ترجماتسياسة

هآرتس: لماذا يجب على إسرائيل تصعيد تهديداتها ضد إيران الآن؟

هآرتس: على إسرائيل تبني “الدبلوماسية القسرية”  لمواجهة إيران

ترجمة: ماري مراد

المصدر: هاآرتس

عرض تشاك فريليتش، نائب سابق لمستشار وزير الأمن القومي الإسرائيلي، وزميل أقدم في مركز بلفر بجامعة هارفارد، الأسباب التي تدفع إسرائيل لتصعيد تهديداتها ضد إيران الآن، مشددا على ضرورة تأكد تل أبيب من أن طهران لن تضغط على حدودها الشمالية “حتى إن كان هذا يعني حربا مع سوريا وغارات جوية على إيران”.

وفي مقالته بصحيفة “هاآرتس” الإسرائيلية، أكد الكاتب أنه رغم الخطاب الصارم للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن واشنطن توقفت عن لعب دور قيادي في الشرق الأوسط، بعكس روسيا التي نشرت نفوذها عبر المنطقة من خلال المناورات الاستراتيجية المتميزة وبيع الأسلحة ومفاعلات الطاقة النووية.

وإلى نص المقالة:

إسرائيل لديها تهديدان خطيران اليوم قد يتطلبان قريبا قرارات صعبة جدا، وربما يقودان إلى حرب.

محور إيران وسوريا وحزب الله في الشمال يزداد قوة تحت رعاية روسية، في حين تحاول إيران تأسيس قواعد دائمة ومصانع صواريخ في سوريا ولبنان، ويبدو أن إيران أوقفت بشكل مؤقت جهودها ردا على الهجمات التي يُزعم أن إسرائيل نفذتها في سوريا، لكن ربما جددتها مؤخرا.

لا يمكن لشخص القول بثقة ماذا تفعل إيران، ومن المحتمل أن يكون رئيس الوزراء وغيره من المتحدثين الإسرائيليين قد بالغوا في تقدير التهديد عمدا من أجل تركيز الاهتمام الدولي عليه.

وفي الوقت نفسه، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هدد بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران بحلول مايو ما لم يوافق حلفاء الولايات المتحدة على إصلاحه قبل هذا التوقيت، والحلفاء- نتيجة غياب بدائل أفضل وخوفا من احتمالية انهيار الاتفاق- أعربوا عن استعدادهم للقيام بذلك، وإذا حدث هذا فعلا، سيكون إنجازا رائعا للرئيس، تحقق بأسلوبه المعتاد بطريقة مخزية وغير متوقعة.

المشكلة الحقيقة، رغم ذلك، أنه ليس من الواضح تماما أن ترامب يسعى حقا للتوصل لاتفاق مع الأوروبيين، فإن أفعاله الأخيرة، منها تعيين وزير داخلية جديد ومستشار للأمن القومى، تشير إلى اتجاه معاكس، أنه ينوى الانسحاب من الاتفاق، وعلى أي حال فإن جعل الإيرانيين يوافقون على أي تغييرات سيكون عملا شاقا.

وفي حين أن كل ما سبق يحدث، فإن الحرب الإقليمية على السلطة استمرت على قدم وساق، مع استمرار إيران في ترسيخ نفسها كمهيمن إقليمي، يسيطر على الهلال الشيعي الممتد على طول الطريق إلى البحر الأبيض المتوسط ، وسط الضعف السني المستمر.

الولايات المتحدة- رغم خطاب الرئيس الصارم- توقفت عن لعب دور قيادي في الشرق الأوسط، وروسيا، على العكس، كانت تنشر نفوذها عبر المنطقة من خلال المناورات الاستراتيجية المتميزة وبيع الأسلحة ومفاعلات الطاقة النووية، وكخطوة دبلوماسية، فإن إسرائيل محقة في محاولة تركيز الاهتمام الدولي على أنشطة إيران في سوريا، حتى بتعظيم التهديد إلى حد ما، ويجب أن تستند سياسة إسرائيل الفعلية إلى فهم دقيق قدر الإمكان لما يفعله الإيرانيون فعلاً.

أعتقد أن إسرائيل قوية وآمنة بما فيه الكفاية لتبني استراتيجية أمنية وطنية قائمة على أساس ضبط النفس، لذا دعوت إلى التأكيد بشكل أكبر على الدفاع والدبلوماسية، وأعتقد أن إسرائيل لا يمكنها أن تسمح لإيران بتأسيس وجود عسكري دائم على حدودها، بما في ذلك القواعد الجوية والبحرية والبرية، والتغيير في الظروف الاستراتيجية لإسرائيل سيكون خطيرا.

إذا أثبتنا أن إيران تحاول بالفعل تأسيس جود عسكري دائم في سوريا، يجب على إسرائيل تبني موقف رادع صارم وواضح مصمم لمنع إيران من القيام بذلك، ولتحقيق هذه الغاية، يجب أن تتبنى نهج “الدبلوماسية القسرية”، أي التهديد الموثوق باستخدام القوة العسكرية على وجه التحديد لتجنب الصراع وتحقيق النتيجة الدبلوماسية المرغوبة.

وكجزء من هذا النهج، ولدفع السوريين لوضع نهاية لأنشطة إيران في بلادهم، يجب أن تفهم دمشق أنها حقا “تلعب بالنار” هذه المرة وأن إسرائيل سترد بشن هجمات تدريجية ضد أهداف تابعة للنظام السوري لدرجة تهدد وجوده، أيضا إيران يجب أن تفهم أنها إذا استمرت في جهودها فإنها لن يكون لديها حصانة من الهجمات.

هذا الاقتراح قد تؤدي إلى تصعيد حاد وحتى إلى الحرب، ولكن إذا تبين أن السوريين والإيرانيين تجاهلوا تحذيرات إسرائيل، سنكون في طريقنا إلى الصراع على أي حال، ومن الأفضل أن تخضع إيران للاختبار الآن قبل عبورها العتبة النووية.

سياسة الردع الإسرائيلية مثل هذه ستؤدي بلا شك إلى رد روسي قوي، وهذا هو الغرض بالضبط، لإجبار روسيا على كبح جماح سوريا وحزب الله وإيران ومن ثم منع الصراع، ومن الواضح أن هذا النهج يتطلب أقصى قدر من التنسيق مع الإدارة الأمريكية، بقدر ما هو موجود اليوم، ورغم حديث الرئيس القوى، فإن الهجوم العسكري الأمريكي ضد البرنامج النووي الإيران غير محتمل، وبالطبع تستطيع إسرائيل مواصلة إجراءات سرية ضده، لكنها أثبتت فاعليتها المحدود حتى الآن.

إذا فُسخ الاتفاق النووي سيكون أمامنا خيارا واحدا: ضربة إسرائيلية، وعلى الجانب الإيجابي فإن مثل هذه الضربة ربما تحظى بدعم الولايات المتحدة، في حين أن معارضة إدارة أوباما كانت السبب الرئيسي وراء امتناع إسرائيل عن الهجوم، وعلى العكس من ذلك لا يمكن أن تتسبب الضربة الإسرائيلية أكثر من تأخير البرنامج الإيراني بضع سنوات، على حساب حرب مع حزب الله وربما إيران نفسها.

يجب أن تشجع إسرائيل إدارة ترامب للوصول إلى حل وصل مع الأوروبيين وفعل هذا، إذا كان ضروريا، بإصلاح جزئي للاتفاق، وكل الخيارات الأخرى أكثر سوءا، ويجب ترك معركة ضمان عدم انتهاء صلاحية القيود على قدرات إيران النووية للمستقبل، بالاقتراب من انتهاء الصفقة.

إن المعارضين للاتفاق النووي يحتفلون دون شك بالإدراك الوشيك لحلمهم الأكبر، انتهاءه، لكنهم قد يجدون قريبا أن الحلم قد تحول بسرعة إلى كابوس، وتتصرف إسرائيل بالفعل كما لو كانت تردعها إيران وحزب الله، في حين أنها تتوخى الحذر في تصرفاتها في سوريا وتمتنع عن القيام بعمليات هجومية في لبنان، تخيل كيف ستبدو الأمور دون الاتفاق النووي وإذا كانت إيران قد تجاوزت بالفعل العتبة النووية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى