سياسة

نتنياهو: هتلر لم يكن يريد حرق اليهود ..ومفتي القدس أقنعه

نتنياهو: هتلر لم يكن يريد حرق اليهود

نيويورك تايمز – جودي رودرين – ترجمة: محمد الصباغ

انضم مؤرخون إسرائيليون ومعارضون سياسيون يوم الأربعاء إلى الفلسطينيين الذين أدانوا تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التى قال فيها إن مفتي القدس هو من ألهم هتلر بفكرة إبادة اليهود الأوروبيين خلال الحرب العالمية الثانية.

قال نتنياهو في خطاب أمام المجلس الصهيوني أمس الثلاثاء إن ”هتلر لم يرد إبادة اليهود آنذاك، بل أراد نفيهم فقط“، وأضاف رئيس الوزراء أن المفتي، الحاج أمين الحسيني، أظهر لهتلر أن ”جميعهم سيأتون إلى هنا“ مشيراً إلى فلسطين. ووفقاً لحديث نتنياهو كان رد هتلر ”إذاً ماذا أفعل بهم؟“ فرد هنا الحسيني قائلاً ”احرقوهم“.

وصف ميير ليتفاك، المؤرخ بجامعة تل أبيب الخطاب بأنه ”كذب“ و ”عار“. في حين أن موشي زيمرمان، المتخصص في التاريخ الألماني بالجامعة العبرية قال: “بذلك، قد يصطف نتنياهو بجوار الأشخاص الذين ينكرون الهولوكوست“.

أما إيزاك هيرزوج، زعيم المعارضة في الكنيست الإسرائيلي فقال إن الاتهام ”خطير ومشوه للتاريخ“، وطالب نتنياهو ”بتصحيحه فوراً“.

حتى موشي يعلون، وزير الدفاع والعضو البارز في حزب نتنياهو الليكود، قال إن ”التاريخ بالفعل واضح جداً جداً“، وأضاف: ”هتلر بدأ الأمر. ثم تبعه الحاج أمين“.

ويأتي الجدل خلال أسابيع من العنف المتصاعد والذي خلاله اتهم نتنياهو وقادة إسرائيليون بشكل متكرر القادة الفلسطينيين، ومن بينهم الرئيس محمود عباس، بالكذب، في المقام الأول حول الممارسات الإسرائيلية في المناطق المقدسة المتنازع عليها في المدينة القديمة.

كان عباس قد تعرضت تصريحاته لتصحيح في الأسبوع الماضي بعد أن زعم خطأً أن القوات الإسرائيلية أعدمت فلسطينياً، 13 عاماً، بعد هجومه عليهم بسكين، بينما كان الشاب حياً ويتم علاجه بأحد مستشفيات إسرائيل.

قلل الكثير من الإسرائيليين من سمعة عباس ووصفوه بـ”منكر للهولوكوست” بسبب كتاب له طعن في عدد الضحايا اليهود واتهم الصهيونية بالتعاون مع النازية لدفع المزيد من اليهود إلى ما أصبحت حالياً إسرائيل. عندما أعلن عباس العام الماضي في بيان إن الهولوكوست ”أبشع جريمة حدثت ضد الإنسانية في العصر الحديث“،  قام نتنياهو باستنكار ذلك.

فيما قال صائب عريقات، الأمين العام لمنظمة التحرير الفلسطينية، الأربعاء إن تصريحات نتنياهو ”قد عمقّت الإنقسام“ وندد بها واصفاً إياها ”لا يمكن الدفاع عنها أخلاقياً فهي تحريضية“. وأضاف عريقات في بيان ”ألقى نتنياهو باللوم على الفلسطينيين في الهولوكوست، وبرأ تماماً أدولف هتلر من الإبادة الجماعية البشعة للشعب اليهودي… إنه يوم حزين في التاريخ عندما يكره رئيس الحكومة الإسرائيلية جاره كثيراً لدرجة أنه مستعد لتبرئة مجرم الحرب الأشهر في التاريخ“.

ورغم أن نتنياهو ذكر في خطاب له عام 2012 أن ”المفتي هو أحد مهندسي الحل النهائي“ –قاصدا الهولوكوست-، إلا أنه وصف انتقاد تصريحاته الأخيرة بـ”السخافة“. وقال: ”لم أرد أن أبرىء هتلر من مسؤوليته لكن أردت أن أظهر أن أسلاف الأمة الفلسطينية أرادوا تحطيم اليهود، حتى مع عدم وجود إرهاب، أو احتلال ، ولا مستوطنات“.

وأضاف أثناء سفره إلى ألمانيا لمقابلة أنجيلا ميركل: ”هتلر مسؤول عن القضاء على يهود أوروبا. هتلر مسؤول عن الحل الأخير بالقضاء على 6 ملايين، وقام باتخاذ هذا القرار.ومن جانب آخر، من السخافة إنكار دور الحسيني“.

أشار مارك ريجيف، المتحدث باسم رئيس الوزراء، إلى كتاب نتنياهو الذي أصدره عام 1993 ”مكان بين الأمم“، والذي أوضح فيه بالتفصيل العلاقات القوية بين النازيين والمفتي، وأظهر خطتهم لترحيل يهود أوروبا ودعم الحل النهائي، نقلاً عن محاكمات نورمبرج لمجرمي الحرب النازيين.

وقال نائب أدولف آيخمان، ديتير فيلسنكي في شهادته: ”إن المفتي كان أحد المبادرين بالإبادة الممنهجة ليهود أوروبا وكان متعاوناً ومستشاراً. كان أحد أصدقاء آيخمان المقربين وكان باستمرار يحرضه على تسريع إجراءات الإبادة“.

يقول زيمرمان من الجامعة العبرية  إن نتنياهو ”نقل مسؤولية الهولوكوست، والقضاء على اليهود، إلى المفتي والعالم العربي. هذه خدعة تهدف إلى وصم عرب اليوم بتهمة عرب الماضي. وتهدف إلى ضم عرب الماضي إلى ألمانيا الماضية بتسهيل الامر لها“.

أما ليفتاك من جامعة تل أبيب فوصف الخطاب بأنه بلغ  ”ذروته في تشويه التاريخ“ وأضاف لراديو الجيش: ”هتلر لم يكن في حاجة إلى إقناع من الحسيني. تحدث هتلر عن القضاء على اليهود في خطابه الشهير عام 1939، وفيه تكهن بأن الحرب ستشتعل واليهود قد بدأوها، والنتيجة ستكون القضاء على العرق اليهودي. وأعاد تلك التصريحات“.

في حين قال ستيفان إيهرج، المؤرخ الالماني بمعهد ليير بالقدس، إن نتنياهو ”محق في الإشارة إلى أن هناك اتصالات بين المفتي الاكبر والنازيين“، وأضاف أنه ”لا يمكن استخدام ذلك في إبعاد المسؤولية عن النازيين“، و إظهار ”كبش فداء جديد“.

وأضاف: ”المنطق والمسار المؤدي إلى الأوشفيتز كان ألمانياً بالكامل ونازياً“، و أكمل: ”وجد النازيون إلهاماً كبيراً في أحداث قديمة ومعاصرة، ومن خلال اتصالهم بالكثير من الأشخاص. لكن من الحماقة أن نفترض أنهم بالفعل احتاجوا لذلك من أجل البدء في طريق إبادتهم الجماعية“.

بينما قال إيدي كوهين من جامعة بار إيلان، والخبير في التعاون العربي مع النازيين، داعماً نتنياهو إنه من المستحيل تحديد المسؤول وحده عن فكرة الإبادة. وقال ”ما أستطيع قوله بالتأكيد هو أن كلاهما ألهم الأخر”، وأضاف أن المفتي عرض فكرة أن يتم إحضار يهود من الشرق الأوسط إلي معسكرات الاعتقال، وقت أن كانت فلسطين دولة تحت الانتداب. وقال:  ”لا نستطيع أن نخترق عقولهم لنعرف من يكره اليهود أكثر“.

واتفق قائد حزب الليكود  تزاتشي هانيجبي مع تصريحات نتنياهو، وقال لراديو إسرائيل إن نتنياهو ”لم يرتكب أي خطأ“. وأضاف أن المفتي ”حاول أيضاً أن يضمن ذلك عندما وصل الألمان إلى إسرائيل، وكان يأمل أن يستطيع الألمان أن يدمروا يهود إسرائيل“.

وأوضح: ”لا جدال في أن رئيس الوزراء لم يخل مسؤولية  هتلر عن القضاء على 6 ملايين من شعبنا، من بينهم عائلتي. لكن الدور الذي لعبه الحاج أمين الحسيني في القرار الذي أدى إلى الحل النهائي أيضاً لا يمكن محوه. وكل الناس الذين يتحركون للدفاع عن الحاج أمين الحسيني اليوم هم من يصنعون كذبة تاريخية“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى