سياسة

نيويورك تايمز: ليالي تعذيب الأمراء في معتقل “الريتز كارلتون”

أحد المحتجزين السعوديين لقي مصرعه و17 معتقلا نقلوا إلى المستشفى

احتجزت الحكومة السعودية مئات رجال الأعمال والأقوياء البارزين في فندق ريتز كارلتون في الرياض في ما وصفته بأنه حملة قمع الفساد

ترجمة- غادة قدري

المصدر: The New York Times– 

في لحظة، أصبح كبار رجال الأعمال السعوديين مكبلين بالأصفاد من كواحلهم، أما الأمراء الذين قادوا القوات العسكرية وظهروا على أغلفة المجلات الشهيرة فصاروا مراقبين بواسطة حراس لا يستطيعون إعطاءهم أي أوامر.

أصبحت العائلات التي تسافر على متن طائرات خاصة عاجزة عن الوصول إلى حساباتها المصرفية، وحتى الزوجات والأبناء ممنوعون من السفر.

في نوفمبر الماضي، احتجزت الحكومة السعودية مئات من رجال الأعمال المؤثرين كان معظمهم من أفراد العائلة المالكة، في فندق ريتز كارلتون بالرياض في حملة أطلق عليها اسم “حملة مكافحة الفساد”.

الآن تم الإفراج عن معظمهم لكنهم بالكاد أصبحوا أحرارا، وبدلاً من ذلك، فإن هذا القطاع الكبير من رجال الأعمال المؤثرين في المملكة العربية السعودية يعيشون في خوف وعدم يقين الآن.

وخلال أشهر من الأسر، تعرض الكثير منهم للإكراه والإيذاء الجسدي، وحسب قول الشهود، في الأيام الأولى من حملة القمع، تم إدخال ما لا يقل عن 17 معتقلاً إلى المستشفى بسبب الاعتداء الجسدي، وتوفي أحدهم في وقت لاحق في الحجز برقبة بدت ملتوية، وجسمًا منتفخًا بشكل سيئ، وعلامات أخرى للإساءة، وفقًا لشخص شاهد الجثة.

في رسالة إلكترونية إلى صحيفة “نيويورك تايمز” يوم الأحد، نفت الحكومة اتهاماتها بالإساءة الجسدية وقالت إنها “غير صحيحة على الإطلاق”.

ولكي يتم السماح لهم بمغادرة فندق ريتز، استسلم العديد من المعتقلين للتنازل عن مبالغ مالية ضخمة، وقاموا بمنح الحكومة السيطرة على العقارات الثمينة التي يمتلكونها وأسهم شركاتهم، وكل ذلك بدون أي عملية قانونية واضحة.

ولم تستغل الحكومة الكثير من الأصول، لكنها تركت المحتجزين وعائلاتهم في حالة من عدم اليقين.

وقال محتجز سابق لأحد أقاربه، أصيب بالاكتئاب مع انهيار أعماله: “تنازلت عن كل شيء.. حتى المنزل الذي أعيش فيه، لست متأكداً إن كان لا يزال ملكيا”.

وبينما يستعد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، صاحب فكرة الحملة ضد الفساد، للسفر إلى الولايات المتحدة هذا الشهر لمقاضاة المستثمرين الأمريكيين، يسلط المسؤولون السعوديون الضوء على إصلاحاته: ووعده بالسماح للنساء بقيادة السيارات، وخططه لتوسيع فرص الترفيه. وتشجيع الاستثمار الأجنبي، وأنكروا أي ادعاءات بالإساءة وصوّروا حملة ريتز كعملية قانونية منظمة انتهت.

لكن المقابلات المكثفة مع المسؤولين السعوديين وأعضاء العائلة المالكة والأقارب والمستشارين والمرتبطين بالمعتقلين كشفت عن عملية مظلمة، وقسرية، فيها حالات من الاعتداء الجسدي، والتي نُقلت خلالها مليارات الدولارات من الثروات الخاصة إلى سيطرة ولي العهد.

لقد ظل الفساد مستوطناً في المملكة العربية السعودية منذ فترة طويلة، ويُفترض أن المعتقلين كانوا سرقوا من خزائن الدولة. لكن الحكومة، التي تتحدث عن الخصوصية، رفضت تحديد التهم الموجهة للمعتقلين، وحتى بعد الإفراج عنهم، لم توضح أسباب الإدانة والبراءة، مما يجعل معرفة مقدار الدافع وراء عملية التسوية الشخصية مستحيلا.

ويبدو أن جزءًا من الحملة ضد الفساد، كان مدفوعًا بنزعة عائلية، لأن ولي العهد الأمير محمد يضغط على أبناء الملك عبدالله، الملك الذي توفي في عام 2015، لإعادة مليارات الدولارات التي يعتبرونها ميراثًا لهم.

وعلى الرغم من أن الحكومة قالت إن الحملة ستزيد من الشفافية، فقد تم إجراؤها سرا، ومع تنفيذ المعاملات بعيدًا عن الإفشاء العلني، وحظر السفر والخوف من الأعمال الانتقامية التي تمنع المعتقلين من التحدث بحرية.

لقد تحدث معظم الأشخاص الذين تمت مقابلتهم في هذا المقال بشرط عدم الكشف عن هويتهم لتجنب خطر عقاب ولي العهد محمد بن سلمان.

وقالت الحكومة في بريدها الإلكتروني إن “التحقيقات، التي قادها النائب العام، تمت وفقًا للقوانين السعودية. وتمكن جميع الخاضعين للتحقيق من الوصول الكامل إلى محامين بالإضافة إلى الرعاية الطبية”.

ورفضت الحكومة والعديد من المسؤولين السعوديين، الإجابة عن مزيد من الأسئلة حول القمع، بل وجادلوا بأن ذلك كان وسيلة قاسية بالضرورة لإعادة المكاسب غير المشروعة إلى خزانة الدولة، وقالوا إنهم يرسلون رسالة واضحة مفادها أن الطرق القديمة الفاسدة لممارسة الأعمال قد انتهت. ودافعوا عن العملية باعتبارها نوعًا من صفقة لتجنب طول الوقت والاضطراب الاقتصادي لعملية قانونية مطولة.

وفي بيان منفصل يوم الأحد أعلن النائب العام عن إدارات جديدة لمكافحة الفساد، وقالت الحكومة إن الملك سلمان وولي العهد محمد “حريصان على القضاء على الفساد بأقصى قوة وشفافية”.

لكن طبيعة الحملة الغامضة والخارجة عن القانون قوضت المستثمرين الأجانب الذين يحاول الأمير جذبهم الآن.

وقال روبرت جوردان، الذي عمل سفيرا للولايات المتحدة في المملكة العربية السعودية في عهد الرئيس جورج بوش: “في بداية حملة القمع وعدوا بالشفافية”، وتابع: “بدون أي نوع من الشفافية أو حكم القانون، فإنه يجعل المستثمرين يشعرون بالقلق من أن استثماراتهم قد يتم مصادرتها وأنه قد يتم احتجاز شركائهم السعوديين دون أي مبرر لهذه الاتهامات”.

الأمير الوليد بن طلال، أحد أغنى الرجال في العالم كان أجرى مقابلة مع رويترز من جناحه في فندق ريتز كارلتون في يناير، مؤكدا أن “كل شيء على ما يرام”

سجن خمس نجوم

قبل الفجر في 4 نوفمبر، كان الأمير الوليد بن طلال، أشهر مستثمر في المملكة وأحد أغنى رجال العالم، نائماً في مخيم صحراوي، عندما استدعاه البلاط الملكي لرؤية الملك سلمان، وفقا لزميلان من عائلته. لقد كان طلبًا غريبًا في تلك الساعة، لكن في السعودية المرء لا يتجاهل رغبات الملك، عاد طلال إلى الرياض، وتم طرد حرّاسه، وأُخذت هواتفه منه، وحبس في الريتز.

وخلال الساعات الأربع والعشرين بعد ذلك، استقطبت اتصالات مماثلة أكثر من 200 شخص، بما في ذلك بعض أغنى رجال المملكة وأكثرهم نفوذاً، وكان من بينهم الأمير متعب بن عبدالله، ابن الملك عبدالله، ورئيس أحد أجهزة الأمن الرئيسية الثلاثة في البلاد، وفواز الحكير، الذي يمتلك توكيلات متاجر زارا، وعشرات المتاجر الأخرى، وصلاح كامل، رجل الأعمال المسن من مدينة جدة المطلة على  البحر الأحمر. والعديد من الأمراء ورجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين السابقين.

انتهى المطاف بهؤلاء إلى فندق ريتز، وفي الغرف تمت إزالة الأبواب الزجاجية وقضبان الستائر لمنع محاولات الانتحار. لكن كان بإمكانهم مشاهدة التليفزيون وطلب خدمة الغرف، ولكن ليس لديهم الإنترنت أو الهواتف.

أما في الخارج، فقد أصيب أقاربهم بالذعر، وقام مديرو شركاتهم النائية بوضع خطط طوارئ للحفاظ على سير العمليات، غير متأكدين من طول المدة التي سيغادرها رؤساؤهم.

وفي نهاية المطاف، سُمح للمحتجزين بطمأنة عائلاتهم من خلال مكالمات قصيرة مراقبة.

وتم منع بعضهم من الاتصال بمحامين، لكن الأمير الوليد كان يتحدث أسبوعيًا مع بعض مديريه، على حد قول شركائه. وبقي بعيدا عن الأنظار حتى شهر يناير، عندما سمحت المحكمة الملكية لصحفي من رويترز بمقابلته في فندق ريتز ردا على تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية بأنه كان محتجزا في غرفة تشبه الزنزانة.

وقال الأمير لرويترز بعد أن فقد وزنه وظهرت لحيته “تأكدوا من أن هذه عملية نظيفة.. هناك سوء فهم ويجري تعديله”.

صدم الفيديو العديد من الذين عرفوا الأمير وقالوا يبدو غريبًا.

وقال جوردان، السفير السابق، الذي التقى الأمير مرات عديدة، آخرها في أبريل الماضي: “بدا الأمر مصطنعاً من نواح كثيرة”.

وفي غضون ساعات قليلة، أُفرج عنه، لكن حتى المقربين منه يقولون إنهم لا يعرفون الاتفاق الذي أبرمه مع الحكومة.

وقال تركي شبانة، الرئيس التنفيذي لشبكة تليفزيونية يمتلكها الأمير الوليد، إنه تحدث مع الأمير هاتفيًا عدة مرات في أثناء اعتقاله ورآه مرارًا منذ ذلك الحين.

وقال إنه ليس لديه أي فكرة عما إذا كان الأمير توصل إلى أي نوع من التسوية مع الحكومة، لكنه أيّد حملة القمع ضد الفساد التي طال انتظارها.

وقال “الطريقة التي كان عليها ليست طبيعية، لا للمستثمرين السعوديين ولا للمستثمرين الأجانب.. لقد احتاج النظام إلى تلك الصدمة لتطهير الماضي وبدء مستقبل جديد”.

ورفض ممثلو شركة الأمير الوليد، المملكة القابضة، إتاحته للمقابلة، لكنّ اثنين من معاوني أسرته قالوا إنه تحت حراسة مسلحة. إذ تحدث لعدد قليل جدا من الناس عن ما حدث له في ريتز.

وقال أحد المشاركين: “يرغب في نسيان ما حدث له”.

وبينما يتوجه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، إلى الولايات المتحدة لمحاسبة المستثمرين، صوّرت حكومته الحملة على أنها عملية قانونية منظمة.

تقارير الاعتداء

في الأيام الأولى من الاعتقالات في فندق ريتز، احتاج ما يصل إلى 17 معتقلاً إلى علاج طبي لسوء المعاملة من قبل آسريهم، وفقًا لطبيب ومسؤول أمريكي.

وقال أقارب بعض المحتجزين إنهم حرموا من النوم، وتعرضوا للتخويف والاستجواب، بينما كانت الحكومة تضغط عليهم للتوقيع على أصول كبيرة.

لم تظهر الدلائل على مثل هذه الانتهاكات بسرعة، لكن مسؤولين من حكومتين غربيتين قالوا إنهم يعتبرون التقارير ذات مصداقية.

إحدى الحالات تتعلق بضابط سعودي توفي في الحجز. أحد الأشخاص الذين رأوا جثة الضابط، اللواء علي القحطاني، قال إن رقبته كانت ملتوية بشكل غير طبيعي كما لو كانت مكسورة، وأن جثته كانت سيئة وبها كدمات، وقال الشخص إن جلده أظهر علامات أخرى على الإساءة الجسدية.

وتحدث طبيب وشخصان آخران عن حالة الجثة مؤكدين أن بها علامات حروق تبدو كأنها صدمات كهربائية.

وفي رده عبر البريد الإلكتروني على أسئلة حول اللواء القحطاني، قال مسؤول في السفارة السعودية في واشنطن: “جميع ادعاءات سوء المعاملة والتعذيب لأولئك الذين تم التحقيق معهم خلال إجراءات مكافحة الفساد غير صحيحة على الإطلاق”.

وأضاف المسؤول أن المعتقلين لديهم إمكانية الـ”وصول الكامل” إلى المستشار القانوني والرعاية الطبية.

ولم يكن القحطاني، وهو ضابط في الحرس الوطني السعودي -يُعتقد بأنه في الستين من العمر- ثريا، لذا فإن قيمته كهدف رئيسي لمكافحة الفساد أمر مشكوك فيه، لكنه كان أحد كبار مساعدي الأمير تركي بن ​​عبدالله، ابن الملك الراحل عبدالله وحاكم الرياض السابق، وربما كان المحققون يضغطون على اللواء للحصول على معلومات حول رئيسه، الأمير تركي.

وينظر إلى أفراد عائلة الملك عبدالله على أنهم منافسون لولي العهد محمد ووالده الملك سلمان.

وفي نوفمبر، نُقل اللواء القحطاني إلى مستشفى النخبة بالقرب من الفندق لإجراء فحوص بالأشعة وغيرها من العلاجات، وظهرت عليه علامات تعرضه للضرب، وفقًا لما ذكره طبيب عن حالته، وقد أُعيد إلى الفندق لاستجواب آخر، ثم أُعلن عن وفاته في مستشفى عسكري.

ولم تقدم المملكة أي تفسيرًا علنيًا لموت اللواء.

ويخشى أفراد عائلة القحطاني وعبدالله من فتح مناقشة عن موت اللواء القحطاني علنًا ​​خوفًا من المزيد من العقاب.

وشكا آخر من أبناء الملك الراحل الأمير مشعل بن عبدالله من معاملة القحطاني، لدائرة من الأصدقاء، وبعد ذلك مباشرة تم اعتقال الأمير مشعل وحُبس في فندق ريتز.

مساعدة خارجية

أيا كانت الضغوط التي طُبقت في ريتز، كان الهدف جعل المحتجزين يوقعون على الأصول، وفي بعض الحالات استخدمت الحكومة شركات دولية مشهورة للمساعدة.

في البداية، أعرب ولي العهد السعودي محمد عن اهتمامه بشراء أكبر شركة إعلامية خاصة في العالم العربي “إم بي سي” عام 2015، وفقا لـ3 مقربين من قيادة الشركة، ورغم أنها لا تعتبر مربحة للغاية فإن “إم بي سي” تمتلك مجموعة من المحطات التليفزيونية التي تبث برامج مثل “ذا فويس” و”أرابز جوت تالنت” داخل ملايين المنازل، وتتمتع الشركة بقوة تأثير ضخمة على الرأي العام العربي.

وتعثرت المفاوضات بشأن البيع حينما وصل فريق من شركة المحاسبة الدولية “بي دبليو سي” لفحص سجل الشركة في أكتوبر.

وألقي القبض على صاحب الشركة ومعظم أعضاء مجلس إدارتها في 4 نوفمبر، وبعد 4 أيام زار محاسبو “بي دبليو سي” المكتب الرئيسي للشركة في دبي لإنهاء تقريرهم، بحسب شخصين كانا على علم بالاجتماع.

بعد ذلك، أعدت شركة أجنبية ثانية “شركة كليفورد تشانس القانونية البريطانية” أوراقا لنقل ملكية الشركة، وفقًا لـ3 أشخاص على علم بالاتفاق، ولم تثير الشركة علانية أي مخاوف تتعلق بأن البائع معتقل من قبل المشتري.

ورفض المتحدث الرسمي لـ”كليفورد تشانس” التعليق، لكن أحد المحامين المتورطين في العمل سعى إلى إبعاد الشركة عن القمع، قائلاً إنه تم التحفظ على محاميها بعد أن بدأت الاعتقالات ولم يعلموا عنها إلا من وسائل الإعلام.

وامتنع أحد محاسبي “بي دبليو سي” الذي شارك في تقييم “إم بي سي” عن التعليق، لكن مسؤولا تنفيذيا آخر تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب قواعد سرية العميل، قال إن “بي دبليو سي” لم تلعب أي دور في مساعدة المملكة على تعقب أصول المتهمين بالفساد.

ولا تحكم أي قواعد أخلاقية محددة سلوك شركات المحاسبة والاستشارات في القضايا الدولية، لكن الشركات الغربية مثل “بي دبليو سي” تدعم عادة الإجراءات الشفافة والأسواق المفتوحة، وليس استحواذ الدولة على الأصول الخاصة.

وتخضع شركات المحاماة البريطانية مثل “كليفورد تشانس” للمدونة الأخلاقية القانونية البريطاني، التي تتطلب من المحامين التمسك “بسيادة القانون وإدارة العدالة المشتركة”.

وقال ستيفن جيلرز، الخبير في الأخلاقيات القانونية في جامعة نيويورك، إن المحامين لن يعاقبوا طالما التزموا بالقوانين المحلية، وفي هذه الحالة تلك التي وضعها الملك السعودي.

وعبر البريد الإلكتروني، أضاف جيلرز: “طالما المحامون يتلزمون بقانون الدولة التي يمثلون فيها عملاءهم فهم يتصرفون بطريقة أخلاقية، حتى إذا كان السلوك نفسه غير قانوني أو غير أخلاقي في بلدهم الأصلي”.

ومع ذلك، أردف قائلا: “يمكن للمحامين أن يرفضوا مساعدة السلوك الذي يرون أنه غير مقبول من الناحية الأخلاقية حتى وإن كان قانونيًا تمامًا”.

وتم إطلاق سراح وليد إبراهيم، رئيس مجلس إدارة شركة “إم بي سي” من فندق ريتز في أواخر شهر يناير، لكنه لم يعُد بعد إلى دبي رغم الوعود التي قدمها لموظفيه، وفي الأسابيع الأخيرة التقى ممثلو “إم بي سي” محامي “كليفورد تشانس” لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق يجعل حصة إبراهيم 40% من الشركة، ما يمهد الطريق على الأرجح للإطاحة به كرئيس مجلس إدارة، وفقا لاثنين على علم بالصفقة.

لكن برنامج الشركة قد تغير بالفعل، فهذا الشهر ألغيت 6 مسلسلات شهيرة للدراما التركية، ما يكلف الشركة نحو 25 مليون دولار، وفقا لمتخصصين على دراية بمالية الشركة.

وتختلف الحكومة السعودية مع تركيا بشأن علاقات الأخيرة مع قطر، التي تقاطعها السعودية وحلفاؤها، وقالت مصادر إن الأمر جاء من مسؤول سعودي كبير قريب من ولي العهد محمد.

الغنيمة

وقال المدعي العام السعودي في يناير إن الحكومة توصلت إلى تسويات تقدر بـ106 مليارات دولار، وذكر مسؤولون آخرون أنهم يتوقعون أن تحقق العملية 13 مليار دولار نقدا بنهاية 2018.

لكن الحكومة لم تستول إلا على القليل نسبيا، لأن المحتجزين إما أنهم لم يحتفظوا بمبالغ كبيرة في البنوك السعودية أو لأنهم أخفوا أموالهم في الخارج، حيث لم تستطع الحكومة أن تأخذها دون عملية قانونية موضوعية، ولم تكن هناك مؤشرات واضحة على أن الحكومة استولت على أي استثمارات أجنبية في المملكة، أو نجحت في الاستيلاء على الأصول السعودية الموجودة في الخارج.

ومعظم الأصول التي تم الاستيلاء عليها، حسب مستشارين ماليين ومرتبطين بالمحتجزين كانت أصولا عقارية محلية وحصص شركات، من المتوقع أن تصفيها الحكومة بمرور الوقت، وهي علمية يمكن أن تستغرق سنوات.

وبمقتضى قوانين الخصوصية، لم تقدم الحكومة معلومات بشأن ما أخذ ممن، لكن اللقاءات مع مقربين من معتقلين سابقين ملأت بعض التفاصيل.

الحكومة استحوذت على السيطرة الإدارية في مجموعة بن لادن السعودية، شركة الإنشاءات العملاقة التي أسسها والد أسامة بن لادن، والتي ظلت لعقود من الزمن بمثابة مقاول العائلة المالكة، ولا يزال رئيسها بكر بن لادن معتقلاً، وفقد أقاربه الكثير من ثرواتهم الخاصة.

وتم أخذ مبالغ كبيرة وقطع من الأرض من محمد الطببيشي الرئيس السابق للمراسم الملكية في الديوان اللكي السعودي، وفواز الحكير مؤسس أحد أكبر متاجر التجزئة في المملكة، وخالد التويجري الرئيس السابق للديوان الملكي السعودي، وعادل فقيه الوزير السابق الذي ساعد الأمير محمد على تطوير خططه الإصلاحية، وعمرو الدباغ الرئيس السابق للهيئة الحكومية التي تشرف على الاستثمار الأجنبي.

التنافس الملكي

هدف واحد هو ثروة ذرية الملك عبدالله، الملك السابق، إذ كان ينظر لذريته باعتبار أفرادها منافسين محتملين للعرش السعودي، ومنذ أن أصبح سلمان ملكا في 2015، تحرك هو وولي العهد لتهميشهم.

وتم عزل أحد أبناء الملك عبدالله، الأمير تركي من منصبه كحاكم للرياض عام 2015، في حين فصل آخر “الأمير متعب” من منصبه كرئيس للحرس الوطني في نوفمبر، وتم احتجاز الاثنين وعدد من أشقائهم في فندق ريتز.

وترك الملك عبدالله عشرات الملايين من الدولارات في مؤسسة عبدالله، التي كانت معنية بتمويل المشروعات باسم الملك في حين كانت تعمل كصندوق لورثته، بحسب 3 أشخاص مقربين من أسرته، وبعد موته في 2015 دفعت المؤسسة ملايين الدولارات لأكثر من 30 من أبنائه، حوالي 340 مليون دولار لكل ابن و200 مليون دولار لكل ابنة.

ويسعى ولي العهد لاستعادة هذه الأموال، التي يعتقد بأنها أخذت بشكل غير قانوني من مؤسسة خيرية، وفقًا لأشخاص على اطلاع بالمفاوضات، ورغم هذا يعتبر أبناء الملك عبدالله بأن هذه الأموال ميراثهم.

ومدير المؤسسة هو الأمير تركي، الذي مات مساعده اللواء القحطاني في الحجز، ولا يزال تركي معتقلا ومعظم أشقائه وعائلاتهم ممنوعين من السفر خارج المملكة، في حين هرب آخرون إلى لندن وأماكن أخرى خوفا من العودة إلى المملكة التي حكمها والدهم مؤخرا.

وبحسب أحد الأقرباء واثنين مقربين لأسرة الملك عبدالله، يُسمح لأولاده بسحب 26 ألف دولار أسبوعيا من حساباتهم لتغطية نفقاتهم.

وقالت الحكومة في يناير إن 56 شخصا ما زالوا محتجزين بسبب “قضايا جنائية معلقة” وسيُحاكمون، وأعلنت الحكومة أنه من حق أي شخص الاعتراض على اتهامات الفساد في المحكمة.

والذين أطلق سراحهم قالوا إنهم ليسوا أحرارا بشكل كامل، فهم يتجنبون لفت الانتباه وغير متأكدين متى ستأخذ الحكومة الأصول التي وقعوا عليها في فندق ريتز.

ومعظمهم ممنوعون من السفر ولا يمكنهم التحكم في حساباتهم المالية، ويعتقد بأن الأساور التي يرتديها بعض المعتقلين التي تتعقب تحركاتهم تنقل أيضًا محادثاتهم، والبعض يغطون المتتبعين بالوسائد أو يشغلون الموسيقى الصاخبة لردع المتنصتين المحتملين، كما ذكر من زاروهم.

وقال أحد أقارب محتجز تم الإفراج عنه: “إنهم يريدون الضغط عليك وعلى أطفالك حتى يتسنى لهم بيع ممتلكاتك ليسمح لك بالسفر مرة أخرى. إنه نفس الشيء داخل وخارج ريتز”.

لكنهم لا يملكون إلا القليل من الملاذ لأن ما تبقى من حياتهم وثرواتهم، فضلاً عن رفاهية عائلاتهم، يعتمد على مكانتهم في المملكة العربية السعودية، وقال أحد المنتسبين لمحتجز سابق: “لا يستطيع أحد التحدث عما حدث في الريتز. في النهاية عليهم جميعًا العيش في المملكة العربية السعودية”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى