إعلامسياسة

الاغتصاب: الأسلوب المفضل للداخلية المصرية .. الجارديان

g1

عن الجارديان– باتريك كينجسلي

ترجمة – ملكة بدر

وسط غضب عارم من حملة القمع التي تضمنت اعتقال أكثر من 16 ألف شخص في مصر، ظهرت المزاعم باستخدام الشرطة الاغتصاب كسلاح ضد المعارضين، وذلك بعد أن قال اثنان من النشطاء السياسيين إنهم قد تعرضوا للاغتصاب أثناء احتجاز الشرطة لهم في واقعتي اعتداء منفصلتين، مما يثير شكوك النشطاء أن الشرطة تستخدم بشكل واسع النطاق سلاح الاغتصاب ضد المعارضين.

ففي 24 مارس، وبعد دقائق من إلقاء القبض عليه بسبب مشاركته في مظاهرة احتجاجية طلابية، قام أفراد في الشرطة يرتدون ملابس مدنية بالاعتداء على عمر الشويخ (19 سنة) في قسم شرطة شرق القاهرة. وقال الشويخ أيضًا في شهادة مكتوبة قدمها محاميه إلى “الأوبزرفر”، إنه قد تعرض للاعتداء بالضرب والصدمات الكهربائية.

أما فادي سمير، فقد قال إنه تعرض للاعتداء الجنسي بطريقة مشابهة ولكن في قسم شرطة مختلف يوم 8 يناير. وزعم سمير أيضًا أنه خلال احتجازه لمدة 24 يومًا، تعرض للضرب بشكل متكرر، وفي إحدى المرات اعتدى أحد رجال الشرطة عليه جنسيًا أثناء وجوده في دورة المياه. ومثل كثير من المعتقلين، يقول سمير إن النيابة حققت معه واستجوبته في منشأة تابعة للشرطة بدلا من مكان محايد، وبهذا فشلت في تحقيق الفصل المناسب بين السلطات، بين السلطة القضائية والتنفيذية المتمثلة في قوة الشرطة.

وبالرغم من تقارب ما حدث معهما، إلا أن خلفيات الرجلين، الشويخ وسمير، متباينة تمامًا، وهو ما يعكس اتساع رقعة معارضة الحكومة المصرية. وطبقًا لإحصائيات حكومية، بلغ عدد المعتقلين 16 ألف شخص على الأقل، معظمهم من الإسلاميين، إلا أن العدد يشمل أيضًا نشطاء علمانيين، ويزداد اعتقالهم منذ بدء حملة القمع على المعارضة السياسية التي بدأت منذ أواخر يوليو الماضي. وقد أطلق سراح بعضهم، لكن مازال الآلاف حتى الآن محشورين في الزنازين، وكثير منهم يقولون إنهم معتقلون عشوائيًا، في وقت يقوم فيه القضاة بتجديد حبسهم كل 45 يوم بشكل جماعي دون حتى مراجعة الأدلة المقدمة ضدهم كأفراد، وقد ظهرت أيضًا الكثير من الاتهامات للشرطة بالتعذيب.

والشويخ قائد مظاهرات الجامعات التي اندلعت في حرم جامعات مصر واستمرت لمعظم أيام العام الدراسي. ينحدر الشويخ من عائلة توالي الإخوان المسلمين المعارضين للحكومة الحالية منذ أطاحت بالرئيس الإخواني محمد مرسي من الرئاسة في يوليو الماضي. وعلى النقيض، سمير مواطن مسيحي احتفل بالإطاحة بمرسي عندما تم ذلك، لكنه مثل كثير من النشطاء العلمانيين، عارض تسلط من جاؤوا بعده إلى الحكم.

وفي شهادة مهربة من حبسه أوصلتها عائلته، قال الشويخ إنه تعرض للاعتداء الجنسي “المتكرر”، كما قال إنه تم تعذيبه من خلال تعريض أجزائه التناسلية وإبطيه وأطراف أصابعه ومعدته إلى الصدمات الكهربائية، كما تعرض للضرب أكثر من مرة خلال احتجازه. وقال صديق زار الشويخ الأسبوع الماضي إن حالته تبدو أنها تزداد سوءًا بشكل ملحوظ.

أما سمير فقال إن التحرش به حدث أثناء استجوابه بشكل وحشي بعد إلقاء القبض عليه من وسط القاهرة بوقت قصير. وبعد أن عصبوا عينيه واعتدوا على ظهره ورقبته بالضرب أكثر من مرة، سؤل عن اتجاهاته السياسية. وأضاف سمير “سألني الضابط العديد من الأسئلة، لكنه لم يحب إجاباتي، فطلب من ضابط أصغر منه أن يضع إصبعه الأوسط في مؤخرتي، وفعل ذلك، مرتين”.

وبلقائها في مدينة السويس شرق مصر، تنازلت والدة الشويخ عن إخفاء هويته في محاولة لجذب الاهتمام لمحنته، بينما تنازل سمير عن إخفاء هويته لإلقاء الضوء على وحشية الشرطة المتزايدة. ويقول النشطاء إنه من النادر للغاية بالنسبة للمعتقلين أن يخرجوا إلى العلن ويسردوا ما تعرضوا له في مثل هذه التجارب، على الرغم من وجود اتهامات كثيرة مثل تلك في السِر.

ويرى محمد لطفي، أحد مؤسسي اللجنة المصرية للحقوق والحريات، أن “الأمر يصبح شائعًا أكثر فأكثر أن تسمع عن تعرض المعتقلين للتحرش أو الاعتداء الجنسي، ويبدو أنه أسلوب مستخدم لإهانة المعتقل، وإشعاره بالعجز وأنه تحت رحمة الشرطة”.

وأضاف أن هذه القضايا تشير إلى أي مدى تشعر الشرطة بالقوة، وإلى أي مدى يشعرون بأنهم فوق القانون، وإلى قلة الاحترام الذين يحملونه للحماية القانونية أو الاعتبارات الأخلاقية، “إنهم يشعرون بالثقة في أنفسهم للدرجة التي تجعلهم يكسرون كل القوانين، حتى إنهم يكسرون تابوهات المجتمع المصري لإهانة المعتقل”.

من ناحية أخرى، يدعم قطاع كبير من المجتمع المصري قوة الشرطة بعد أن أرهقتهم ثلاث سنوات من عدم الاستقرار السياسي عقب ثورة 2011، وخوفهم من موجة النشاط الجهادي التي أعقبتها. ويرى الكثيرون أن الشرطة بقبضتها الحديدية الثقيلة هي الوسيلة الوحيدة لاستعادة النظام، وعادة ما يخلطون بين تصرفات الميليشيات الجهادية بالنشطاء السياسيين.

وبعد طلب التعقيب على اتهامات باغتصاب المعتقلين من المتحدث باسم وزارة الداخلية المسؤولة عن الشرطة، قال إنه ينبغي على أي ضحايا تعذيب مزعومين أن يقدموا شكوى رسمية إما للنائب العام أو لقسم حقوق الإنسان في وزارة الداخلية.

أما الشويخ، فحسب شهادته، أكد أنه عندما قام بالكشف عن طريقة التعامل التي تعرض لها لوكلاء النيابة في أول جلسة استماع، ووجهت شكواه بالتجاهل.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى