إعلامسياسة

واشنطن بوست: ”Saturday Night Live“ من القاهرة بلا سياسة أو جنس أو دين!

واشنطن بوست: ”Saturday Night Live“ من القاهرة بلا سياسة أو جنس أو دين!

واشنطن بوست – Sudarsan Raghavan– ترجمة: محمد الصباغ

تبدو الإضاءة وتكوين المسرح  مألوفتين، كما هو الحال مع الفريق الموسيقي الذي يفتتح العرض قبل بدء الإسكتش الكوميدي: يحاول مدير محطة نووية أن يخفي حادثا في حين تقول موظفة زائدة الحجم بطريقة مضحكة أنها شخص صحي، فتعلو ضحكات الجمهور.

مع نهاية تلك الفقرة الكوميدية أو الإسكيتش، يقف الممثلون ويصرخون في صوت واحد: ”احنا في ساترداي نايت بالعربي.“

مرحباً بكم في أجدد البرامج الكوميدية بالشرق الأوسط، الذي انطلق في المنطقة بداية الشهر الماضي وبالطبع شبيه بالنسخة الأمريكية الشهرية للبرنامج.

هناك الطاقم التقليدي: ضيوف من المشاهير، ”مقدمو نشرات“ يسخرون من الأحداث الجارية، وعروض موسيقية وإسكتشات بها نقد اجتماعي حاد. لكن على العكس من النسخة الأم للبرنامج التي تبث من نيويورك، ”ساترداي نايت لايف بالعربي“ لديه مهمة شاقة: إيجاد أفكار كوميدية في منطقة تعاني من عنف الحروب والدولة الإسلامية.

ولا تتوقع من الممثلين في البرنامج أن يجسدوا شخصية الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أو أي زعيم عربي آخر أو يسخروا من سياساتهم أو خطاباتهم. ففي هذه الأيام، السخرية السياسية يمكن بسهولة أن تؤدي إلى إغلاق البرنامج أو حتى أحكام بالسجن.

يقول جورج عزمي، أحد الكتاب الرئيسيين في البرنامج: ”نقوم بصناعة ساترداي نايت لايف (SNL) دون سياسة. وكأنك فقدت قدماً من اثنتين.“ ويضيف أن الجنس والدين أيضاً هم موضوعات محظورة. ”نخاول أن نتحرك بهدوء كما نفعل.“

يأتي (SNL بالعربي) مع تفاقم التضييق الثقافي في مصر وبقية أجزاء المنطقة. في السعودية، يقضي رائف بدوي عقوبة سجن لمدة 10 سنوات بسبب ”إزدراء الإسلام“، عبر موقعه الإلكتروني. وفي البحرين، سجنت الحكومة صحفيين فيما وصفته منظمات حقوقية بأنها اتهامات واهية. وسيطرت السلطات التركية على أكبر جريدة في البلاد بداية هذا الشهر.

tmpnxEPvM

أما في مصر فلم ينس أي كوميدي ما حدث مع باسم يوسف، الساخر الشهير. كانت نسخة برنامج ”ذا دايلي شو“ الذي يقدمها المعرف باسم جون ستيوارت المصري قد أغلق منذ عامين- وهو نفس الشهر الذي وصل السيسي فيه إلى السلطة. سخر يوسف من السيسي، الجنرال السابق بالجيش الذي أطاح بالرئيس الإسلامي لمصر عام 2013، وجمع بيده السلطات عقب نجاخه الساحق في انتخابات في العام التالي. ومعلنا أن المناخ السياسي في مصر شديد الخطورة، غادر باسم يوسف من مصر وبنهاية المطاف وصل إلى الولايات المتحدة.

وقال مخرج البرنامج، عمرو سلامة: ”لا تعرف بالتحديد ما يمكن أن يضعك خلف القضبان.“

هناك نسخ من برنامج (SNL) في إسبانيا وإيطاليا وألمانيا، وأيضاً في الصين وكوريا الجنوبية. وتصل النسخة العربية إلى المشاهدين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وبالرغم من سعيهم جاهدين إلى تقديم نسخة فريدة من البرنامج للشرق الأوسط، إلا أن المنتجين والممثلين الكوميديين يسعون في ذات الوقت للحفاظ على تاريخ البرنامج الذي يزيد عن 40 عاماً، ومكانته الأسطورية. في العام الماضي، سافر العض إلى نيويورك لمقابلة فريق العمل الأمريكي ليتابعو كيفية انتاج البرنامج. وبانتظام يدخل المنتجين في محادثات استشارية مع نظرائهم الأمريكيين.

أجريت تجارب مفتوحة للأداء، وكل طاقم البرنامج وعددهم 12 من المصريين وتتراوح مراحلهم العمرية من أواخر فترة المراهقة إلىمنتصف الثلاثينات. من بينهم اثنين من عملا من قبل ببرنامج باسم يوسفوهما، خالد منصور وشادي ألفونس، اللذان إلى الآن ابتعدا عن قول أي شئ مثير للجدل.

يتم تصوير البرنامج بأحد أقدم الأستوديوهات المصرية، وليس ببعيد عن أهرامات الجيزة الشهيرة. ويبث على شبكة قنوات OSN الخاصة بالشرق الأوسط، ومقرها بدبي، ولا توجد رقابة على محتواها. أسبوعياً، يتم إنتاج عرضين بربع طاقم العمل في البرنامج الأصلي، مما يضطر العمال للبقاء لساعات طويلة أسبوعياً.

لكن البرنامج الذي يصنع في وجود مشاهدين، لا يبث على الهواء مباشرة. وأحد أسباب ذلك هو عدم الوقوع بمشاكل.

يقول سلامة: ”في مصر وكل الشرق الأوسط، يجب علينا التأكد من أن كل شئ قد خضع للرقابة ويتماشى مع سياسة القناة. لذا لديهم الوقت للمونتاج وإلغاء كل ما يريدونه. في مصر، من الصعب أن تجد عرضاً كوميدياً يبث على الهواء.“

في الحلقة الأولى، وعدت ”وزيرة السعادة المصرية الجديدة“ بالتخلص من مطربين شهيرين، واعتبرت أن الحزن يسيطر عليهم. وكانت فكرة الإسكتش مستوحاة من تعيين زيرة إماراتية للسعادة، وهو المنصب الذي أعلن الشهر الماضي.

كما سخرت حلقة أخرى من المجتمع المصري. في إحدى الفقرات، تخلص مبيد من أحد الفئران فقط بتقديم فواتير باهظة له. فيما تتهكم ماكينة دفع متكلمة على المصريين العاديين لكن مع اقتراب مجموعة من رجال الشرطة لشراء مشروب غازي، صارت تجاملهم بشكل مفرط- وهو أكثر الأشياء التي تبدو مثيرة للجدل في العرض.

قال بعض المشاهدين إن غياب المواد المسيسة كان خطوة مرحب بها كهروب من الأزمة الاقتصادية، والمخاوف الأمنية والتضييقات الحكومية.

وقال أحمد يسري 33 عاماً: ”نواجه السياسة يومياً. وبالتالي من الجيد أن نبتعد عن ذلك.“

فيما قال آخرون إن عصر السخرية السياسية قد انتهت في مصر. تقول إسراء مدحت 28 عاماً: ”لا مخزى من السخرية السياسية بعد باسم يوسف. لا يمكن تكرار الطريقة التي تناول بها السياسة وأبقى بها الناس مطلعين.“

مع مواجهة تلك القيود الإبداعية، ممثلو ومنتجو (SNL)، لا يرون أنفسهم كمحفزين للتغيير لكن من أجل البقاء على قيد الحياة في بيئة مقيدة دون تشويه إرث البرنامج الأصلي.

وقال سلامة: ”أفضل انجاز يمكن تحقيقه هو ألا يقال أننا دمرنا SNL.“

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى