سياسةمجتمع

توماس فريدمان: داعش .. تخلق الإرهاب والإلحاد أيضا

الكاتب الأمريكي توماس فريدمان: تأثير داعش لا يتوقف عند اجتذاب المتشددين بل في دفع الآخرين بعيدا عن الإسلام

توماس فريدمان

توماس فريدمان – نيويورك تايمز

ترجمة – محمود مصطفى

جذبت “الدولة الإسلامية”  بوضوح الشباب المسلم من جميع أنحاء العالم إلى تحركها الدموي لبناء خلافة في العراق وسوريا، لكن هاكم ما هو أقل وضوحاً وهو:  ردة الفعل العنيفة على الإنترنت ضد الدولة الإسلامية “داعش” من قبل الشباب المسلم الذين يعلنون معارضتهم لحكم الشريعة أو حتى يعلنون بفخر إلحادهم.

زميلة مؤسسة أمريكا الجديدة نادية عويضات التي تتعقب كيف يستخدم الشباب العربي الإنترنت تقول إن ردة الفعل هذه ” تستشري وتفاقم منها وحشية تنظيم الدولة الإسلامية،  بل حتى تدفع بعض الشباب المسلم بعيداً عن الإسلام.”

في الرابع والعشرين من نوفمبر نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” موضوعاً حول ما هو متداول على “تويتر” في اللحظة الراهنة وبدأ التقرير بـ”لاقى هاشتاغ يدعو لرفض تطبيق الشريعة الاسلامية رواجا في أوساط مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في مصر والسعودية. وانتشر وسم #لماذا_نرفض_تطبيق_الشريعة واستخدم اكثر من 5 الاف مرة في خلال 24 ساعة. وركز النقاش حول أسباب رفض البعض تطبيق المفهوم المتشدد للشريعة الإسلامية في العالم العربي اليوم.”

“ودشنت الهاشتاغ طبيبة مصرية مقيمة في سويسرا بسبب شعورها بالقلق تجاه تبني المزيد من الشباب العربي الفكر الاسلامي المتطرف، وقالت الدكتورة علياء جاد لبي بي سي ترند إنها ليست ضد الدين ولكنها “ضد استخدام الدين كنظام سياسي”.

وأضافت “بي بي سي” أن العديد من المشاركين ذكروا في النقاش “أسباب رفضهم لتطبيق الشريعة في دولهم. فكتب أحد المشاركين “لأنه لا يوجد مثال جغرافي أو تاريخي مشرف لتطبيقها لإرساء دولة العدل والمساواة.”

“وعلقت امرأة سعودية قائلة “التزامنا بالشريعة يعني التزامنا بقوانين لا إنسانية #السعودية إرتوت من دماء القصاص أكثر من الأمطار.”

 بدأ المصري إسماعيل محمد، ضمن مهمته لخلق حرية رأي في بلاده، برنامجاً يسمى “البط الأسود” لتقديم مساحة يستطيع من خلالها اللا أدريون والملحدون العرب الحديث بحرية حول حقهم في حرية الإعتقاد ومقاومة جبرية وميزوجينية السلطات الدينية.

إسماعيل جزء  من شبكة متنامية في “شبكة الملحدين العرب” وهي شبكة معنية بأخبار العالم العربي التي يكتبها عرب يقفون في وجه المستبدين والمتطرفين الدينيين.

 صوت آخر يجذب الانتباه هو الأخ رشيد، مغربي أنشأ قناته الخاصة على يوتيوب لتوصيل رسالة التسامح خاصته ولعرض أمثلة التسامح من بين مجتمعه السابق المسلم (فهو أخبرني أنه تحول إلى المسيحية مفضلاً “إله الحب”).

في مقطع له نشر مؤخراً على يوتيوب وتمت مشاهدته حوالي نصف مليون مرة وجه رشيد كلمة للرئيس أوباما:

“عزيزي الرئيس، يجب أن أقول لك أنك مخطئ بشأن داعش. أنت قلت إن داعش لا تمثل أي دين. أنا مسلم سابق ووالدي إمام مسجد وأمضيت أكثر من 20 عاماً أدرس الإسلام وأستطيع أن أقول لك بثقة إن داعش تمثله؛ كل العشرة آلاف أعضاء داعش مسلمون، قدموا من دول مختلفة ويجمعهم قاسم مشترك هو الإسلام، وهم يتبعون نبي الإسلام محمد في كل تفصيلة ويدعون للخلافة وهي عقيدة مركزية للإسلام السني.”

وواصل رشيد: “أسألك سيدي الرئيس أن تتوقف عن اللياقة السياسية وأن تسمي الأشياء بمسمياتها. داعش والقاعدة وبوكو حرام والشباب في الصومال وطالبان وشقيقاتهن كلهم صنيعة الإٍسلام. إذا لم يتعامل العالم المسلم مع الإسلام ويفصل الدين عن الدولة سوف لن نخرج من هذه الدئرة المفرغة. إذا لم يكن الإسلام هو المشكلة فلماذا إذاً لم يفجر أحد ملايين المسيحيين في الشرق الاوسط نفسه ليصبح شهيداً، بالرغم من أنهم يعيشون في نفس الظروف الإقتصادية والسياسية بل وربما أسوأ؟”

“سيدي الرئيس، إذا كنت حقاً تريد أن تحارب الإرهاب إذاً حاربه في جذوره. كم من الشيوخ السعوديين يبشرون بالكراهية؟ كم من القنوات الإسلامية تلقن الناس وتعلمهم العنف من القرآن والحديث؟ كم من المدارس الإسلامية تقدم أجيالاً من المعلمين والطلبة يؤمنون بالجهاد والشهادة ومحاربة الكفار؟”

داعش أزاحت الغطاء عن بعض مشاعر الإحباط المتراكمة في العالم العربي المسلم، بإدعائها تمثيل الإسلام وبترويجها لشكل متزمت للإسلام يستخدم تعاليم المدارس الإسلامية سعودية التمويل للخروج باستنتاجات سياسية  خاصة.

كشخص من الخارج لا يمكنني أن أقول إلى أي مدى ينتشر الأمر، لكن من الواضح وجود مجموعة كبيرة من المسلمين يشعرون بأن شيوخهم المدعومون من الحكومة ومؤسساتهم الدينية قدموا لهم نسخة من الإسلام لا تناسبهم.

هذه السلطات نفسها حرمتهم كذلك من أدوات التفكير النقدي ومساحة الحرية الدينية لتخيل تفسيرات جديدة، لذلك قليلون مثل الأخ رشيد يغادرون الإسلام إلى معتقد آخر ويدعون آخرين للانضمام إليهم فيمايفضل  البعض أن يبتعد   عن الدين تماماً ، بعد أن ضاقوا ذرعاً بالغربيين اللبقين الذين يقولون لهم ما هو ليس بإسلام،  وضاقوا ذرعاً بتعرضهم للاستبداد من قبل سلطويين إسلاميين نصبوا أنفسهم ويقولون لهم ما هو الإسلام.

الآن ومع خلق الإنترنت لمساحات حرة وآمنة وبديلة ومنصات لمناقشة هذه القضايا خارج المساجد والإعلام المملوك للحكومة، تبدأ حرب الأفكار.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى