رياضة

“جارديان: أرسنال تعاقد مع النني “لاعب الشوارع الذي لا يتعب  

“جارديان: أرسنال تعاقد مع النني “لاعب الشوارع الذي لا يتعب

الجارديان – ديفيد هايتنر – ترجمة: محمد الصباغ

منذ لحظته الأولى  كان يتوجب على محمد النني البقاء دائما  مع الكرة. السبب والده، كان مدرباً لفريق الشباب بنادي بلدية المحلة في مصر، ونفذ ذلك عملياً حتى حين كان النني صغيراً جداً.

يقول النني: ”أتذكر أن والدي طلب مني أن أذهب إلى السرير مع الكرة،“ وأضاف أن والده أخبره :”يجب أن تتواصل مع الكرة.“

وأكمل النني: ”بدأ تدريبي في سن الثالثة. كانت أمنيته الأعظم أن أصبح لاعب كرة قدم محترف.“

كان هذا النهج اللاشعوري يبدو  كلمسة روائية لكن النني أطلق العنان للرحلة التي جعلته من صفوة اللاعبين المصريين ثم احترف ببازل في سويسرا والآن أرسنال.

لاعب النادي اللندني الجديد الذي وقّع مقابل 7,4 مليون جنيه إسترليني،  كان يقضي وقتاً قليلاً بالمدرسة ويخرج لملاقاة أصدقائه ويلعبون مباريات كرة قدم في الشوارع، لم يردها النني أن تنتهي. ويقول: ”عندما كنت طفلاً، عادة كنت ألعب لمدة 10 ساعات في الشارع. أعتقد أن هذا هو الوقت الذي تعلمت فيه الركض كثيراً دون راحة.“

يمتلك النني رئة تعادل في قدرتها ما يمتلكه رياضيو المسافات الطويلة. وفي الموسم الأخير بدوري أبطال أوروبا، حيث أقصي نادي بورتو فريق بازل، لم يركض أي لاعب آخر في أرجاء ملعب أي مباراة أكثر من النني، وتكرر الأمر في بطولة الدوي الأوروبي هذا العام أيضاً والتي ساعد الدولي المصري فيها فريقه على الوصول إلى دور ال32.

حصل نادي أرسنال على شئ هو بحاجة ماسة إليه: جسد جديد في وسط الميدان لمواجهة الإصابات بين صفوف لاعبيه، وهذه المرة اللاعب يمتلك قوة تحمل مميزة.

امتلك النادي أيضاً عقلاً أصبح ينسجم مع المهام المختلفة لمركز متوسط الميدان الدفاعي، ومؤخراً، أضاف إلى ذلك مهام هجومية. في النصف الأول من الموسم، سجل النني خمسة أهداف لناديه بازل في كل المسابقات: أي أكثر من جميع ما سجله في موسمين ونصف سبق ولعبهم مع الفريق وأحرز فيهم 4 أهداف فقط.

انتقل النني إلى بازل في 13 يناير 2013 قادماً من المقاولون العرب في مصر، وكان يتحتم عليه قضاء فترة تجربة في البداية -قال النني عنها: ”كان هناك شعور يهيمن عليّ: الخوف.“- لكنه أذهلهم وحصل على عقد إعارة لمدة 6 أشهر. كان هادئاً وخجولاً، وكل من كان في بازل حينها يتذكره وهو يعيش في ظل صديقه المقرب محمد صلاح.

انتقل صلاح من المقاولون العرب إلى بازل في صيف 2012، وكان ودوداً وواثقاً، ودائم الحديث والمزاح. كان النني يتحدث العربية فقط وبدا صلاح كمترجم له وشقيقه الأكبر الوصي عليه.

قام النني بما يكفي ليوقّع بازل معه عقد لمدة 4 سنوات مع نهاية الموسم، ودفع النادي له 800 ألف يورو، لكن مع رحيل صلاح عن بازل إلى تشيلسي في يناير 2014، حدث ما لم يكن متوقعاً، خرج النني من قوقعته. كان مجبراً على الحديث بشكل مباشر مع من في النادي، تحسنت لغته الإنجليزية واندماجه كان سريعاً. انجليزيته حالياً جيدة جداً.

زاد حديث النني على أرض الملعب، أيضاً، وأصبح حضوره أكبر. في البداية، كان من نوع اللاعبين الذين لا يخاطرون، لاعب روتيني لا يترك مركزه في الملعب كوسط ميدان في خطة 4-2-3-1. وكأول متسلم للكرة من المدافعين، بدأ في إظهار قدراته على أن يكون من يبدأ لفريقه اللعب بتمريرات بسيطة وسريعة.

النني ليس من اللاعبين الذين يفرضون أنفسهم على أرض الملعب بقوة بنيته، فهو بدلاً من ذلك قارئ ذكي للمباريات، يعرف متى يحتفظ بالكرة والوقت الذي يعترض فيه الخصوم. هو لاعب جماعي في النهاية، حلم أي مدرب بسبب إحصائياته في الملعب وابتعاده عن الغرور، و تطور تحديداً في هذا الموسم  وأصبح أفضل لاعب في بازل.

استمد النني قوته من عائلته وإيمانه. هو متزوج ولديه ابن وطفل آخرفي الطريق، مسلم متدين يصلّي خمس مرات يومياً. يبقي سجادة الصلاة معه في رحلاته الخارجية ويحرص على خصوصية شهر رمضان.

وقال النني في حوار العام الماضي مع جريدة آراجور زيتنج (Aargauer Zeitung): ”قرر الله أن أكون لاعب كرة قدم ولهذا وقّعت مع نادي بازل. عندما يتحتم علي اتخاذ قرارات، أستمع إليه. لو كان هناك عرضاً أو إشارات من نادي آخر ولم أذهب فهي إرادة الله. والأمر ينطبق على كل شئ آخر.“

النني ليس من نوع اللاعبين الذين تجذبهم الدعايا بعيداً عن الملعب أو تشوش تفكيرهم أضواء المدينة. عاش في بازل ببرج سكني طويل وهو جزء من مجمع ملعب سان جاكوب بارك ،ملعب الفريق. ولإيضاح تركيزه القوي، لنلق نظرة على ماحدث في بداية موسم 2013-2014، حينما لعب بازل مع فريق مكابي تل أبيب في بطولة دوري أبطال أوروبا.

الضغط من مصركان كبيراً على كل من النني وصلاح كي لا يلعبا المباراة، وبدأ صلاح جدلاً سياسياً حين قال إنه لن يسافر مع الفريق إلى إسرائيل. غيّر موقفه بعد ذلك لكنه رفض مصافحة لاعبي فريق مكابي قبل بدء المباراة. أما النني فببساطة مارس عمله كلاعب كرة قدم. وقام بالمصافحة التي تتم قبل المباريات.

يستعد النني لمرحلة أخرى في حياته المهنية، وهناك مخاوف لا مفر منها بسبب افتقاده لخبرات الدوري الإنجليزي. ظهر بشكل جيد في المواجهات الأوروبية ضد أندية انجلترا- ليفربول وتشيلسي وتوتنهام- مع ناديه السابق بازل.

وكانت مواجهتيّ ليفربول في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي هما الأبرز. تألق النني ف المباراة ضد ليفربول بالأنفيلد في المباراة الأخيرة بدور المجموعات، حين حصل بازل على تعادل يحتاجه للوصول إلى دور ال16، لكن المواجهة الأخرى في سان جاكوب بارك كانت الأكثر عاطفية بالنسبة له.

كانت الليلة التي قام فيها والده بأول رحلة إلى خارج مصر لمشاهدة مباراة للنني، وبعد تحقيق الفوز بنتيجة 1-0، التقطت صوراً له وهو يعانق ابنه والدموع في عينيه. كان للني حلماً آخر، وهو التسجيل في حضور والده. وبعد شهرين من تلك المباراة، عندما حضر والده للمرة الثانية فقط، سجل النني هدف التعادل ضد فيورينتينا في بطولة الدوري الأوروبي.

الجذور عميقة بين الأب والإبن. وهما مستعدان لمشاركة لحظات تاريخية أكثر.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى