سياسة

هل خلقت مصر ليحكمها العسكر؟ .. حوار فرنسي

 

قال الباحث السياسي مارك لافين في حواره مع موقع “JOL Press” إن استمرار حكم العسكريين  لمصر نابع من الشرعية التي استمدتها المؤسسة العسكرية منذ عام 1952، وبسبب طبيعة الإنسان المصري الذي  “يبحث فقط عن الاستقرار ولقمة العيش والتفاخر بتاريخه دون سعي إلى التغيير”.حسب لافين

jol

 

رومان دو لاكوست ـ .JOL Press

ترجمة: منة حسام الدين

 المشير عبد الفتاح السيسي هو المرشح الرسمي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والمرجح أن يكون الرئيس القادم لمصر، إذن مصر على وشك أن يحكمها الجيش مرة أخرى.

لماذا للجيش هذا التأثير على النظام السياسي؟ ما علاقة هذا التأثير بالإخوان المسلمين؟

مارك لافيرن، الباحث والمتخصص في الشأن المصري بالمركز الوطني للبحث العلمي بفرنسا يحلل التساؤلات السابقة ويوضحما يسميه  “تناقض المجتمع المصري” في الحوار التالي:

 ـ مع الانتخاب المحتمل للمشير عبد الفتاح السيسي، مصر على وشك أن يحكمها الجيش مرة أخرى. لماذا لا تريد السياسة المصرية  أن تنأى بنفسها عن الجيش؟

أعتقد أن المؤسسة العسكرية لديها شرعية في مصر امتدت منذ منذ عام 1952 وحتى  حسني مبارك، كما أن الجيش يظهر للجميع وكأنه لا يسعى لأي مكاسب، وهو الضامن الوحيد لتحقيق مصالح الأمة.

في الواقع، مصداقية الجيش تبدو منطقية تماماً، فمن المفترض أنه يدافع عن الأراضي المصرية ضد الهجمات الخارجية، كما أنه هو الذي أدار الصراع مع إسرائيل  حتى تحقيق السلام ومابعد تلك المرحلة..

بالإضافة إلى ذلك، الجيش يعتبر مؤسسة مستقلة، لكنه الآن آلية للحراك المجتمعي حيث انتشرت فكرة أن الجميع يمكن أن يصبح “مشيراً”، حراك لا يتم الاكتراث له عالمياً أو في مجال الأعمال، لكنه صالح في بعض دول المنطقة، حيث لم تستطع القوى المدنية تفكيك وزن الجيش، لأن ببساطة لا يريد أي شخص فعل ذلك.

 ـ هل يفتقد المصريون للنضج الاجتماعي أم السياسي ليتقبلوا على المدى الطويل نظاماً سياسياً غير النظام العسكري؟

غياب ذلك النضج مرعب في مصر، وهو مرتبط بكون مصر من أقدم البلدان في المنطقة وتصنيفها على أنها دولة قومية، وهو ما يجعل المصريين يشعرون بنوع من التفوق تجاه الآخرين، وهذا التفوق يقابله عدم اهتمام بالآخرين، بحجة أن بلادهم لم تكن دولا منظمة منذ 7000 سنة مثل مصر.

التناقض المصري مماثل لنظيره الصيني: شعور قوي بالقومية يخنقه أسلوب حياة مستقر يمنعهم من الانتشار و  “الغزاوت”.

كما أن مصر مجتمع ريفي ينظر فيه الفلاحون إلى حقولهم فقط، لا مكان فيه للوراثة أو للدم.

المصريون كجميع الفلاحين حول العالم، لديهم ميول فردية ومادية، دائماً في حالة حرب مع جيرانهم على حدود الأرض وتقاسم المياه ولا يهمهم سوى قوت يومهم.

الطعام  لدى المصريين هاجس سواء كانوا أغنياء أو فقراء، وسبب لسخرية العرب منهم بسبب ما يمثله الطعام من رؤية مادية للسعادة.

لكن على الرغم من تلك المادية إلا أن المصريين مازالوا متدينين.

 ـ هل يتأثر الجيش بالفصائل الدينية مثل جماعة الإخوان المسلمين وذلك بعيداً عن عزل محمد مرسي؟

لا يؤثر أحدهما على الآخر، هما خرجا من تربة واحدة، إنه العالم نفسه وطريقة التفكير نفسها، وعلى أي حال، المصريون يمجدون الإسلام: من المستحيل أن نرى وصول قبطي إلى مركز ذي مسؤولية عالية في الجيش، إنه حاجز نفسي أكثر من كونه ديني .

في رأي، الجيش  مؤسسة دينية كما الإخوان المسلمين، الذين هم علمانيون أيضاً بقدر علمانية الجيش.

عاشت مصر مع مرسي عاما واحدا قبل أن تعود إلى العسكريين مرة أخرى
عاشت مصر مع مرسي عاما واحدا قبل أن تعود إلى العسكريين مرة أخرى

الإخوان المسلمون هم رجال الشارع في مصر، وعلى عكس ما يعتقد الكثيرون فهم ليسوا إرهابيون ملتحين، بل هم أطباء، ومهندسين، ومعماريين متعلمين وماهرين، وغالباً ما اتجهوا إلى الخليج حتى يكونوا رعاة للعديد من الأعمال.

بعد أن تحولوا إلى التطرف، عاد الإخوان إلى مصر أثرياء وفتحوا شركات، فالإسلام دين تجارة، ويتوافق جيداً مع طبيعة المصريين.

 أما على صعيد الرؤية السياسية، الدولة تفرق في التعامل بين الجيش والإخوان. الإخوان يعارضون الدولة بشكل جذري، فهم يفضلون الجماعة الدينية التي يريدها الله، في حين أن الدولة تفضل العسكر: توفر لهم الرواتب والامتيازات، وتعفيهم من الرسوم الجمركية وتساعد أفراد الجيش في معاملاتهم التجارية، إذن الدولة لا تلعب بنفس بالقواعد نفسها مع الإخوان وهو ما يثير غضبهم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى