ترجماترياضة

محمد صلاح ونسر ألبانيا.. السياسة تخترق مونديال 2018

“نيويورك تايمز”: محمد صلاح مُنزعج من الاتحاد المصري لكرة القدم

 

المصدر: The New York Times – Rory SmithJames Montague and Tariq Panja

ترجمة: ماري مراد

دخلت بطولة كأس العالم في مزيج قابل للاشتعال بين السياسة وكرة القدم -مسألة خطيرة تبذل كرة القدم العالمية قصارى الجهد لتجنبها- ومع تزايد عدد الإجراءات التأديبية تهديد اللاعب النجم محمد صلاح بالتقاعد.

الأزمات شملت لاعبين لفرق عديدة ومست العديد من الأمور: استقلال كوسوفو، والقومية الصربية، والمهاجم المصري المحبوب، والزعيم الشيشاني المثير للجدل. وقد يؤدي أحد الخلافات على الأقل إلى إجبار الفيفا، الهيئة الحاكمة لكرة القدم في العالم، على إصدار إيقافات في منتصف البطولة، ومن المحتمل أن يؤثر ذلك على الفرق التي تتقدم من إحدى مجموعات الجولة الأولى في البطولة.

وفي وقت مبكر من يوم السبت، أعلنت الفيفا أن اللجنة التأديبية فتحت 3 إجراءات أخرى تتعلق بمباراة سويسرا وصربيا، وبذلك يصل المجموع من المباراة إلى 6. وبعد ذلك بـ6 ساعات، تبين أن أحد أشهر لاعبي البطولة، المهاجم المصري محمد صلاح، يفكر في اعتزال فريقه الوطني في أعقاب تفاعله مع سياسي شيشاني.

مشاكل الفيفا السياسية بدأت عندما رسم اللاعبان السويسريان جرانيت شاكا وشيريدان شاكيري شكل نسر مجنّح ذي رأسين بأيديهما -بربط الإبهام في اليدين وتحريك الأصابع- بعد فوز سويسرا على صربيا بهدفين مقابل هدف. وهذه إشارة قومية يفعلها العديد ممن لديهم جذور عرقية ألبانية، في إشارة إلى النسر الأسود في علم ألبانيا. (لكل من شاكا وشقيري جذور في كوسوفو، وهي مقاطعة ألبانية عرقية خاضت حرب استقلال ضد القوات اليوغسلافية التي يهيمن عليها الصرب في أواخر التسعينيات).

بالنسبة لمعظم العالم، هذه الإشارة ليس لها معنى. واعتقد أحد المعلقين البرازيليين بأن اللاعبين كانا يؤديان علامة للسلام وأشاد بمحاولتهما مصالحة البلقان. ومع ذلك، في صربيا كان ينظر إلى هذا الرمز باعتباره استفزازًا.

وواجه اتحاد الكرة الصربي إجراءات تأديبية خاصة به، وذلك لعرض رسائل سياسية من قبل المشجعين له خلال المباراة. وغُرمت صربيا بالفعل في كأس العالم هذه بعدما أظهر مؤيدوها ما قالت الفيفا إنه شعار “الحركة القومية شبه العسكرية” خلال المباراة ضد كوستاريكا.

بعد ذلك، يوم الأحد، فتحت الفيفا 3 تحقيقات: ضد السويسري ستيفان ليشتشتاينر، الذي لم يكن من أصل ألباني، بسبب رسم رمز النسر المزدوج، وضد رئيس الاتحاد الصربي لكرة القدم، سلافيسا كوكيزا، ومدربه ملادين كرستايك بسبب تصريحات اتهموا بالإدلاء بها بعد المباراة.

بعد ذلك، يأتي صلاح، أكبر نجوم مصر، الذي كان يفكر في اعتزال المنتخب الوطني بمجرد انتهاء كأس العالم، بعد أن جُر إلى جدل سياسي متعلق بقرار اتحاده بالعيش والتدريب في الشيشان خلال البطولة.

أصبح صلاح واحدًا من أشهر لاعبي العالم خلال العام الماضي، وكان محط الأنظار في مركز تدريب مصر غروزني، عاصمة إقليم الشيشان الروسي.

عشية البطولة، ظهرت صور لصلاح يسير إلى جانب رمضان قديروف، الزعيم الشيشاني، في أول جلسة تدريبية لمصر. بعد أن علم أن صلاح كان من المقرر أن يغيب عن التدريب، توجه قديروف إلى فندق المنتخب لاستدعاء اللاعب من السرير. وتولى قديروف رئاسة الشيشان منذ عام 2007، بعد ثلاث سنوات من اغتيال والده، واتهم بالإشراف على التعذيب والقتل خارج نطاق القضاء وتطهير الرجال المثليين.

بعد هزيمة مصر أمام روسيا يوم الثلاثاء، النتيجة التي أكدت خروج مصر من المباراة، استضاف قديروف مأدبة عشاء للفريق الذي قدم لصلاح الجنسية الشيشانية الفخرية.

مُنح محمد صلاح الجنسية الشيشانية الفخرية. وكتب قديروف عبر حسابه على موقع للتواصل الاجتماعي: “نعم. منحت محمد صلاح نسخة من الرسوم ووسام في عشاء احتفالي قدمته تكريما للفريق المصري”.

يتجنب صلاح دائما عمدًا تحويله إلى شخصية سياسية أو دينية، وذكرت شبكة سي إن إن أنه كان غاضبا لتعرضه للانتقادات التي أعقبت نشر الصور الأصلية مع قديروف.

تكريم قديروف أدى إلى تفاقم الغضب. ويُعتقد بأن صلاح، 26 عامًا، منزعج لأنه يعتقد بأنه لم توفر له الحماية المناسبة له من قبل الاتحاد المصري لكرة القدم -الذي اختار غروزني للتدريب الخاص به- ويفكر في ما إذا كانت مباراة الإثنين ضد السعودية ستكون الأخيرة له في مصر.

ومع ذلك، فإن الإجراءات التأديبية الناشئة عن مباراة سويسرا وصربيا تمثل مشكلة شائكة بالنسبة للفيفا. وقد يواجه شاكا وتشاكيري وليختاشتاينر -ثلاثة من أفضل لاعبي سويسرا- حظرا على مباراتين، إذا حُكم بأن الاحتفال بأهدافهم كان تصرفُا سياسيًا، وقد يجبرهم هذا على الخروج من مجموعتهم بالمرحلة النهائية أمام كوستاريكا، يوم الأربعاء.

فوز سويسرا على صربيا منحها 4 نقاط خلال مباراتين، مثل زعيمة المجموعة البرازيل. صربيا هي متأخرة بفارق نقطة واحدة بثلاث نقاط، وبالتالي فإن سجل سويسرا المتضائل قد يؤثر بشكل مباشر على من يتأهل للدور المقبل. إذا هزمت صربيا البرازيل وخسرت سويسرا أمام كوستاريكا، يمكن أن يتقدم الصربيون على سويسرا.

وقال شاكيري في ظهور قصير أمام وسائل الإعلام بعد المباراة: “في كرة القدم لديك عواطف. يمكنك أن ترى ما فعلته.. كان مجرد عاطفة”.

لكن الصرب كانوا غاضبين. ووصف كوكيزا، رئيس الاتحاد، هذه الإيماءة بأنها “فضيحة ومخزية” ، واتهم هو وكراستايك، الفيفا والحكم الألماني في المباراة، فيليكس بريش، بالتحيز ضد الصرب بسبب الطريقة التي حكمت بها المباراة.

لكن هذه الإيماءة استمرت في كونها محور المناقشات حول المباراة، وقالت جيلينا سوبوتيك، أستاذة العلوم السياسية في جامعة ولاية جورجيا، إن الألبانيين عندما يظهرون ذلك للصربيين فهم يحالون إغاظتهم، مضيفة: “هؤلاء اللاعبون الألبان يفعلون ذلك فقط لإزعاج الصرب، بينما هم في الواقع يلعبون من أجل سويسرا. ليس لدى سويسرا أي عداء مع الصرب”.

وأشار آخرون إلى إيماءة أخرى لم يجرِ تدقيقًها رسميًا من الفيفا: التحية الصربية ذات الثلاثة أصابع، التي يُنظر إليها على أنها رمز قومي. قدم كابتن منتخب صربيا، ألكسندر كولاروف، التحية بعد تسجيل هدف الفوز في المباراة التي هزم فيها منتخب صربيا كوستاريكا بهدف مقابل لا شيء.

وينظر إلى التحية بثلاثة أصابع على أنها استفزازية خاصة من جانب كرواتيا والبوشناق والكوسوفو، لكنها شائعة بشكل متزايد في الرياضة. عادة ما يقوم بطل التنس الصربي نوفاك ديوكوفيتش بهذه العلامة بعد الانتصارات، رغم أنها ليست بالضرورة علامة على أي وجهات نظر متطرفة.

سوبوتيتش قال: “لقد أصبح هذا الأمر علامة روتينية أكثر اعتيادية للنصر الصربي مع الوقت. إلى الحد الذي يستخدمه معظم الرياضيين دون أن يتعمقوا في الأوهام القومية، بل يظهرون عدم حساسية، بالنسبة لآخرين هذا هو رمز التفوق والعنف الصربيين”.

ودعت صحيفة بليك -التي انتقدت شاكيري في الماضي بسبب انقسام ولائه بين ألبانيا وسويسرا- قراءها لإرسال صور لهم وهم يؤدون تحية النسر بيدهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى