منوعات

كارثة.. فحوصات المعامل الجنائية لـ”DNA” أحيانًا “مضللة”

أي متغير صغير لديه القدرة على إفساد كل شيء

المصدر: techdirt

ترجمة: ماري مراد

من المفترض أن يكون الحمض النووي “DNA” المعيار الذهبي للأدلة، وأنه مميز للغاية لدرجة أنه لا يمكن أن يدين الشخص الخطأ، لكن حتى الآن يُمنح الحمض النووي فضلًا أكثر مما يستحق.

جزء من المشكلة أنه غير مقروء بالنسبة إلى الناس العاديين، وهذا سمح لفنيي المختبر الجنائي أن يدلوا بشهادتهم على مستوى من اليقين لا تدعمه البيانات، وهناك مشكلة أخرى أكبر بكثير هي الاختبار نفسه، إذ يبحث عن تطابق الحمض النووي في عينات مغطاة بحمض نووي منفصل، وبالتالي فإن التلوث مضمون.

وفي أحد الأمثلة المذهلة على عيوب اختبار الحمض النووي: قضى إنفاذ القانون الأوروبي سنوات في مطاردة قاتل متسلسل غير موجود، الذي تناثر الحمض النووي الخاص به عبر العديد من مشاهد الجريمة قبل إدراك أن ضباط الحمض النووي حافظوا على نتائج تنتمي إلى الشخص الذي يعبئ مسحات الفحص المستخدمة من قبل المحققين.

لا تزال سمعة اختبار “DNA” في الغالب غير ملوثة. وفي الواقع تختلف طرق الاختبار اختلافًا كبيرًا من مختبر جريمة إلى آخر، كما هو الحال بالنسبة لمعايير الإعلان عن التطابق. ويفقد الناس حريتهم بفضل العلم غير الدقيق والتعامل الطائش في العينات، ويحدث هذا بشكل متكرر أكثر مما يمكن أن يعتقده أي شخص مشارك في اختبار مختبر جنائي.

وتناقش افتتاحية عن أخطاء اختبارات مختبرات جنائية في صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية -كتبها أستاذ علم الأحياء في جامعة بويز جريج هامبيكيان- هذه المشكلة المستمرة باستخدام بعض العلوم الخاصة به: دراسة ” NIST” التي صدرت حديثًا (GRITS FOR BREAKFAST).

في الدراسة، أعطى باحثون من المعهد الوطني للمعايير والتكنولوجيا نفس خليط الحمض النووي لنحو 105 مختبرات للجريمة أمريكية، و3 مختبرات كندية، وطلبوا منها مقارنة الخليط بالحمض النووي لـ3 مشتبه بهم في سرقة بنك وهمية.

كان الحمض النووي لأول شخصين ضمن الخليط وطابقت معظم المختبرات الحمض النووي الخاص بهما بالشكل الصحيح، ورغم هذا توصل 74 مختبرًا بشكل خاطئ إلى أن العينة شملت أدلة الحمض النووي للمشتبه الثالث، “الشخص البريء” الذي كان ينبغي أن تمت تبرئته من الجناية الافتراضية.

هذه بالفعل مشكلة. فحياة الناس معرضة حرفيًا للخطر، ومن المرجح أن يتخذ اختبار مختبر جنائي قرارًا خاطئا بخصوص الدليل أكثر من القرار الصحيح. وما هو مثير للقلق حقا أن هذه الدراسة اكتملت في عام 2014، ولكن تم إخفاء التقرير على ما يبدو من قبل العلماء المتورطين.

لقد مرت أربع سنوات منذ اكتمال الدراسة ويبدو أنه لم يتم إجراء أي تحسينات. وتلاحظ الدراسة أن بروتوكولات الاختبار تختلف اختلافًا كبيرًا ويُبذل القليل من الجهد لتحسين الإجراءات المعرضة للخطأ. بالإضافة إلى ذلك، تأتي الدراسة مع إنكار يقصد به ثني الخصوم عن تحدي دليل الحمض النووي، من خلال اقتباس نتائج الدراسة.

النتائج الموضحة في هذه المقالة تقدم فقط لقطة سريعة لتفسير خليط الـ”DNA” كما هو معمول به من قبل المختبرات المشاركة في عامي 2005 و2013. وأي تقييم للأداء العام يقتصر على المختبرات المشاركة التي عالجت مسائل معينة مع البيانات المقدمة على أساس معرفتهم في ذلك الوقت.

وبالنظر إلى الطبيعة العدائية للنظام القانوني، وإمكانية محاولة البعض إساءة استخدام هذه المقالة في الحجج القانونية، فإننا نرغب في التأكيد على أن التغير الملحوظ في تفسير خليط الـ”DNA” لا يمكن أن يدعم أي ادعاءات واسعة بشأن “الأداء الضعيف” في جميع المختبرات التي تنطوي على فحص جميع خليط الحمض النووي في الماضي.

هذا بالتأكيد لا يرفع ثقة القارئ في اختبار الحمض النووي للمختبر الجنائي. وبدلاً من ذلك، فإنه يعطي الانطباع بأن التأخير الممتد لأربع سنوات بين الانتهاء والإطلاق العام كان لأغراض دفاعية، حيث بحث علماء الطب الشرعي في مختبر جنائي عن طرق كبح تأثير نتائج الدراسة.

ولكن هناك أيضا مشاكل في الدراسة نفسها. يبدو أن واضعي الدراسة بعيدون تمامًا عن الرغبة في انتقاد أداء معامل الجريمة لفشلها. وبدلا من الإشارة إلى المشاكل الناشئة عن الافتقار إلى العمليات القياسية، تستخدمها الدراسة لتبرير الفشل.

وكما يقول هامبيكيان من غير المريح قراءة إشادة مؤلفي الدراسة بالمختبرات لعملها الدقيق عندما يضعون الأمر في نصابها الصحيح، ولكنهم يقدمون أعذارا لها عندما تخطئ. فالعلماء في المختبرات الجنائية بحاجة إلى تغذية مرتدة واضحة لتغيير الأساليب الراسخة والمعرضّة للخطأ، وينبغي تشجيعهم بشدة على إعادة فحص الحالات القديمة التي استخدمت فيها هذه الأساليب.

الدراسة تؤكد الكثير مما تم كشفه في وقت سابق: قد يعتمد دليل الحمض النووي على العلوم الجامدة، لكن أي متغير صغير -بما في ذلك تلطيخ عينات الحمض النووي الحتمية- لديه القدرة على إفساد كل شيء. وعندما يستخدم كدليل في المحاكمات الجنائية، فإن لديه القدرة على تدمير الأرواح.

هذه الدراسة تظهر -على الأقل بشكل غير مباشر- أن المختبرات التي تتعامل مع أدلة الحمض النووي لا تأخذها على محمل الجد كما ينبغي.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى