سياسة

“تيليجراف”: أحمق من يقول إن ترامب لن يمكنه الفوز

“تيليجراف”: أحمق من يقول إن ترامب لن يمكنه الفوز

تيليجراف- سيمون هيفر

ترجمة- محمد الصباغ

لا يجب أن تكون إزاحة دونالد ترامب للجمهوريين الآخرين من السباق الرئاسي الأمريكي أمرًا مفاجئًا. أشرت منذ عدة أشهر إلى أنها أكثر خطورة مما نعتقد -أو أردنا أن نعتقد- ولو أراد الحزب الجمهوري تدمير نفسه فعليه أن يحاول عرض مرشح آخر: لكن على كل حال، ترامب أصبح في المرحلة النهائية.

ربما لا يكون الرئيس القادم: لكن، مرة أخرى، ربما تكون تلك النتيجة أقرب مما يعتقد كثيرون أو يريدون الاعتقاد. تظهر الاستطلاعات أن الدعم الذي يتلقاه يمتد إلى الطبقة العاملة من أصحاب البشرة البيضاء. لا تستطيع طبقة السياسيين أن تعرف كيف أصبح أول شخص يصل إلى المرحلة النهائية من الانتخابات دون أن يشغل أي منصب بالانتخاب منذ أيزنهاور، ذلك لأن لديهم إدراكا ومفاهيم بالية حول الشعب الأمريكي الذي لم يعد يتفق مع الصور النمطية في الماضي، الصور النمطية المرتبطة باحترام السياسيين الذي تغير تماما بالسلوك الازدرائي والفاسد غالبا. وشيء مشابه هو حقيقة في بريطانيا، إذ إن كثيرين في جامعة ويستمنستر لا يستطيعون فهم سبب ازدهار حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي خلال عملية التصويت.

بلا شك، سيظل بعض الجمهوريين في رعب من ترامب، وسيفعلون أي شيء لإيقافه. يمكنهم دعم هيلاري كلينتون -الخيار الآخر المحتمل- الآلة السياسية الموحشة من النوع الذي سيشعرون معه بالراحة، على الرغم من بغض سياساتها وشخصيتها بالنسبة إليهم. ومن بين شركائهم، جورج إف ويل، الجدير بالثقة، الذي قام بإهانة النخبة السياسية بالحزب الجمهوري عبر إشارته بأن ترامب سيخسر في الخمسين ولاية.

يستحق ويل العلامة الكاملة على صراحته تلك، لكن يبدو أن ”ويل“ لم يدرك أن ما قاله جعل من ظاهرة ترامب شيئا ممكنا. يمتلك ترامب فرصة الوصول إلى البيت الأبيض لأن الجمهوريين الجدد إما حكموا بصورة كارثية -مثل جورج دابليو بوش- أو ليس لديهم ما يقدمونه غير الأمور البديهية والساذجة، كما حدث مع رومني في 2012. النخبة السياسية التي تهاجم ترامب بضراوة الآن -سواء أكانوا سياسيين فشلة كميت رومني أو معلقين مثل ويل- هم نفس الأشخاص الذين جعلوا منه قوة سياسية.

يستطيع ترامب الفوز في نوفمبر، وهيلاري كلينتون لا تتمتع بشعبية بقدر كبير. الكثير من داعمي بيرني ساندرز -الذي ما زال في السباق، ويأمل أن يتحول بعض الديمقراطيين عن دعمهم لهيلاري حيث هو الأكثر قدرة على الفوز ضد ترامب- قد يمتنعون عن التصويت أفضل من التصويت لكلينتون. وبشكل متناقض، بعض الجمهوريين الذين يفعلون مثل ما يقوم به ترامب سيقومون بما طالب به ”ويل“ وسيصوتون لكلينتون. لكن ترامب سوف يجعل ملايين الأمريكيين الذين لم يدلوا بأصواتهم في الانتخابات التمهيدية أن يصوتوا في الانتخابات العامة، لأنه يقدم شيئا عادة لا يكون موجود في الانتخابات العامة.

ترامب لا يمكن توقعه، ولن يلعب وفقا لقواعد اللعبة. سوف يتحدث عن ممولي حملة كلينتون، والخدمات التي قدمتها لوول ستريت. ولن يصمت عن فترة رئاسة زوجها المغمور القصيرة. سوف يهاجمها بسبب ما حدث في بنغازي، وقتل السفير الأمريكي حينما كانت وزيرة للخارجية. سيهاجمها لاستخدامها بريدها الإلكتروني السري الذي تعرض للاختراق، في تخزين أسرار الدولة. الأمر الذي قد ينتهي باتهامها. سوف يتحدث بشكل سخيف عن قبولها لحملة تبرعات مقابل حضورها حفل زفافه الأخير. وسيهاجمها حول أشياء لم يفكر بها بعد، وسيحب ذلك عشرات الملايين.

ربما بدلاً من الحديث عن استحالة فوز ترامب، يجب أن نركز على تبعات حدوث ذلك. ما إذا كان كاميرون سيعتذر له بسبب الإهانات التي وجهها له، والتي تظهر مرة أخرى كيف أن رئيس وزرائنا من النادر أن يفكر في نتائج أقواله وأفعاله، وسيعتمد ذلك على ما إذا كان سيستمر في منصبه كرئيس للوزراء وقت أن يصبح ترامب رئيسًا. قد يعتمد ذلك على الاستفتاء. على أي حال، هناك أشياء أخرى يمكن الاهتمام بها أكثر من غباء وغرور قرار كاميرون بالحديث علانية عن سياسات دولة أخرى.

لو اتبع ترامب ما وعد به من بدء حرب اقتصادية لحماية العمال الأمريكيين، سيكون هناك صدمة كبيرة للاقتصاد العالمي. ستكون هناك سياسة مختلفة تمامًا في الشرق الأوسط، مع وعود ترامب بمواجهة كاملة مع عدوه اللدود، الإسلام. قد يؤثر ذلك بشكل عميق على أمن ودفاع الدول الحليفة، أو المفترض أنها حليفة لأمريكا.

وبجانب خطر الإسلام الراديكالي، هناك روسيا العدوانية التي وسعت من مناطقها ونفوذها والفضل يعود إلى الجمود الأمريكي تحت إدارة الرئيس باراك أوباما وعجز الاتحاد الأوروبي. عندما يجلس الرئيسان بوتين وترامب معا لأول مرة -شخصان بنفس عقدة الذاتية والنرجسية ومتشابهان كثيرا- النتيجة ستكون إما حرب باردة جديدة أو التحالف الأبرز في التاريخ.

لا عجب من توتر السياسيين التقليديين. هناك ثورة للفلاحيين في طريقها للحدوث بأمريكا -كما هي بالفعل في بريطانيا ومعظم أوروبا- وهم المستهدفون من الغضب الثوري. لا تهدف بأقل من إنهاء النظام القديم -نظام فشل لأنه احتقر مشاعر الناخبين الذين اعتقدوا أنهم بدولة ديمقراطية.

ربما نفّر دونالد ترامب كثيرا من الأمريكيين من أجل الفوز. لكن في المناخ الحالي، الأحمق فقط هو من يقول إنه لن يفوز.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى