سياسةمجتمع

”كيف “تمزح مع الإسلام” ..بدون زعل؟

|تقول المخرجة: لم أجد شيئا عن الكوميديا في القرآن.

Mosque460x276

 (واشنطن بوست – زرقاء نواز) ترجمة: محمد الصباغ

في أعقاب الهجوم المروع على مجلة شارلي إبدو ، تساءل الناس لماذا لا يتقبل المسلمون الفكاهة؟

سألت نفسي بالمناسبة هذا السؤال كامرأة مسلمة و فنانة كوميدية، لقد مررت بتجربة مزج الإسلام بالفكاهة. فمع بداية عرض برنامجي التليفزيوني الكندي ”مسجد صغير على البراري“، واجهت ردود أفعال غاضبة. و تقدم مسجدي بالتماس لمنعي.

و لكني أعرف أيضاً أن الكوميديا المستوحاة من الإسلام و القصص الكارتونية مع الأفلام و العروض التليفزيونية تزدهر في البلاد الإسلامية و في الغرب. و تلك علامة مجتمع قادم يستكشف حدود ما هو مسموح به دينياً.

نشأت في برامبتون بمقاطعة أونتاريو وسط أسرة متحفظة جداً دينياً. و بعد عدم قبولي في جامعة تورنتو لدراسة الطب، قررت أن أنمي شغفي للكوميديا.

قدمت العديد من الأفلام الساخرة عن المسلمين و الإرهاب، منها فيلم قصير بعنوان ”لنشوي المسلمين“. و استقبلت أفلامي بشكل جيد في المهرجانات مما حفزني، فقمت بعمل برنامج تليفزيوني على قناة سي بي سي حول محامي  كندي اسمه عمار رشيد. و في البرنامج الذي أطلقنا عليه اسم ”مسجد صغير على البراري

“، يترك رشيد عمله المريح بالمحاماة ليكون إمام مسجد مفلس و يدير مسجداً في محيط كنيسة في بلدة ميري الصغيرة بمقاطعة ساسكاتشوان.

و قبيل البدء في هذا العمل احتجت لبعض النصائح الدينية ليصبح البرنامج مقبولاً دينياً.

و كمسلمة سنية لا توجد سلطة دينية محددة لاستشارتها عكس الكاثوليك الذين يستشيرون البابا، فالمسلمون يمكن أن يتبعوا آراء دعاة أو نصنع قواعدنا بأنفسنا. و عادة لو لم نكن متأكدين سوف نستشير أحد الدعاة أو الأئمة.

لكن هؤلاء الدعاة يتعاملون مع أسئلة غبية مثل ”هل يمكنك أكل المارشميللو لو كان به لحم خنزير؟“، أربكت فكرة أن تصنع امرأة عرضاً عن المسلمين من أردت نصيحتهم. و طرحوا بعض الأشياء مثل، لماذا لا تصنعين فيلماً وثائقياً أفضل؟ أو عرض باستخدام العرائس؟

و في النهاية لم أصل لإجابات صريحة من أحد، لذا قمت بأبحاثي الخاصة. و لم أجد في القرآن أو الحديث ما يتحدث عن الكوميديا. في الحقيقة، وجدت قصصاً عن النبي محمد يضحك فيها على نكات أطلقها بعض رفقاؤه و أيضاً يصمع الفكاهة مع عائلته. و بعض آيات القرآن تنصح بصنع أحكام مبنية على أسباب عندما يتعلق الأمر بالحياة.

لذا قررت العمل بنفسي و كمسلمة لم أشعر براحة في الفكاهة عندما يتعلق الأمر بالأنبياء أو الآلهة. لكني أردت صنع الكوميديا من خلال المسلمين. و أصيب المتعصبون من رجال الدين ،و المتواجدون بشكل متساو في كل المجتمعات، بلعنة وجودي و أردت أن أقدم الكوميديا حول وساوسهم التافهة.

و لسوء الحظ لم يعرف بعض من جاليتي المسلمة الفرق بين صنع الفكاهة حول المسلمين و بين السخرية من الإسلام. فبعد بداية عرض البرنامج، أدان مسجدي ما فعلته سريعاً. و بدأ أحد الأشخاص في عمل عريضة لمنعي أم أكون جزء من الأشخاص ذوى الوضع الجيد و الملتزمين. و في أحد أيام الجمعة، تحدث الخطيب عن أن المسلمين غير مسموح لهم بجلب العار للإسلام، و صرخ الرجال مطالبين زوجي بتطليقي. و لأول مرة انتابني الخوف من وجودي في مسجد.

و أخذ الأمر سنوات حتى أستوعب ما حدث، و بالنظر إلى الخلف فقد أدركت أني أخطاأت في بعض التقديرات.

لم يكن يسيئ برنامجي لوعي الناس الديني، بل كنت أمزح من وعيهم الثقافى المتزمت. و في بعض الأحيان يكون من الصعب الفصل بين الإثنين.

في حلقة البرنامج الأولى قبّل رجل زوجته علانية و أظهرنا دماء حيض على بعض الملابس. و بالرغم من أن الإسلام متفتح قليلاً حول الحياة الجنسية، فقد تصرف الناس و كأنى عرضت فيلماً إباحياً.

كانت والدتي قد نشأت في مجتمع باكستاني متحفظ ثقافياً حيث النقاش في أمور كالجنس و الدورة الشهرية للسيدات وصمة عار. و أيضاً حيث استخدام الإسم الأول للزوج يثير الامتعاض.

لكن خبراتي و معي الكثير من جيلي من المسلمين مختلفة، فنتعانق أنا و زوجي و نقبّل بعضنا أمام أطفالنا، و نناقش معهم المسائل الجنسية و أردت أن اعكس ذلك في برنامجي.

و في أحد الأيام، سألني أحد معدي البرنامج هل يمكن لزوجة أن ”تقرص“ زوجها في مؤخرته داخل مسجد؟ فقلت نعم. حسبت أنها لحظة خاصة بين الزوجين. و بعد ذلك طولبت بأن أشجب هذا المشهد في مؤتمر إسلامي حيث كنت ألقي خطاباً، لكني لم أفعل ذلك. لقد شعرت بأن سلوك الحب بين الزوجين في مسجد غير تقليدي بالتأكيد، لكنه لا يعارض الإسلام بالطبع.

صممت معظم المساجد بحيث لا يستطيع الزوج أن يتقابل مع زوجته، لكن خلال عصر الرسول، كانت المرأة تتعامل بسهولة مع الرجال في المسجد بل و تقف للنقاش حول حكم لم توافق عليه. جعل بعض المسلمين الكثير من مسجدنا أماكن حيث الحب و المرح و السعادة شيئاً محرماً و لم يفعل الإسلام ذلك.

و خلال 6 سنوات من عرضه، ناقش ”مسجد صغير على البراري“ قضايا مثل التمييز ضد الجنس و أيضاً التعصب و العنصرية. و واصل المتزمتون هجومهم على البرنامج الذي من وجهة نظرهم يحاول إعادة رسم الإسلام، و حاولوا عمل مسيرات لمعارضة برنامجي.

لكن من لم تعجبه حلقة من الحلقات الأسبوعية وجد نفسه يضحك على حلقات أخرى، و بالتدريج كسبنا متابعين.

و بعد ذلك اكتشف المسلمون أن صلتهم بأصدقائهم من غير المسلمين تقوى بالرغم من الإختلافات فالمسلمون يدفنون موتاهم في اتجاه مكة، و البعض يتنكرون في الهالووين و يخرجون للمواعيد الغرامية.

و مع عرض الموسم الثالث، توقف ضيق الناس من البرنامج فلم يحدث شيئ كارثي للإسلام، و العكس هو ما حدث. شعر الناس بأنهم قد يرتبطون بجيرانهم المسلمين و بدأت حياتى في العودة لطبيعتها و حظيت بشهرة طفيفة. و سألنى البعض هل سيتزوج إمام المسجد من محبوبته رايان أو ستحل مكانها منافستها الرومانسية.

و حتى الآن بعد نهاية العرض بسنتين و كنا قد أنتجنا 92 حلقة خلال ستة سنوات، يأتي بعض المسلمون و يسألوني عن موعد برنامجي القادم. و كان علي أن أنهي رغبتي في خنقهم بعد جعل حياتي بائسة، و كنت أرد بكل ود يوماً ما سأصنع برنامج جديد.

سأكذب لو قلت أني لم أكن خائفة لفترات، و تسائلت إن كنت سأواجه مثل تلك العلاقة مع مجتمعي مرة أخري.

و كان المسجد بالنسبة لي مكاناً حيوياً و جزء قوي في مسيرتى في الحياة، و لم أكن أتخيل كوني منبوذة من هذا المكان. و أحياناً أتسائل إن كان الأمر يستحق كل ذلك.

و علمت بعد ذلك كثير من الناس الذين شاهدوا ”مسجد صغير على البراري“  و فهموه كما هو كعرض كوميدي يحتفي بالمعتقد الديني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى