أخبارسياسة

أسوشيتد برس: رحلة إسماعيل الإسكندراني من باحث إلى سجين

زوجته: كنت خائفة من اعتقاله إذا عاد إلى مصر

أسوشيتد برس

ترجمة: فاطمة لطفي

منذ فترة زمنيّة طويلة، اتخذ الصحافيّ إسماعيل الإسكندراني كل الاحتياطات اللازمة عندما قرّر العودة إلى مصر بعد مرور ما يقارب العام على منفاه الاختياريّ في الخارج، الفترة التي تضمنت عمله لدى مركز وودرو ولسون الدوليّ في واشنطن.

ولتجنب تعرضه للاعتقال بسبب عمله التوثيقيّ للحرب السريّة الدائرة في سيناء، لم يخبر زوجته بقدومه، واتخذ استعداداته إذ محى البيانات من حاسوبه الشخصيّ، وسلك طريقا غير اعتيادي في سفره، بدأه من إسطنبول متوجهًا إلى برلين ومن ثمّ إلى مطار الغردقة، على أمل أن لا يلفت انتباه السلطات إليه.

لكن عند وصوله المطار، وفي أثناء وقوفه في صف الجوازات، استوقفه ضابط، سأله عن طبيعة رحلاته وطلب منه تشغيل حاسوبه الشخصيّ به، وقتها استطاع الضباط استعادة الملفات التي سبق وأن حذفها الصحافيّ.

منذ ذلك اليوم الذي مر عليه أكثر من عامين، يقبع الإسكندراني في السجن بتهم انضمامه لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة ونشر أخبار كاذبة، التهمتين التي أنكرهما الإسكندراني.

يقول داعمو الإسكندراني إن الحكومة المصريّة تريده أن يبقى في السجن بغرض إيقاف عمله الصحفيّ الذي يستند إلى مصادر قوية حول عمليات الجيش السريّة في سيناء ضد تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي (داعش). العمليات التي أثارت جدلًا واسعًا بسبب عدد الضحايا المدنيين المتزايد فضلا عن استخدام طائرات دون طيار.

تقول ياسمين الرفاعي، باحثة بارزة في شؤون الشرق الأوسط لدى منظمة لجنة حماية الصحفيين: “ما يجعل قضية الإسكندراني مختلفة عن غيرها، هو اعتقادنا بأنه محتجز الآن بسبب خبراته ودراساته الهامة في التنظيمات الإسلاميّة وبشأن ما يحدث في سيناء، موضوعين ترغب السلطات المصريّة بشدة في التحكّم في الأخبار المتعلقة بهما”.

أصدر مركز ويلسون البحثيّ بيانًا ردًا على اعتقال الإسكندراني، إذ قالت جان هارمان مديرة المركز “رغم أننا لا نعلم التهم الموجهة للإسكندراني فإننا نحث الحكومة المصريّة بقوة على التعامل مع قضيته بما يتماشى مع دستور البلاد الذي يكفل للمواطن المصريّ الحرية في التعبير”.

ورفضت السفارة المصريّة في واشنطن طلبات الإدلاء بتعليق على القضية باستثناء إعادة تأكيد التهم الموجهة إلى الإسكندراني.

استخدم الإسكندراني صلاته العميقة في المنطقة لتأكيد أو دحض الرواية الرسميّة لعمليات الجيش في سيناء. تصفه زوجته خديجة جعفر، في مقابلة مع “CNS” بأنه “نشيط وحيوي ومغامر.. يفعل ما يريده ثم يفكّر في ما فعله”.

ورغم أن الإسكندراني اعتاد الكتابة عن قضايا شائكة وفقًا لصحافي مصريّ تحدّث شريطة عدم ذكر هُويته “ليس من نوع الصحفيين الذين يهاجم الجيش دون سبب”.

المنفى والعودة

كان الإسكندرانيّ واعيًا للمخاطر التي تواجهه، حسب ما تقول زوجته. غادر مصر في 23 من ديسمبر 2014 “بسبب خوفه من الاعتقال ولم يكن يفترض أن يعود مرة أخرى”.

كانت زيارته الأولى لبرلين عندما حصل على جائزة “Open Eye” في يناير عام 2015. بدأ في أعقاب ذلك زمالة دراسيّة مع مركز ويلسون، والتي كان يفترض أن ينهيها في إبريل. إلا أنه قال للمركز إنه لا يزال يخشى الاعتقال، لهذا تم تمديد دراسته ثلاثة أشهر إضافية، حسب ما قالت زوجته.

وبمجرد أن أنهى دراسته، كان أمامه شهر لمغادرة البلاد، ثم توجه إلى تركيا إذ عمل مستقلًا قبل أن يقرر العودة إلى مصر.

قال لزوجته إنه ليس واثقًا من قراره بالبقاء خارج البلاد والتي أعربت بدورها عن قلقها من عودته “أخبرته بخوفي الشديد من احتمالية اعتقاله في حال قرر العودة”.

ودون أن تكون على علم بذلك، وفي نحو الساعة 11 والنصف صباحًا يوم 29 نوفمبر 2015، كان الإسكندراني في قسم الجوازات في المطار بمصر. قدم جواز سفره وسألوه عن طبيعة رحلاته وبعدها طلب المسؤولون أن يشغل حاسبه الإلكتروني الخاص واستعادوا الملفات المحذوفة.

خضع للتحقيق عدة مرات وبعدها نُقل إلى القاهرة إذ سُمح له بالتحدّث إلى صديق ومحامٍ. واستمرت التحقيقات الرسميّة بحضور محامٍ لثمان ساعات، وانتهت في التاسعة مساءً. وقررت النيابة حبسه 15 يومًا على ذمة التحقيقات، إذ سيبدأ مسيرة لا تنتهي من الحبس الاحتياطيّ.

وبموجب القانون المصريّ، لا ينبغي أن يستمر الحبس الاحتياطي لأكثر من عامين، مع ذلك، من الناحية العملية يحدث ذلك بصورة متكررة وفقا لمحامين ونشطاء بحقوق الإنسان على مقربة بالنظام القضائي في مصر ،إذ إن مقاييس الحبس الاحتياطي غامضة وتخضع لتفسيرات متعددة. وفي يوم 29 من نوفمبر العام الجاري، أتم الإسكندراني عامين في الحبس الاحتياطي.

السجن عجز كامل

قالت زوجة الإسكندراني إنها تزوره مرة أسبوعيًا، وتصف سجن مزرعة طره في منشورات إلكترونية بأنه غير إنساني حتى للزائرين “السجن عجز كامل، وعزلة تامة وضعف مطلق”، وفقًا لتصريحاتها في مقابلة مع “CNS”.

ولا يتوقع داعمو الإسكندراي الإفراج عنه أو حتى خضوعه لمحاكمة في وقت قريب، حيث يقول الصحفي المصري الذي لم يفصح عن هُويته ” لا تعنيهم المحاكمات، كل ما يريدونه أن يبقى داخل السجن”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى