منوعات

فيلم تسجيلي يكشف سر قدرة التحمل المذهلة للجنود النازيين

قُدمت القليل من المساعدات إلى من أصبحوا مدمنين

live science

ترجمة وإعداد: ماري مراد

يبدو أن قدرة التحمل اللافتة للنظر للجنود الألمان وحلفائهم خلال الحرب العالمية الثانية كان يكمن ورائها سبب سري: مخدرات تحسين الأداء.

خلال أربعينيات القرن الماضي، كانت القوات النازية تزود بسخاء بمخدرات يُطلق عليها البرفتين أو “Pervitin”، بينما بقي الجنود الأمريكيون والبريطانيون متيقظين بمساعدة الأمفيتامين البنزيدرين.

ووزع الضباط الطبيين على الجانبين هذه المحفزات- وأخرى مثل الكوكايين- لإبقاء الجنود متيقظين لأيام، بهدف تمكين القوات من الأداء لفترة أطول وتخفيف التأثيرات المخيفة والمنهكة لصدمة القذائف واضطراب ما بعد الصدمة، وذلك بحسب الفيلم الوثائقي “Secrets of the Dead: World War Speed” الذي عُرض في 25 يونيو على PBS.

ومع الكشف عن القبول الرسمي لسباق سلاح الأدوية، فقد اتضح أن الجنود الذين تعاطوا هذه المخدرات تم دفعهم للقيام بمهام تفوق قدراتهم العادية، لكن التأثيرات طويلة المدى لاستخدام المخدرات تم تجاهلها من قبل المسؤولون الطبيون في الجيش، حسبما ذكر ممثلو “PBS” في بيان.

ويؤثر الأمفيتامين (عبارة عن مجموعة من المحفزات تتضمن الميثامفيتامين) على الجهاز العصبي المركزي، وفقًا للمعاهد الوطنية للصحة. ويشير المعهد القومي لتعاطي المخدرات “NIDA “بأن هذه المخدرات تؤدي إلى الشعور بالنشوة وتزيد من اليقظة وتقلل من الشهية. وبالنسبة لـ” الميثامفيتامين”، فإن المزيد من المخدر في جرعة واحدة يغمر الدماغ مباشرة، وذلك مقارنة بالأمفيتامينات الأخرى، مما يعني أنه يدوم لفترة أطول وقد تكون أكثر ضررًا بالجهاز العصبي المركزي، وفقًا لـ “NIDA”.

وذكر المستشار الوثائقي ومؤرخ الحرب العالمية الثانية، جيمس هولند، أن التسويق لبرفتين ميثامفيتامين الألماني في ثلاثينيات القرن الماضي كان على أساس أنه يحسن الحالة المزاجية ويزيد النشاط، وأجرى العلماء تجارب على البرفتين قبل الحرب لمعرفة كم من الوقت يستطيع الطلاب، المستخدمين لهذا العقار، البقاء متيقظين وأداء الامتحانات بشكل جيد.

وأشار هولند، في حديثه إلى “Life Science”، إلى أنه بحلول أربعينيات القرن الماضي، وُزع البرفتين على نحو واسع بين الطيارين في لوفتوافا (القوات الجوية النازية) لإعدادهم لصعوبات ومشقات المهام الطويلة أو لمنع تأثير قلة النوم أو الجوع إذا أُسقطت طائراتهم.

ولفت إلى أن هذا كان عام “ذا بليتز”- الذي قصف فيه النازيون دون رحمة بريطانيا- وهو مبادرة دعمتها كميات هائلة من السرعة.

وتُقدر سجلات من مكتب الحرب البريطاني خلال 3 أشهر من قصف لندن- من أبريل إلى يونيو 1940- إرسال أقراص البرفتين إلى 3 مليون جندي وطيار وبحارة ألماني، حسبما أفاد نيكولاس راموسين، الأستاذ في كلية اللغات والعلوم الإنسانية بجامعة نيو ساوث ويلز في أستراليا، في عام 2011 لـ”The Journal of Interdisciplinary History”.

ومن جانبهم، لفت ممثلو “PBS” إلى أنه بعد ضخ المخدرات، زحف جنود فيرماخت (كما كان يُطلق على القوات في ألمانيا النازية)، وحاربوا لمدة 10 أيام متواصلة، كما حاصروا وهزموا الجيش البريطاني في دونكيرك في انتصار عسكري حاسم.

وفي بريطانيا، أشار راموسين إلى انتشار شائعات عن الطيارين النازيين للقاذفات الانقضاضية بمقاومة خارقة من خلال المخدرات، ووصفت الصحف مشاهد لرجال مظلات ألمان كانوا “مخدرين بشدة وبواسل.

وبعدما اكتشف عملاء الاستخبارات البريطانية أقراص البرفتين في طائرة ألمانية غارقة، توصل المسؤولون إلى خطة لتزويد الجنود الحلفاء بميزة كيميائية ممثالة. وذكر هولاند أنه في النهاية استقروا على الأمفيتامين البنزيدرين في شكل أقراص ومستنشقات. ورسميًا، أُجيز استخدامه في 1941، ليتم توفيره وفقًا لتقدير الضابط الطبي الملحق بالأسطول أو القاعدة الجوية.

ورغم أن البنزيدرين لم يكن خطيرًا مثل البرفتين، فإنه يحمل مخاطر. وقال هولاند: “هذا المخدر يمنعك من النوم، لكنه لا يمنعك من الشعور بالتعب الشديد. وليس لجسدك فرصة للتخلص من الإعياء االذي يعاني منه، لذلك تأتي إلى مرحلته التوقف عن تعاطي المخدر والانهيار فحسب. فأنت ليس بإمكانك العمل”.

وتبنت الجيوش الأمريكية والبريطانية استخدام الأمفيتامين في ذلك الحين، وبحسب ما كتبه راموسين في دراسة 2011، فإن المخدر لم يثبت بشكل كاف لتعزيز الأداء في الأشخاص المرهقين. وبالأحرى، تبني الحلفاء المخدر لقدرته على تغيير الحالة المزاج، كما كان يزيد العدوان والثقة بالنفس، إضافة إلى أنه كان يعزز الروح المعنوية.

وعندما حط الجنود الأمريكيون في إفريقيا الشمالية عام 1942، كانوا يعملون أيضًا تحت تأثير السرعة، إذ تم توفير نصف مليون حبة بنزيدرين بناءً على أوامر الجنرال دوايت أيزنهاور، بحسب PBS.

وعرض الفيلم مذكرة تعود إلى عام 1942 لضابط قائد بريطاني يقول فيها إن جنود كتيبة الدبابات المدرعة الـ24 البريطانية تسلموا 20 مليجرامًا من البنزيدرين كل يوم قبل المعركة في مصر. وبالمقارنة، كانت الجرعة الموصى بها للطيارين في سلاح الجو الملكي في هذا الوقت كانت 10 مليجرام فقط.

من المعترف به حاليًا أن الأمفيتامينات تمثل خطورة عالية للإدمان. ومع ذلك، فقد رفض الخبراء هذه الفكرة في الأدبيات العلمية في أربعينيات القرن الماضي، وفقًا لما أعلنه الباحثون في عام 2013 في مجلة “the Journal of Psychopharmacology”.

وقال هولاند لـ” Live Science”: “بنهاية الحرب العالمية الثانية، رأيت معرفة متزايدة للتأثيرت الجانبية لهذه المخدرات. ما لم تراه هو ما يجب فعله حيال أولئك الذين أصبحوا مدمنين. الحجم الكامل للإدمان ومدى ضررهم لم يكن مفهوما بشكل صحيح. وفي نهاية الحرب قُدمت القليل من المساعدات إلى من أصبحوا مدمنين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى