اقتصادسياسة

وول ستريت جورنال: العاصمة الإدارية الجديدة في مصر “صيني”

وول ستريت جورنال: العاصمة الإدارية الجديدة في مصر “صيني”

وول ستريت جورنال- تامر الغباشي وإيثر فونج

ترجمة- محمد الصباغ

عندما أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي عن خطته الطموحة لبناء عاصمة إدارية جديدة لمصر على مساحة 270 كيلومترا في الصحراء، تشكك كثيرون في المشروع الذي قد تصل تكلفته إلى 45 مليار دولار.

تلاشت الآن بعض الشكوك حول الإعلان الذي تم في مارس 2015. أحد الأسباب هو أن تحالفا بين مصر والشركة الصينية للهندسة المعمارية، قد أعلن في يناير الماضي.

لم يعلن أي من الطرفين عن تفاصيل الاتفاق، وظل من غير الواضح ما إذا كانت الشركة الصينية -من بين الأكبر في العالم- قد قدمت التزاما ماديا كبيرا، لكن الوكالة الرسمية في مصر ذكرت أن الاتفاق يبلغ قيمته 15 مليار دولار من خلال منح وقروض ومذكرات تفاهم.

والأكثر من ذلك، هناك تحرك في الموقع الصحراوي الذي يبعد عن القاهرة بثلاثين ميلاً. في بداية إبريل، بدأت شركات الإنشاءات المصرية في تمهيد الطرق، والصرف الصحي، والبنى التحتية للاتصالات التي تدعم تنفيذ الوعد الضخم، وفقا لوزير الإسكان مصطفى مدبولي.

وقال مدبولي في بداية العمل بالمشروع: “سنتغلب على أي عوائق لتنفيذ هذا المشروع”.

أظهرت المراحل الأولى من العاصمة الجديدة المخطط لها، كيف تسعى الشركات الصينية الممتدة عبر الحدود للحصول على الفرص في الأسواق الوليدة، حيث يسعى القادة لتعزيز الدعم السياسي لهم من خلال التطوير الاقتصادي.

يحاول الرئيس السيسي، الذي وصل إلى السلطة في اتقلاب عام 2013 بعد انتفاضة اطاحت أيضا بحسني مبارك، أن يستخدم المشروعات العملاقة في رفع درجة الثقة في نظام تعرضت سياسته لضربات قوية بعد سلسلة المشاكل الداخلية والدولية، في الوقت الذي يعاني فيه الاقتصاد ومثله السياحة، وركود الاستثمار الأجنبي مع مخاوف تتعلق بالأمن بعد عديد الهجمات الإرهابية.

ومع حاجته لكسب المزيد من الثقة في نظامه، قال السيسي خلال الشهر الماضي إنه وجّه مجلس الوزراء “إلى أن الأولوية للمشاريع المعطلة ويتم تنفيذها حاليا”.

يعتقد كثير من الخبراء بأن الخطة الهائلة وعلى نطاق واسع تبدو جيدة جدا إلى درجة تجعلها لا تبدو واقعية. تشير الخطة إلى بناء 20 منطقة سكنية وشقق لأصحاب الدخول المتنوعة، لحوالي 7 ملايين شخص، ومنطقة صناعية تزينها ناطحات السحاب.

كما تشمل الخطة بناء مطار دولي أكبر من مطار هيثرو بلندن، وحديقة عامة مثل حديقة سنترال بارك بنيويورك، وحديقة ترفيهية أكبر بأربعة أضعاف من ديزني لاند، لخدمة المواطنين والزوار.

وأضاف في حوار له: “مصر تحتاج إلى عاصمة جديدة مثل رغبتها في تلقي رصاصة في الرأس. لكن الحكومة تبحث عن استثمار وعن كونها قادرة على فعل أي شيء”.

يجعل الصينيون المشروع المصري نموذجا لبرنامج الرئيس الصيني شي جن بنج، لتقوية مركز بلاده العالمي عبر مشاريع البنى التحتية واللوجيستية في الخارج. وكجزء من هذا الجهد، تسارعت مساعي الشركة الصينية للإنشاءات في تعاقداتها الدولية في السنوات الأخيرة، في بناء الاستادات، والشقق السكنية، والطرق، والطرق السريعة، والفنادق، والكباري في إفريقيا والشرق الأوسط وباقي أجزاء قارة آسيا.

مشاركة الصين في مشروع العاصمة الجديد كانت من بين عدد من الأشياء التي أعلن عنها في يناير، عندما زار الرئيس الصيني مصر. وخلال تلك الزيارة، ناقش المسؤولون إمكانية الدعم المالي من بنك جديد هو البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية ومقره بكين، وذلك وفقا لموقع الحكومة الصينية، ولم يعلن البنك إلى الآن تفاصيل مشروعه الأول.

وتشمل المرحلة الأولى من العاصمة المصرية الجديدة مركزا للاجتماعات الوطنية، ومبنى للبرلمان، وقاعات للمؤتمرات ومكاتب مخصصة لـ12 قسما حكوميا. ومن المقدر أن يستغرق البناء حوالي 3 سنوات، والقيمة الإجمالية للتعاقد قد تصل إلى 2.7 مليارات دولار.

نفذت الشركة الصينية للإنشاءات الكثير من المشروعات العملاقة، مثل الطريق السريع من مطار الباهاما إلى وسط مدينة ناسو، وصالة الوصول الأولى لمطار هواري بو مدين بالجزائر.

لكن من أكبر المشاريع التي فشلت فيها فندق وكازينو باها مار بالباهاما، تكلفته 3.5 مليارات دولار. وعانت تلك المشروعات من سلسلة من التأخر في التسليم، والشكاوى من المواد الرديئة، ودعاوى إفلاس ونزاعات كبيرة مع المسؤولين بسبب استقدام للعمال الصينيين، المشروع الذي اقترب من الانتهاء، أصبح في طي النسيان وشكل ضربة قوية للاقتصاد المحلي.

العاصمة المصرية المخطط بناؤها، ولم يُجد لها اسم بعد، صممت لتزود القاهرة بشريان حياة، حيث يعيش بالعاصمة 18 مليونا، ومن المتوقع وصول الرقم إلى 40 مليونا بحلول عام 2050.

تمتلك المشاريع العملاقة مثل العاصمة المصرية الجديدة، سجلاً متذبذبا حول العالم، فالكثير لم يخرجوا عن كونهم رسومًا على ورق، لكن هناك أمثلة عديدة لعواصم جديدة خلقت في منتصف اللا شيء، مثل كانبرا في أستراليا وإسلام أباد بباكستان، وبرازيليا في البرازيل.

وأضاف سيمز أن مصر تواجه صعوبات أكبر من تلك الدول، عند بدايتها لمشروعات العواصم الجديدة. على سبيل المثال، صارت الاستثمارات الأجنبية في مصر محدودة منذ الانقلاب، مع اعتماد الاقتصاد بشكل كبير على المنح من الدول الخليجية. بشكل لا مفر منه، يجب أن توجّه الأموال الحكومية إلى المخاوف الأكثر إلحاحًا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى