منوعات

5 أشياء يجب أن تعرفها عن “المساحة الشخصية”

احترم المساحة الشخصية للآخرين بـ5 نصائح مستندة على بحوث

psychology today

ترجمة وإعداد: ماري مراد

الأخبار التي تفيد بأن نائب الرئيس الأمريكي السابق جوزف بايدن، لديه تاريخ طويل من الاقتراب الجسدي من الناس، لا سيما النساء، تثير مرة أخرى مسألة دور المساحة الشخصية في التفاعل الاجتماعي. أنت تعلم من خبرتك الشخصية أنه عندما يقترب منك أشخاص آخرون، بخلاف الشركاء المقربين أو الأصدقاء أو أفراد العائلة، تشعر بالحاجة إلى التراجع إلى ما تشعر أنها منطقة آمنة، فمن المخيف أن تجدهم أمام وجهك مباشرة، والأسوأ من ذلك عندما يحدث تلامس جسدي بينكم.

البحث في المساحة الشخصية له تاريخ طويل في علم النفس، وأُثبت أن هناك منطقة من القرب الجسدي تسمح للناس بالشعور بالراحة في وجود الآخرين. ورغم هذا فهناك أوقات لا يكون لديك فيها خيار سوى أن تكون قريبًا جسديًا من شخص غريب، على سبيل المثال: عندما تقف في قطار أو حافلة مزدحمة، والشخص المجاور لك على بعد بوصات فقط.

ولمنع هذا الاقتراب من أن يصبح مشكلة، يمكنك أن تفعل كل ما تستطيع لإنشاء نوع من العوائق غير المرئية. وأسهل طريقة للقيام بذلك تكون عن طريق النجاح في تجنب التواصل البصري. تخيّل التحديق مباشرة في وجه المسافر العرضي الذي تتشارك معه حزامًا معلقًا. أنت تعلم أن هذه فكرة سيئة للغاية، لذا فمن المرجح أن تنظر إلى أسفل وتتأمل في هاتفك أو قدميك.

يُمكن للناس أن يصبحوا متشددين للغاية بخصوص مساحتهم الشخصية. ربما اعتدت على الجلوس في مقعد محدد في الفصل أو في اجتماع، لكن في إحدى المرات تصل بعد دقيقة أو دقيقتين من الموعد المعتاد، لتجد شخصا آخر جلس على مقعدك. حينها تقضي بقية الوقت في التفكير في مدى شعورك بعدم الارتياح في المكان الآخر، بينما تكافح لقمع مشاعر الانزعاج التي تشعر بها تجاه شخص ما لشغل مكانك. في المرة المقبلة، تصل إلى هناك قبل 5 دقائق للتأكد من تكرار الموقف نفسه.

تتعلق دراسة المساحة الشخصية بدراسة 2017 للمسافرين جوًا من قِبل لورا لويس وآخرين بجامعة نوتنجهام في إنجلترا. توفّر شركات الطيران معملًا مثاليًا لدراسة ما يشعر به الناس حيال مساحتهم الشخصية نظرا إلى حقيقة أن المقاعد قريبة من بعضها البعض، وليس هناك مجال للهروب طوال مدة الرحلة إضافة إلى أنه بإمكانك فعل القليل لحماية نفسك من الأشخاص الذين لا يحترمون الحدود. وأشار لويس وزملاؤها إلى هؤلاء الأشخاص باسم “غزاة المسافة”.

وكخلفية للدراسة يلخّص المؤلفون البريطانيون العوامل العشرة الرئيسية التي تؤثر على المساحة الشخصية. وتشمل: دور الجنس، والثقافة، والعمر، والتفضيل الشخصي، والعلاقات الشخصية (المشاعر والوضع الاجتماعي)، وكثافة الغرفة، والشخصية (انطوائية أم متفتحة)، والموضوعات التي تجري مناقشتها في محادثة معينة، والبيئة (في الداخل مقابل في الهواء الطلق، والإضاءة، والمساحة الرأسية)، والسياق.

على متن طائرة، أوضحت لويس وآخرون أن “البروكسيمكس (فرع المعرفة الذي يتعامل مع مقدار المساحة التي يشعر الناس أنه من الضروري وضعها بين أنفسهم والآخرين)، يشمل القلق بشأن الاستقلالية والسيطرة والخصوصية” التي يتمتّع بها الركاب ضمن حدود مقاعدهم الخاصة. ربما يمكنك أن تؤمن بهذه الفكرة إذا كنت قضيت معظم الرحلة على الإطلاق في التأكد من أن لديك إمكانية الوصول إلى مسند ذراعك الخاص أو مقاومة التشويش بواسطة راكب في مقعد أمامك. وبصرف النظر عن الراحة الجسدية ترتبط هذه العوامل أيضًا بالجانب النفسي للراحة، أو درجة التوتر التي تواجهها.

ولدراسة العوامل التي تتنبّأ بالجانب النفسي للراحة، قام الباحثون البريطانيون باستطلاع عينة دولية تضم 199 شخصًا بالغًا تتراوح أعمارهم بين 18 و70 عامًا (معظمهم من 18-30 عامًا). بدأوا بمطالبة المشاركين بالرد على عناصر المتعلقة بتفضيلاتهم الشخصية. اتخذ هذا المقياس شكل حافز بصري لشخصين (ذكر وأنثى) يظهران واقفين على مسافات متزايدة من بعضهما البعض، من المقرب إلى المسافة القريبة جدًا. وقام المشاركون بوضع دائرة حول الصورة التي شعروا أنها تمثل المسافة المفضلة لديهم من شخص غريب والمسافة المفضلة لديهما من صديق.

الجزء التالي من الاستبيان طرح 4 أسئلة مفتوحة، وسرد المشاركون أشكال انتهاك المساحة الشخصية على الطائرات، وكيف شعروا عندما تم انتهاك مساحتهم الشخصية، وما الذي يفعلونه لجعل أنفسهم أكثر راحة عند حدوث ذلك، ثم بشكل عام كيف يفسرون مصطلح “المساحة الشخصية”. وتمت صياغة الأسئلة في ما يتعلق برحلة مدتها 6 ساعات.

باستخدام صور تفضيل المساحة الشخصي، كشفت المجموعة الأولى من النتائج عن عدم وجود فروق حسب الجنسية أو العمر أو الجنس في مسافات التفاعل المفضلة. ومع ذلك، كما هو متوقع، يفضل الناس أن يكونوا أقرب إلى صديق من شخص غريب. بالانتقال إلى الحالات التي ذكر فيها الأشخاص السفر جوًا، كانت هناك 3 محاور واضحة. الأول هو الانتهاك الجسدي للمساحة الشخصية كما هو موضح من خلال وكز الراكب للآخر بذراعيه أو ساقيه أو التحرك. والمقاعد الصغيرة جدًا أو القريبة من بعضها جانب آخر من جوانب التقارب الجسدي الشديد.

المحور الثاني يتعلق بانتهاك المساحة الشخصية من قبل الركاب الذين احتكروا أو سيطروا على المساحة بمتعلقاتهم. أما المحور الثالث يتضمن قائمة طويلة من الانتهاكات “الحسية” مثل الضوضاء المفرطة، والروائح، وضعف النظافة، أو الطعام أو الشراب، والمشاركة في محادثة غير مرغوب فيها.

ما يثير الاهتمام في هذه النتائج هو أنه، إلى جانب مشاكل الاتصال الجسدي والجلوس الواضحة التي ظهرت مع السفر جوًا، كانت هناك انتهاكات للمساحة الشخصية من النطاق الحسي، تقلق المشاركين بالتساوي تقريبًا. ربما يمكنك أن تفهم جيدًا هذه النتيجة إذا فكرت مرة أخرى في الوقت الذي كنت جالسًا فيه بجوار شخص غريب لم يتوقف عن التحدث أو طرح الأسئلة. وربما تعرضت إلى هذا النوع من التلوث الضوضائي إذا كنت بالقرب من شخص في مكان عام يحدث في الهاتف بصوت مرتفع. ورغم أنك قد تكون قادرًا على التغلب على التشويش إذا حاولت جيدًا، فمن المحتمل أن تضطر إلى ارتداء سماعات الرأس لحجب الصوت العالي.

المشاركون في دراسة أفادوا بأنه استجابة لهذه الاعتداءات على مساحتهم، شعروا بمجموعة من ردود الفعل السلبية، والأكثر شيوعًا هو الانزعاج، يليه عدم الراحة والمضايقة والغضب. وإذا كانت الانتهاكات تنطوي على انتهاكات حسية، فقد أبلغ المشاركون عن ردود أفعال مثل الغثيان والاشمئزاز (بسبب الروائح الكريهة)، ورهاب الأماكن المغلقة، والشعور بالتطفل، والتململ. وللتغلب على ردود الفعل هذه، ذكر المشاركون أنهم استخدموا مجموعة متنوعة من أساليب المواجهة.

والأكثر إثارة للدهشة هو أن عددًا من الأشخاص ذكروا أنهم يواجهون المعتدي، وهو أسلوب من المحتمل أن يحدث على متن طائرة أكثر من غيره من المواقف الأخرى عندما يمكنك إبعاد نفسك عن الموقف. إضافة إلى هذا ذكر مستجيبون أنهم حاولوا استعادة المساحة المسروق مثل الاستيلاء على مسند الذراع عندما ذهب الراكب الآخر إلى الحمام. كما كان هناك دور للاستراتيجيات غير اللفظية أيضًا مثل التنهد أو التلميح أو الابتعاد. وجميع هذه الاستراتيجيات السلبية كانت تحدث على الأرجح بين الغرباء، حسب المشاركين، أكثر من الأصدقاء المقربين.

أخيرًا، عند تعريف المساحة الشخصية، قدّم المشاركون ردودا تدعم التعريف الأدبي لهذا المفهوم على أنه “حدود غير مرئية تحيط بشخص يمكن كسرها من خلال الانتهاك المكاني أو الوعي بتصرفات الأشخاص الآخرين وسماتهم”.

وللإيجاز: تقترح الدراسة البريطانية 5 نصائح للتعامل عندما تحدث مشاكل المساحة الشخصية في حياتك:

كن لطيفا مع أصدقائك:

لديك حرية أكبر لغزو المساحة الشخصية للأشخاص الذين تعرفهم جيدًا بدلاً من الغرباء، لكن لا تعتبر احتمالية أنهم لن يمانعوا من اقترابك منهم، أمرًا مفروغًا منه.

انظر حولك:

كن محترمًا ومنتبهًا للحدود، لا سيما في المساحات الضيقة وعندما لا يكون هناك مهرب سهل.

واجه إذا كان في استطاعتك: 

إذا لم تكن المواجهة خيارا، اعثر على طرق لإلهاء نفسك أو على الأقل أرسل إشارات تفيد بأن الانتهاك غير مقبول.

لا تكن متطفلًا:

كن على دراية بالتطفل الحسي الذي تخلقه عن طريق وضع معطرات قوية والتحدث بصوت عالٍ في الأماكن العامة وطرح الأسئلة الشخصية المفرطة للغرباء.

تعلم قراءة لغة الجسد:

اجعل نفسك حساسًا لتتعرف على الإشارات التي تحصل عليها عندما تقترب للغاية من خلال مراقبة سلوك الشخص الآخر. إذا كنت تشعر بأنك قد تجاوزت، تراجع.

المساحة الشخصية مكون رئيسي لجميع العلاقات، ولحسن الحظ من السهل إدارتها نسبيًا بمجرد فهم أهميتها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى