سياسة

بعد 70 عاما من حكم الرجال.. هل نرى “أمينة عامة” للأمم المتحدة؟

أعداد المرشحات لمنصب الأمين العام للمنظمة في تزايد مستمر

نيويورك تايمز – سوميني سينجوبتا – ترجمة: محمد الصباغ

تحدث الدبلوماسي ذو اللحية ورابطة العنق أمام غرفة مليئة بأقرانه حول كيفية اختيار الأمين العام القادم للأمم المتحدة. كان من بين المقترحات التي قدمها الدبلوماسي من إستونيا، مارجوس كولجا، هو أن يتم الانتهاء من الاختيار قبل بدء الفترة الجديدة في يناير 2017 بثلاثة أشهر، وقال بالتحديد: ”ببساطة حتى يتاح له الاستعداد“.

هنا قالت ماري روبنسون، رئيسة أيرلندا السابقة: ”له؟“، وكان حديثها هادئاً فلم يسمعه السيد كولجا. فكررت ما قالته مرة أخرى بصوت أعلى. فبدأ كولجا برفع يديه مستسلماً وبدأ في الإعتذار. وقال ”له أو لها. آسف“، وأضاف أنه لا يقصد تفرقة بل كان يتحدث عن الرئيس القادم سواء رجل أو سيدة.

سواء كان الأمين العام القادم للأمم المتحدة رجلاً أو امرأة، إلا أن الحديث عنه صار متزايداً داخل وخارج أروقة الأمم المتحدة. قدمت ثلاثون دولة تقودهم كولومبيا بدعم فكرة أنه حان دور المرأة  لقيادة المنظمة. ووضعت منظمات نسائية قوائم بالمرشحات. ونادى قادة بارزون حول العالم بترشيح الدول لنساء على مقعد الأمين العام.

انتخبت المرأة لقيادة دول مختلفة مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية. كما أن صندوق النقد الدولي تقوده امرأة، وأيضاً بعض أكبر الشركات الأوروبية خصصت بأمر القانون 30% من مقاعدها الرقابية لسيدات. سعت وزيرة خارجية السويد إلى ”سياسة خارجية نسوية“ وقالت إن حقوق المرأة هي أمر ضروري للأمن والسلام في العالم. وترشحت هيلاري كلينتون ،التي تحدثت كالسيدة الأولى للولايات المتحدة منذ 20 عاماً في مؤتمر الأمم المتحدة التاريخي ببكين.

منذ إنشاء الأمم المتحدة عام 1945، وهي دائماً لا يقودها إلا الرجال.

تقول السيدة روبنسون: ”بعد ثمانية أمناء من الرجال على التوالي، يتعاطف الحكماء مع أنه آن الأوان لاختيار امرأة. لكن إذا كان الاختيار السليم هو رجل فليكن كذلك“، وأوضحت أن كلمة ”الاختيار السليم“ تعني أن الأمين القادم يجب أن يكون ”مستقلاً ولا يتبع مصالح أي من الدول الأعضاء“.

تلك النداءات لا تعكس فقط مطالبات بالمساواة لكن أيضاً تظهر الإحساس المتنامي بالاحباط تجاه عدم الشفافية في تعامل القوى العالمية، أي الخمسة أعضاء الدائمين بمجلس الأمن: بريطانيا، والصين، وفرنسا، وروسيا وأمريكا. قال الدبلوماسيون ونشطاء المجتمع المدني إن طريقة عمل الأمم المتحدة عفا عليها الزمن، ولا تصلح للتعامل مع الأزمات العالمية المُلحة.

يقول لويس أربور، الفقيه القانوني الكندي الذي عمل في مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من عام 2004 إلى 2008: ”بغض النظر عن عملية اختيار الأمين العام القادم، فتاريخياً لم يكن هناك أي اهتمام لمن يمثل نصف سكان العالم. إنها الجغرافيا، ثم المساومات حول مصالح الدولة، أكثر منها المواصفات الشخصية للمرشح“.

أعلنت القليل من الدول عن أسماء مرشحيها، وحفاظاً على البروتوكول بإعطاء تكتلات إقليمية مختلفة فرصة، تسعى أوروبا الشرقية إلى دورها، رغم أنه لا يوجد ما يدعو لذلك في ميثاق المنظمة.

ومع الدعوات المطالبة بمرشحات نساء، أصبح عدد الأسماء المرشحة من السيدات أكثر من أي وقت مضى. تضمنت الأسماء، الأمين العام لمنظمة اليونسكو البلغارية إيرينا بوكوفا، ورئيسة تشيلي ميشيل باشيليت، و البلغارية الأخرى كريستالينا جورجيفا نائبة رئيس المفوضية الأوروبية، وهيلين كلارك، رئيسة وزراء نيوزيلاندا السابقة التي ترأس برنامج الأمم المتحدة للتنمية. ومن أسماء الرجال المرشحين للمنصب ظهر رئيس سلوفينيا السابق دانيلو تورك.

رفضت كلارك في محادثة هاتفية التأكيد على كونها مهتمة بالمنصب، في حين يصف بعض أعضاء طاقم عملها جولاتها لعواصم العالم الرئيسية بأنها جزء من حملتها للمنصب. وقالت فقط إن النساء لم يمثلن جيداً في المناصب القيادية بالأمم المتحدة، في تناقض واضح مع المنظمات الأخرى، وأن النساء ينوين إبراز قضايا مختلفة  عندما يصلن إلى القمة. وأضافت كلارك: ”وجهة نظري أن النساء يأتين بخبرات حياتية أوسع، ويجب أن تحصل المرأة على فرص متساوية للتنافس على المناصب العليا العالمية“.

لم يحدد ميثاق الأمم المتحدة بشكل دقيق طريقة الوصول إلى الوظيفة الكبرى. على سبيل المثال، في تاريخ المنظمة الذي يقارب 70 عاماً، أعلن مجلس الأمن عن مرشحه المفضل، الذي تم التصديق عليه من قبل أعضاء الجمعية العامة. تكون مداولات المجلس سرية، ويشكو الكثير من الدبلوماسيين أن الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن يحاولون التأكد من أن اختيارهم يأتي بسهولة حسب رغباتهم.

من المعروف عن الأمين العام الحالي بان كي مون أنه يدعم دور المرأة في الوظائف الإدارية، وفي بعض الأحيان يوبخ رؤساء الدول والحكومات على عدم وجود تمثيل أكثر للمرأة في الحكومة. ويبقى دور النساء في بعثات حفظ السلام ضئيل، وكذلك الوسطاء من النساء يمكن أن يتم تعيينهم بواسطة الأمم المتحدة من أجل التفاوض في اتفاقيات السلام.

من بين سفراء الأعضاء الدائمين لمجلس الأمن، فقط ممثل بريطانيا ماتيو ريكروفت هو من قال صراحة إن حكومته سوف تفضل المرأة من بين متنافسين مؤهلين على قدم المساواة للمنصب. في حين حذر السفير الروسي، فيتالي تشاركين، من أنه لا يجب التمييز ضد الرجال.

أكثر من ربع السفراء عن الدول في الأمم المتحدة نساء. وهذا تقدم كبير جداً عن المرة الأولى التي دخلت فيها السيدة آربور مبنى الأمم المتحدة منذ 18 عاماً. لتجد استعراض الدبلوماسيين وقادة الدول في قاعة الاجتماعات في الأمم المتحدة.

تذكرت سؤالها لأحد الموظفين القدامى بالأمم المتحدة: ”هل هناك مدخل آخر مخصص للنساء؟“ فكان الجواب على سؤالها ”لا عزيزتي.. هذا هو المدخل الوحيد“.

أما زينب بانجورا، الممثل الخاص للأمين العام بشؤون العنف الجنسي بأماكن النزاعات، فتقول: ”إذا وجدوا امرأة لا تحقق شيئا، فسوف يستخدمونها للحكم على بقيتنا. هذا ما أقلق بشأنه“، وتضيف: ”ما أصبوا إليه هو امرأة استثنائية يمكن أن تثبت أن النساء قادرات على القيام بعمل جيد“.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى