ثقافة و فن

دايلي ميل عن “عمر”: ساحر النساء ينتهي بين الوحدة والنسيان

أغرى سلسلة من الحسناوات لكنه فقد حبه الحقيقى الوحيد وثروته. كما كشف مؤخراً أنه يعانى من الزهايمر.. حياة الوحدة لسلطان الإغراء لهوليوود.

Dailymail- كريستوفر ستفينز

ترجمة: دعاء جمال- محمد الصباغ

قد تكون قصة الممثل المصرى عمر الشريف، بطل ملاحم سينمائية منها لورنس العرب ودكتور جيفاغو، هي القصة الأتعس والأكثر وحدة فى تاريخ الأفلام كلها. فبعد حياة مليئة بالخسارات، أعلن إبنه طارق فى عطلة نهاية الإسبوع عن المأساة الأخيرة: إن والده ذو ال83 عاماً يعانى من الزهايمر. إلا أن حياته  كانت ايضاً مليئة  بالثروة، الافتتان والعلاقات مع أكثر النساء المرغوبات فى العالم.

بدد عمر الشريف ثروة جيدة، بالطلاق من المرأة الوحيدة التى أحبها حقاً، وابن غير شرعى رفض الاعتراف به، ملايين خسرها على طاولات القمار، حياة مهنية لامعة وثورات عنف.

 عمر الشريف مع جولى آندروز بفيلم “The Tamainda Seed”.

مستمر بعد توقف الكاميرات: كان شريف على علاقة بباربرا سترايسند عندما عمل معها فى الفيلم الموسيقى “Funny Girl”.

ذبول: شريف فى الحفل الراقص لمؤسسة تشاين أوف هوب “chain of hope Gala Ball” بلندن فى نوفمبر. بدد ثروته الجيدة، طلق المرأة الوحيدة التى أحبها حقاً.

الأمر الأكثر سخرية، أنه للعامة، بدا دائماً كما لو أن لديه ما يحسد عليه. بعد قضاء عقود فى العيش وحيداً بالفنادق الفارهة فى باريس أو لندن، والسهر حتى ال5 صباحاً كل ليلة فى الكازينو أو البار، عاد إلى مصر. لكنها ليست عودة إلى “البيت”: مازال يعيش بفندق فى منتجع ريفييرا البحر الأحمر السياحى. حياته، تبدو، بلا جذور ووحيدة كما كانت دائماً.

ولد عمر شريف عام 1932 فى الإسكندرية بإسم “ميشيل شالهوب”. كان والده جوزيف تاجر أخشاب غنى، إلا أن والدته  كلير شالهوب الفاتنه هى من حددت مسار حياته.  كانت مقامرة لامعة، واشتهرت بكونها المرأة الوحيدة التى يمكنها مطابقة مراهنات الملك فاروق . إلا أنها كانت بعيدة عن الأمومة: حيث أرسلت عمر الشريف، بسن العاشرة، لمدرسة داخلية، فيكتوريا كوليدج بالقاهرة، حيث تمنت أن الرجيم القاسى والحمية الأساسية ستجعله يفقد وزنه الزائد.

كان مسرح المدرسة هو ما ألهمه. حيث لعب دوراً صغيراً فى أول إنتاجه، الدوق الخفىّ، مخفى فى صندوق صغير على خشبة المسرح أغلب المسرحية. وكانت الإثارة عندما فاجأ المشاهدين بخروجه المفاحىء وهو ما جعله مدمناً للتمثيل منذ البداية.

كان  شالهوب الأب مذعوراً عندما علم ان إبنه يرغب فى أن يصبح ممثلاً. وعندما حرمه والده، قام المراهق بالانتحار، بتمزيق معصميه، غير انه لاحقاً اعترف بأنه كان يعاند ولم ينو حقاً قتل نفسه.

إلى الآن، كان الذى أراد أن يصبح نجماً قد أصبح رجل النساء بالفعل، يبيع ممتلكاته إذا لم يتمكن من الحصول على المال من والديه ليصطحب صديقاته للعشاء.

العائلات السعيدة: شريف مع زوجته “ل13 عاماً” وإبنهم طارق. تطلقا عام 1965، لأنه لم يشعر أن بإمكانه أن يكون وفياً لها

 .

قدم لمدرسة الدراما بلندن “RADA”، عندما حصل عام 1954 على دور فى فيلم عربى بعد إعجاب البطلة الرئيسية به.

كانت فاتن حمامة أكثر الممثلات شهرة فى مصر، لكنها لم تقبّل على الشاشة من قبل. واختار الشاب الفاتن اسماً مستعاراً  ليوفر على والده الإحراج.

 وبعد نشأته فى الكنيسة الكاثوليكية اليونانية، تحول عمر إلى الإسلام، حتى يتمكن من الزواج بفاتن التي قبلها في الفيلم لأول مرة. وعلى مدار السبعة أعوام اللتالية مثلا معاً أكثر من عشرة أفلام.

إلا أن العلاقة تفككت عام 1962عندما ظهر عمر الشريف فى دور الشريف على بفيلم لورنس العرب. حين اختاره المخرج ديفيد لين، ليس لتمثيله، لكن بسبب قزحية عينيه البنية، وتباينها المثالى مع الاعين الزرقاء للنجم بيتر أوتول. ظهور شريف الأول متلألئا في ضباب الصحراء، أكسبه عدداً لا يحصى من المعجبين.

لكن  هذا الإعجاب دمر زواجه. كان مقتنعاً بعدم وجود القدرة لديه ليظل وفياً، أخبر فاتن برغبته فى الطلاق، بينما كانت لا تزال صغيرة كفاية لتتزوج مجدداً، كما قال. وإنفصلا عام 1965. إلا أنه وصفها دائماً بـ “حب حياتى” وكثيراً ما أعلن أنه لا يمكن لإمرأة أخرى أن تفوز بقلبه. لم تكن فاتن رومانسيه للغاية أو مدمرة للذات، تزوجت مجدداً، من طبيب هذه المرة. أما عمر فواصل عيش قصص رومانسية قصيرة. حيث تم ربطه بالممثلات، تيوزداى وايلد ودايان مكباين وممثلة هوليوود المخضرمة إنغريد برغمان.

عام 1968، عمل مع بابرا سترايسند فى الفيلم الموسيقى “Funny Girl” قال متذكراً :” اعتقدت أنها ليست جذابه للغاية فى البداية؛ لكن بالتدريج ألقت بسحرها على. أغرمت بشدة بموهبتها. وكان الشعور متبادلا لأربعة شهور، الوقت الذى أخذه تصوير الفيلم.”

علقت سترايسند على تلك الأيام قائلة :”  من الصعب التوقف عن حب أحدهم عندما يصرخ المخرج “ستوب”، الحقيقة والخيال اندمجا، واعتقد أن كلينا قد شرد قليلاً.”

لاحقاً فى نفس العام مّثل أمام كاثرين دينيف فى الدراما التاريخية “Maverling” وانعكست علاقة حب من الشاشة على الحياة الواقعية.

قال: ” أدركت أنه لا يمكن أن أكون مغرماً، لأننى لم اتألم عند إنتهاء العلاقة؛ علاقة قصيرة مع الممثلة باربرا بوشيت اتبعتها، بعد تصويرها شبه عارية لمجلة بلاي بوى.

وقتها، على الرغم أن كل ما اهتم شريف به كان قيمة أجره عن الأدوار،  حتى يتمكن من متابعة هوايتيه، لعب البريدج”القمار”وتربية خيول السباق.

صرح الشريف عند سؤاله في راديو بي بي سي عام 1978 عن ما هي أكثر رفاهية يريدها  ”لا أعتقد أنه يمكنني الحياة بدون مجموعة من الأوراق في يدي. لكن الأوراق و أندية القمار أفلساه. بعد خسارة 750 ألف دولار في لعبة الروليت، أجبر على بيع منزله بباريس و أعلن ”لا أمتلك أي شئ عدا بعض الملابس، أنا وحيد و محطم تماماً. كل شئ كان يمكن أن يكون جيداً لو فقط وجدت المرأة المناسبة.“

 و اعترف أن ادمانه القمار كان جنوناً لكنه لم يقدر على التوقف. ألقى باللوم على الملل، و الوحدة. اعتاد وكيله على مكالماته البائسة التي فيها يطلب منه عمل من أجل سداد ديونه العاجلة.

في أوقات كثيرة لا يقدر الممثل على دفع فواتير الهاتف. لكن على الرغم من كثرة الأفلام قليلة التكلفة التي شارك فيها إلا أنه كان دائماً ”فيلم واحد يسدد ديوني“.

    

كره القواعد. بالرغم من قدرته على التمثيل بست لغات (الإنجليزية – الفرنسية – الإسبانية- الإيطالية- العربية – اليونانية) إلا أنه يمتلك “لكنة” في كل منهم، و كان دائماً يظهر كأجنبي ، مثل دوره كسلطان أو الراهب الإسباني و راعي البقر المكسيكي أو حتى جنكيزخان.

عندما ادعت صحفية إيطالية في عام 1999 أن الشريف هو والد ابنها روبن، المولودة عام 1969، رد ببرود ”كان لدي علاقة قصيرة جداً – أنا أتحدث عن دقائق. لا أعتبره ابني، بالرغم من أنه يمكن ان يكون تكون بفعل حيواناتي المنوية. لكن لو ذلك ممكناً فمن المحتمل أن أملك 100 ألف ابن.“

و أضاف ”في تلك الأيام لم يهتم الناس بوسائل منع الحمل. افترضنا، بشكل صحيح أو خاطئ، أن المرأة تهتم بأمور منع الحمل. الولد يشبهني تماماً، لكن أمه عاملتني كمانح الحيوانات المنوية. أنا لست أبيه.“

و بعد ذلك وقع في حب طفله طارق، ابن فاتن. و عشق أحفاده الذين بسخريتهم من أفلامه المروعة جعلوه يترك التمثيل في منتصف التسعينيات.

لم يكن التخلي عن لعب القمار أمراً سهلاً. فبعد خسارة 20 ألف دولار في كازينو بباريس عام 2003، ضرب برأسه ضابط شرطة و حكم عليه بالسجن مع إيقاف التنفيذ. لم تكن تلك هي المرة الأولى التي يهدد فيها بدخول السجن بسبب عصبيته فقد قبض عليه في اليونان لتحطيمه مطعماً.

و في فندق ببفرلي هيلز تشاجر مع أحد الأشخاص، و منذ أربعة سنوات هاجم سيدة من معجبيه ترجته لالتقاط صورة معها.

لكن ولعه بالعلاقات النسائية انتهى. كما تخلى عن عادة100 سيجارة  في اليوم  ، عقب أزمة قلبية بغرفة فندق عام 1994. انهار في فراشه بفندق جورج الخامس في باريس و وسط ألمه لم يستطع التفكير في أي شخص ليساعده.

مازال لديه سمعة سيئة كعاشق لا يشبع، لكن الحقيقة كما قال هو أنها كانت أقل بساطة، فعادة كان يفضل أن يخرج في جولة. و قال لجريدة عام 1999 ”هناك لحظات  أكون فيها سعيدا، و أخرى أكون ليس كذلك. ربما يمتلك آخرون حياة أفضل مني. أتمنى لهم ذلك.“

أتم عامه الثمانين في عام 2012. و اندفع إلى روتين سوداوي، فكان ينام إلى الظهيرة، يستحم ثم يسير في شوارع باريس وحده و قال العام الماضي ”ليس لي أصدقاء في باريس. أريد أن يصطحبني شخص للخروج هذا المساء.“

شهدت حياته المهنية عودة قصيرة عام 2003 بفيلم (السيد إبراهيم –(Monsieur Ibrahim و فاز من خلاله بجائزة سيزار كأفضل ممثل و تعد الجائزة أوسكار فرنسا، لكن منذ ذلك الوقت انتشرت شائعات عن إصابته بالخرف.

نفى عمر الشريف إصابته بمرض الزهايمر، لكن عند وفاة فاتن في يناير و عمرها 83 عاماً، كان ابنهما طارق مجبراً على مواجهة المأساة الأخيرة في حياة والده. فنقل خبر وفاتها إلى والده الذي دخل في نوبة من الحزن العميق. و بعد عدة أيام، كان الرجل العجوز قد نسى و سأله مرة أخرى ”كيف حال فاتن؟“

يبدو أن عمر الشريف مازال مدركاً أنه كان ممثلاُ، لكنه لا يستطيع التمييز بين فيلم و آخر.

آخر أيقونة رومانسية سينمائية تتلاشى، لكن  باربرا ستريسند كانت تتحدث بلسان ملايين النساء حين قالت نه كان “رجلا من نار”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى