحدة في إطار مصالحنا الإستراتيجية على المدى البعيد، وأن يسمحوا للمساعدات العسكرية والاقتصادية التي وعدنا بها أن تستمر.

*سفير أمريكا في القاهرة من 1986 – 1991

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى