منوعات

هل أنت وحيد وتفكر في الموت.. إليك السبب

كلمة السر ربما تكون "العزلة الوجودية"

live science

ترجمة وإعداد: ماري مراد

ربما يرتبط شعور أن لا أحد يفهمك، بأفكار الموت المستمرة. فقد توصلت أبحاث جديدة إلى أن الأشخاص الذين يشعرون كثيرًا بالنبذ والعزلة وعدم الفهم من قبل الآخرين، هم أكثر عرضة عن غيرهم للتفكير في الموت. ولم يتضح بعد ما إذا كانت مشاعر العزلة هذه هي السبب في تلك الأفكار المريضة، ورغم هذا فهناك بعض الأدلة المحيرة التي تفيد بأنها قد تكون كذلك.

وقال بيتر هيلم، طالب دراسات عليا في علم النفس الاجتماعي بجامعة أريزونا، الذي قاد الدراسة: “هذه خبرة لدى بعض الناس، والبعض لديه هذه الخبرة طول الوقت. وإذا لم ندرسها أو حتى نعرفها، فلن نستطيع تطوير تدابير من أجلها”.

البحث الجديد يُبنى على مجال إدارة الإرهاب، الذي يفيد بأن البشر يبنون حواجز حذرة بين أنفسهم ووعيهم بموتهم. ووجد البحث الداعم لهذه النظرية أن الأشخاص الذين تذكروا موتهم أصبحوا أكثر ارتباطًا بقوة بقيمهم والدلالات الثقافية، ربما كطريقة لإيجاد معنى في مواجهة الوفاة.

وتحمس هيلم وزملاؤه لاكتشاف كيف يُمكن لخبرة معينة، وهي العزلة الوجودية، أن تكون مرتبطة بأفكار الموت . وقال هيلم لـ”Live Science” إن العزلة الوجودية مرتبطة بالوحدة، لكنها ليست الشيء نفسه؛ فالوحدة تعني الشعور بافتقار الصلة مع الآخرين، في حين أن العزلة الوجودية تعني أن الآخرين لا يفهمونك بشكل أساسي، لافتًا إلى أن مصادقة الآخرين بالتزامن مع الشعور بالعزلة الوجودية، يُمكنها أن تجعل المشكلة أسوأ.

وأجرى هيلم وزملاؤه سلسة مكونة من 4 دراسات لتحديد ما إذا كانت العزلة الوجودية مرتبطة بأفكار الموت أم لا. وفي أول دراستين؛ سأل الباحثون طلاب جامعة (بإجمالي 932 طلبًا في الدراسة الأولى و613 طالبًا في الدراسة الثانية) لاستكمال استبيان، بهدف تحديد مستوياتهم الأساسية للوحدة وعزلة الوجودية وقوة مشاعرهم لهوية مجموعات أكبر منهم.

كما ملأ المشاركون استمارة لتكوين كلمات، إذ تسلموا قائمة من الأحرف المتفرقة التي يُمكن تجميعها في كلمات مرتبطة أو غير مرتبطة بالموت، اعتمادًا على خيار الشخص. على سبيل المثال: “_ _COFF” من الممكن أن تعني “coffee” قهوة أو “coffin” نعش، وكذلك KI_ _ ED قد تعني “kissed” قبل أو “killed” قتل.

الشعور بالعزلة:

وفي هذه الدراسات، فإن الأشخاص الذين أخبروا بشكل متكرر عن شعورهم بالعزلة الوجودية، كانوا أكثر احتمالًا لتكوين جمل لها علاقة بالموت عن الآخرين، ما يعني أن أفكار الموت كانت أقرب إلى عقول هؤلاء الأفراد المعزولين.

ولفت هيلم إلى أن العلاقة بين العزلة الوجودية وأفكار الموت لا يُمكن شرحها بالشعور بالوحدة.وقوة مشاعر الفرد تجاه الانتماء إلى مجموعة أو احترام الذات. وعلى النقيض، فإن الشعور بالوحدة، الذي كان مرتبطًا أيضًا بأفكار الموت، فقد هذا الارتباط بمجرد الأخذ في الاعتبار تأثيرات هوية المجموعة واحترام الذات والعزلة الوجودية. وأضاف هيلم: “هذا دليل إضافي على أن المفهومين مختلفان”.

بعد ذلك، اختبر الباحثون لمعرفة ما إذا كانت تتسبب العزلة الوجودية في ظهور أفكار الموت. وجمع الباحثون 277 مشاركًا وفصلوهم في 3 مجموعات. وقُسمت المجموعات بحيث؛ كتبت واحدة عن ذكريات شعور العزلة الوجودية وأخرى عن الشعور بالوحدة، أما الثالثة فكتبت عن الخبرة المحايدة لانتظار شيء.

وفي هذه الدراسة، فإن أولئك الذين كتبوا عن العزلة الوجودية كانوا أكثر احتمالا، من أفراد المجموعتين الأخريين، لتجميع حروف كلمات متعلقة بالموت.

لكن بتتبع الدراسة التي أجريت على 334 مشاركًا، فإن مهمة الكتابة عن العزلة الوجودية فشلت في الحصول على نتائج مماثلة. وقال هيلم: إنها تفتح باب التساؤلات حول المخاوف المنهجية حول كيفية إجراء هذه الأنواع من الدراسات”.

وبحسب هيلم، تكونت الدراسة الثانية جزئيًا من مشاركين عبر الإنترنت، على سبيل المثال؛ ربما من كانوا أكثر انشغالًا أو أكثر قدرة على راحة أنفسهم، مقارنة بالأشخاص المشاركين في مختبر علم النفس، منوهًا إلى أن عدم تكرار النتائج ربما يعني أن الدراسة الأولى كانت خاطئة وأن العزلة الوجودية لا تثير مباشرة أفكار الموت.

وذكر أن هناك إمكانية أخرى أن تذكر العزلة الوجودية يكون له تأثيرا كبيرًا على أفكار الموت بالنسبة لأولئك الذين يميلون للشعور بالعزلة الوجودية، وتابع: “إننا نبحث في كيفية ارتباط هذه التجربة بطلاب قدامى المحاربين في الحرم الجامعي. نحن نرى حتى الآن أنهم يميلون إلى الشعور بمزيد من العزلة الوجودية”.

وأيضًا، نوه هيلم إلى أن الباحثون يدرسون كيف يُمكن لمشاعر العزلة الوجودية أن تكون مرتبطة بالإحباط والأفكار الانتحارية. وأشار إلى أن علماء النفس ظلوا يدرسون الوحدة لعقود ووجدوا أن هذا الشعور مرتبط بسوء الصحة البدنية والعقلية. لكن العزلة الوجودية لم تحظى باهتمام مماثل، رغم أنها تبدو خبرة شائعة.

وقال هيلم إن الدراسة الجديدة، التي نُشرت في عدد أكتوبر من “the Journal of Research in Personality” ، نُشرت في “Reddit”مؤخرًا ، ومنذ ذلك الحين، تلقى رسائل إلكترونية من أشخاص قرأوا الدراسة وأرادوا التأكيد على أن وصف التجربة صحيح، إذ أخبروه أنهم لم يشعروا بالوحدة، لكنهم شعروا وكأنهم غير مرئيين ( أي يتم تجاهلهم من قبل الآخرين).

وختم هيلم بقوله: “يبدو أنهم يفتقرون إلى مصطلحات لوصف خبراتهم”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى