سياسة

300 قبطي في تل أبيب … نهاية المقاطعة؟

 ccc

تحقيق توم رولينز يكشف عن زيارة 300 قبطي مصري إلى تل أبيب للاحتفال بأحد السعف. والجدل حول نهاية المقاطعة المسيحية للمزارات المقدسة بعد وفاة البابا شنودة

عن

 http://www.al-monitor.com/

ترجمة ملكة بدر

في مكتبه الوثير بالقرب من ميدان التحرير، يجلس نمر لطفي، مدير فندق، ومسيحي قبطي، وهو يتذكر رحلة حجه إلى القدس. “لقد كانت دائمًا واحدة من أعظم أمنياتي، أن أدخل إلى مقبرة المسيح”، قالها وهو يبتسم، متحدثًا عن بستان جسثيماني، والمدينة القديمة وكنيسة القيامة. ومن أجل حلمه هذا، اضطر لطفي أن يعصي أوامر الكنيسة العريقة التي تقضي بمنع الأقباط من السفر إلى القدس. يقول لطفي “أريد أن أذهب مرة بعد أخرى، لكننا يجب أن نحترم ما يأمرنا به البابا”.

لطفي رجل عملي لكنه يتحدث بتقوى، وعلى الجدار خلف مكتبه، تقبع صورة يظهر فيها بفخر وهو يلتقي بالبابا شنودة الثالث، بابا الكنيسة القبطية السابق والرجل المسؤول عن أمر المنع منذ 1978، الذي وافته المنية في مارس 2012.

كان شنودة جنديًا أثناء حرب 1948 ضد إسرائيل، وكان أمر المنع الذي أصدره ردًا على الاحتلال الإسرائيلي وعلى اتفاقيات كامب ديفيد ومعاهدة 1979 التي مازالت مكروهة في أوساط معظم المصريين. كان المنع أيضًا رد على الفشل المحاكم الإسرائيلية في إعادة دير سلطان للكنيسة القبطية بعد أن كانت الكنيسة المصرية والإثيوبية تتنازعان عليه في المدينة المقدسة لعقود طويلة، وكانت تلك قصة منازعة أخرى، وخلاف على مطالبة في مدينة اشتهرت دوليًا بمثل هذه المنازعات وهذا الجدل.

كان شنودة قد قال عام 2002، مجادلًا في دوافع قرار المنع “من وجهة النظر العربية القومية، علينا ألا نهجر إخوتنا الفلسطينيين وأشقائنا العرب من خلال تطبيع العلاقات مع اليهود، لكن من وجهة نظر الكنيسة، فإن الأقباط الذين يذهبون إلى القدس يخونون كنيستهم في قضية دير سلطان الذي ترفض إسرائيل أن تعطيه للأقباط، وطبقًا للكنيسة، على الأقباط ألا يذهبوا إلى القدس حتى تتحرر المدينة”.

من جانبه، سار البابا تواضروس الثاني، على نهج سابقه شنودة واستمر أمر المنع فعالًا، لكن لطفي يقول إنه لم يكن يعرف بهذا حتى خطط رحلته، وحصل على إذن من كاهن كاثوليكي في الإسكندرية وأخذ طائرة إلى مطار بن جوريون. وهذا العام، لم يتغير الأمر، فقد نقلت صحيفة المصري اليوم عن الأب رويس مرقس، المتحدث الرسمي باسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بالإسكندرية وهو يقول إن هؤلاء الذين لا يلتزمون بأمر المنع سيعاقبون، وفي الوقت نفسه، سافر حوالي 300 قبطي إلى تل أبيب لحضور أحد السعف.

في الماضي، كان كل من يخالف أمر المنع عرضة لعقوبة كنسية، تتضمن الحرمان الكنسي لمدة عام أو كما قال بعض الأقباط، عقوبات أصغر منها عدم السماح للمخالفين بالتناول لفترات قصيرة من الوقت. ولا يستطيع المسيحيين المصريين دائمًا أن يحملوا أمتعتهم ويسافروا لحضور أسبوع الآلام، الأسبوع بين أحد السعف وأحد القيامة، وبالنسبة للشباب منهم، الذين يشعر بعضهم بالارتباط بفلسطين، فإن القدس هي المكان على ضفة الصحراء المقابلة الذي ربما لن يمكنهم رؤيته مطلقًا. وقد حاول بيشوي تامري، من اتحاد شباب ماسبيرو، الائتلاف الذي يجمع العديد من نشطاء الأقباط، أن يسافر العام الماضي، لكنه وجد أن الحصول على إذن “صعب”.

وبالرغم من ذلك، يعتقد تامري أن التواجد في القدس مفيد أكثر للتضامن، “والذهاب إلى القدس وزيارة فلسطين يصب في مصلحة الفلسطينيين، لأن التواجد بقربهم أفضل من الوجود بعيدًا عنهم والهتاف من أجلهم من مصر”. ويرى تامري أن الأمر يتعلق بأن تكون شاهدًا على الاحتلال الإسرائيلي وأن تتحدث وجهًا لوجه مع هؤلاء الذين يعيشون تحت رحمته، فضلا عن الحج إلى الأماكن المقدسة.

حتى داخل الكنيسة نفسها، لم يكن هناك توافق حول القرار، فالأسقف ماركوس من أبرشية شبرا الخيمة لخص ببراعة موقفه من القرار عام 2009 عندما قال في لقاء إن “الحج مرفوض بالتأكيد، أما الذهاب إلى هناك من أجل التجارة فمقبول”. ومن ثم، أصبح رجال الأعمال الأقباط أحرار في الذهاب إلى إسرائيل من أجل التجارة والعمل، هكذا عرف رجل الأعمال الملياردير القبطي نجيب ساويرس، الذي جاء في المركز 13 لأغنى رجال الأعمال العرب طبقًا لمجلة فوربس الشرق الأوسط، بصلاته التجارية المتعددة في إسرائيل.

من ناحيتها، أخبرت المنظمات الفلسطينية المسيحية في الوقت نفسه الأقباط ألا يذهبوا في رحلة حج للأراضي المقدسة كنوع من أنواع المقاطعة، أو “المقاومة السلمية” ضد الاحتلال الإسرائيلي.

ولكن هل تستطيع الكنيسة القبطية المصرية أن تقاطع إسرائيل اقتصاديًا، وأن تحث رجال الأعمال على قطع علاقاتهم التجارية بإسرائيل وفي الوقت نفسه تسمح للأقباط العاديين بالذهاب إلى الحج؟ أليس من الأسهل على المصريين أن يكون هناك صلة تضامن بينهم وبين المسيحيين الفلسطينيين خاصة إذا أرادوا الذهاب إلى القدس؟ ويجادل رفعت كاسيس المنسق العام لمنظمة “كايروس” الفلسطينية، إنه عندما يذهب المصريون أو غيرهم إلى الأراضي المقدسة، يفشلون في أن يستخدموا هذا في المقاومة، لأن إسرائيل تسيطر على المرشدين بما لا يسمح للزوار برؤية أي شيء يحدث فعلا، وبالتالي لا تعتبر زيارات الحجاج إلى الأراضي المقدسة فعلا تضامنيًا مع الفلسطينيين.

ويتفق لطفي مع هذا الطرح قائلا إن الأمر نفسه حدث معه العام الماضي في رحلته إلى الحج، “بالنسبة للإسرائيليين الأمر تجاري فقط، يدر عليهم المزيد من الدخل”. وأوضح “لو كان هناك إسرائيلي وفلسطيني، والإسرائيلي يقدم لي نفس العروض ولكن بسعر أفضل، فلماذا لا أشتري منه؟ اشتريت الكثير من الأشياء من إسرائيليين في القدس، لا أهتم بجنسيته”.

وبالرغم من أن رحلة الحج إلى الأراضي المقدسة دينية بالأساس، إلا أن السياسة لا تغيب عن المشهد. يقول كاسيس “شئنا أم أبينا هناك دائمًا رابط بين السياسة والدين، لذا يمكن لزيارة المقامات المقدسة أن تنتظر قليلا. أعتقد الناس بأن القدس “ستتحرر” يومًا ما وتصبح عاصمة فلسطين الحرة، هو ما يحدد قرارهم من الذهاب إلى الحج أو المقاطعة.”

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى