اقتصادسياسة

نصائح “بلومبرج” للاقتصاد المصري قبل مؤتمر شرم الشيخ

بلومبيرج: السيسي بادر بالإصلاحات الاقتصادية الجريئة وأهمها التخلي عن دعم الوقود 

بلومبيرج – بيتر أورزاج – ترجمة: محمد الصباغ

تفتتح مصر في الثالث عشر من مارس الجاري مؤتمر التنمية الإقتصادية الكبير بشرم الشيخ، ومن المفترض أن يظهر المؤتمر  للعالم أن مصر تعمل على إصلاح اقتصادها وجذب الاستثمارات. ويتم طرح المؤتمر باعتباره ”حجر الأساس في خطة حكومية متوسطة المدى للتنمية الاقتصادية”.

وتمتلك مصر مؤشرات إقتصادية قوية – نظريا- على المدى المتوسط والطويل في ظل عدد سكانها الذى يفوق 80 مليون نسمة، وميزة جغرافية تتمثل في الوقوع بين قارتي آسيا وأوروبا. على مدار أعوام عقب الثورة، ثبت معدل النمو عند حوالي 2%. واليوم يصل معدل البطالة إلى أكثر من 13%، والدين الحكومي تقريباً 90% من الناتج المحلي، ومعدلات التضخم وصلت إلى 10%.

وقبل انعقاد المؤتمر (الذى سأتحدث فيه)، أصدر صندوق النقد الدولي تقريرا بخصوص الاقتصاد المصري، وتوقع فيه أن يصل حجم التضخم إلى 4% في العام المقبل، و5% بحلول 2018. لا تضمن توقعات النقد الدولي بالتأكيد مستقبلا متفائلا، وخلال الأعوام العديدة السابقة كان البنك الدولي باستمرار مفرطا في التفاؤل. في إبريل 2012، توقع صندوق النقد الدولي لمصر معدل نمو يصل إلى 5% بحلول 2014، والآن معدل النمو أقل من نصف ذلك التوقع.

مصر يمكن بحق أن تحقق ما تأمله اقتصادياً طالما أن الحكومة مستمرة في الإصلاح وتحسين بيئة العمل، وخفض سعر الصرف، وتشجيع الكثير من النساء على الانضمام إلى قوة العمل في مصر. هذه قائمة طويلة من الشروط لكنها ليست مستحيلة التحقيق.

أجرى بالفعل الرئيس عبد الفتاح السيسي بعض الاصلاحات الاقتصادية. وخفض تنازلياً دعم الدولة على الوقود، الأمر الذي وفر موارداً للقطاعات الأكثر استهلاكاً للطاقة. وأدى ذلك إلى رفع الأسعار من 40% إلى 80% على منتجات الوقود، وهي القفزة التي قلل من تأثيرها الإنخفاض العالمي في أسعار النفط. رفع النظام أيضاً قيمة الضرائب على التبغ والكحوليات، وفرض ضريبة على الأسهم وأرباح رأس المال، وفرض ضريبة جديدة بقيمة 5% على الدخل المرتفع.. هذه التغييرات جميعها جيدة. فالوصول إلى معدل نمو 5% أو حتى 6% سوف يتطلب تحركاً أكثربجانب الجهود المبذولة للتخلص التدريجي من دعم الطاقة.

تحسين بيئة العمل أحد الأمور الحتمية. وحسب تصنيف البنك الدولي في 2015 للدول التي يمكن القيام فيها بأعمال تجارية، جاءت مصر في المركز 112 من بين 189 دولة. ويعد المؤتمر الإقتصادي إشارة إلى أن الحكومة تعمل بجد لجذب الاستثمار الأجنبي، ويشمل ذلك التضييق على الفساد، وصنع قانون جديد للاستثمار والتقليل من البيروقراطية.

تحتاج الحكومة أيضاً إلى أن تسمح بانضباط أكثر لوضع الجنيه المصري، وذلك من خلال تخفيف أو منع ربط سعره بطريقة غير رسمية بالدولار. في العام الماضي كان العجز في ميزان المعاملات التجارية (باستثناء المنح المقدمة من دول أخرى) وصل إلى 5% من إجمالي الناتج العام المحلي.

يرتفع معدل التضخم في مصر بسرعة أكبر من معدلات التضخم لدى شركائها التجاريين، وتسبب ذلك في ارتفاع حقيقي في سعر الصرف. وتتوقع كارولين فروند، الخبيرة الإقتصادية بمعهد بيترسون للإقتصاديات الدولية، أن الصادرات المصرية هي فقط ثلث ما يجب أن تكون. وأضافت أن العملة يجب أن تنخفض قيمتها بنسبة 20% أو 30% لمساعدة تعزيز الإستثمار الأجنبي والتصدير والسياحة.

أما الأمر الثالث الرئيسي هو زيادة نسبة النساء في القوى العاملة. فحوالي 25% فقط من النساء في مصر في سوق العمل الآن، ويجعل ذلك مصر الدولة رقم 136 بين 142 دولة في هذا الشأن حسب تقرير 2014 للفجوة بين الجنسين. من الصعب زيادة النمو الإقتصادي بينما تتدنى نسبة نصف المشاركين المحتملين في القوى العاملة إلى هذا الحد. ( من اللافت للنظر في مصر أن المرأة العاملة تكسب مادياً تقريباً نفس ما يجنيه الرجال في نفس الوظيفة، وفي هذا النوع من القياسات مصر تحتل المرتبة رقم 12 في العالم).

مستقبل مالي متفاءل لمصر ليس أمرا مضمونا.  لكن مع الإصلاحات الجريئة، يمكن أن يصبح تفاؤل صندوق النقد الدولي تجاه مصر أمرا حقيقيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى