سياسةمجتمع

واجبنا تجاه اللاجئين

واجبنا تجاه اللاجئين

ref

الدكتور شهيد الحق*

داكا- لقد سلط الحظر غير المحدد على اللاجئين السوريين الذي فرضه الولايات المتحدة الضوء على واحدة من التحديات الكبرى في عصرنا. ما الذي ينبغي علينا القيام به نحو الملايين من اللاجئين الفارين من الحرب والاضطهاد في جميع أنحاء العالم؟

إن حجم أزمة اللاجئين اليوم مذهل للغاية: ففي جميع أنحاء العالم، أجبر 65 مليون شخص على الفرار من منازلهم. و في عام 2016 فقط، مات أكثر من 7500 مهاجر -رجالا ونساء وأطفالا- في أثناء محاولة يائسة للوصول إلى البر، منهم 5083 لقوا حتفهم في البحر الأبيض المتوسط.

في بحر أندامان، تقطعت السبل بالآلاف من المهاجرين على متن قوارب دون توفر ميناء للنزول، في حين يتم احتجازهم من طرف المهربين للحصول على فدية، وقد لوحظت نقاط ضعف مماثلة في منطقة الساحل والقرن الإفريقي، وممر أمريكا الوسطى.

وفي الوقت نفسه، وصلت الآراء المعادية للمهاجرين في البلدان المضيفة ذروتها. بدلا من بناء الثقة، يزرع الكثير من السياسيين الخوف، مطالبين بالتمييز العرقي أو الديني ضد أولئك الذين اضطروا إلى الخروج من أوطانهم، فبدلا من تشجيع الهجرة بشكل آمن ومنظم، تطلب العديد من البلدان الحد من الهجرة أو وقفها تماما.

في ظل هذا المناخ السياسي، حاول بعض السياسيين التقليل من شأن الالتزامات القانونية والإنسانية تجاه اللاجئين والمهاجرين عن طريق الخلط بين بعضهم البعض، مما يعني أن أيا منهم لا يستحق الحماية. كما قام آخرون، في الوقت نفسه، بالاعتراف كرها بواجب بلدانهم قبول اللاجئين، لكن بعد ذلك أعلنوا أنه يجب على جميع المهاجرين الاقتصاديين أن يغادروا.

لكن كلا الفريقين مسؤولية على أكتافنا جميعا. وبموجب اتفاقية اللاجئين لعام 1951، على المجتمع الدولي دعم حقوق النازحين قانونيا. وبموجب اتفاقية 1990 بشأن حقوق المهاجرين، التزمت البلدان أخلاقيا وسياسيا بتلبية احتياجات المهاجرين المستضعفين. في الواقع، كجزء من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، حدد زعماء العالم اللاجئين والمشردين داخليا، والمهاجرين باعتبارهم السكان المعرضين للخطر والذين يستحقون الحماية. على وجه التحديد، فقد تعهدوا بالتعاون من أجل “ضمان الهجرة الآمنة والمنظمة، والعادية التي تنطوي على الاحترام الكامل لحقوق الإنسان والمعاملة الإنسانية للمهاجرين بغض النظر عن وضعية الهجرة، واللاجئين، والنازحين”.

لا يمكن لأي شخص عاقل أن يرغب في وقف التنقل البشري، إذ يحقق المهاجرون، رغم كل شيء، فوائد جمة للدول المضيفة، وكذلك لبلدانهم الأصلية. ولا يمكن لأحد أن ينكر التحدي الذي تمثله التدفقات غير النظامية للمهاجرين واللاجئين الذين غالبا ما يسافرون معا في شكل “هجرة مختلطة”.

أولئك الذين يسافرون بطرق غير شرعية هم معرضون للخطر، بغض النظر عما إذا كانوا لاجئين أو مهاجرين. وباللجوء إلى مسارات غير رسمية والتحايل على التزامات قانونية لعبور الحدود، فهم يقوضون عن غير قصد سيادة القانون. ويضطر العديد منهم إلى التماس خدمات من المهربين، ويسهمون بدورهم في الجريمة المنظمة. وفي نهاية المطاف، فالتحديات التي تواجه المهاجرين واللاجئين، والمساعدة التي يحتاجونها من الحكومات والمجتمع الدولي، هي متشابهة جدا، على الرغم من أن القانون الدولي يضمن الحماية الإضافية للاجئين، بما في ذلك عدم الإعادة الإجبارية إلى البلد الأصلي.

في سبتمبر/أيلول الماضي، اعترف زعماء العالم الذين حضروا قمة الأمم المتحدة بشأن اللاجئين والمهاجرين بهذا التشابه للمرة الأولى. في نهاية القمة، اعتمد المندوبون إعلان نيويورك، والذي يتضمن التزامات لتلبية الاحتياجات والتحديات المشتركة للمهاجرين واللاجئين، ويحدد عمليات تطوير المواثيق العالمية لتبادل المسؤولية لمساعدة اللاجئين، وضمان هجرة آمنة ومنظمة.

وتستوجب أزمة المهاجرين واللاجئين المستمرة إطارا عالميا جديدا وشاملا ومتماسكا للحوكمة. لقد حان الوقت لمعالجة التنقل ككل، بكل أنواعه، بغض النظر عما إذا كان الناس يتنقلون لأسباب خارجة عن إرادتهم، مثل الكوارث الطبيعية، أو سعيا وراء فرص لتحسين حياتهم.

وتعد تدفقات المهاجرين واللاجئين اليوم جزء لا يتجزأ من واقع جيوسياسي جديد معقد، حيث لم يعد بالإمكان معالجتها على نحو فعال كقضايا منفصلة. وقد أجمع المجتمع الدولي على إبرام اتفاقات منفصلة في هذا الشأن، لكن يجب أن تكون الإجراءات المعتمدة للقيام بذلك منسقة بدقة. فقط من خلال الاعتراف بشكل واضح بالروابط بين المهاجرين وتدفقات اللاجئين يمكننا أن نضمن موافقة جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على الالتزام بكل المواثيق، والمشاركة في استجابة منتظمة ومتماسكة لاحتياجات الناس الضعفاء.

للمضي قدما، يجب أن نكون منفتحين وشاملين، وجريئين في نهجنا، وعلينا تجاوز الأفكار والخطط النمطية، مثل التفويضات المعتادة أو المؤسسية. لدينا فرصة فريدة لوضع إطار شامل لمعالجة التنقل البشري بكل أبعاده، سواء اللاجئين والمهاجرين الذين يضطرون للتنقل، والذين قد يلجؤون إلى وسائل غير نظامية أو التهريب، أو أولئك الذين يذهبون من خلال الطرق الرسمية بحثا عن حياة أفضل.

من خلال العمل معا من أجل حل متماسك، يمكننا تحسين الحوكمة العالمية للتنقل البشري بشكل كبير. هذا هو خيارنا الوحيد والواقعي لمساعدة اللاجئين والمهاجرين وتعزيز المجتمعات التي ستصبح بلدانهم في نهاية المطاف.

الدكتور شهيد الحق هو الرئيس السابق للمنتدى العالمي حول الهجرة والتنمية، ووزير خارجية بنغلاديش.

بروجيكت سنديكيت، 2017. ينشر بالاتفاق مع زحمة دوت كوم

www.project-syndicate.org

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى