سياسة

هكذا يقضي المسلمون رمضان في سجون أمريكا

بالنسبة للمسلمين.. قضاء رمضان في سجون أمريكا حكمًا قضائيًا قاسيًا

ترجمة: فاطمة لطفي 

يستيقظ لؤي ليلى ونيلسون هيرنانديز في الرابعة والنصف صباحًا. في زنزانتهم في سجن مقاطعة دالاس هذه الأيام.

لأنه شهر رمضان، والذي يتستلزم من المسلمين الصيام من شروق الشمس حتى غروبها طيلة شهر كامل، ليس لدى الرجلين الوقت حتى أن يمسحوا النوم من على عيونهم ليتناولوا وجبة إفطار سريع، ما يعادل سحور لهم،  من البيض والبسكويت ونقانق الدجاج.

  ثم العودة مرة أخرى إلى فراشهم. حيث يجب الإحتفاظ بهذه الوجبة حتى غروب الشمس، ثم سيتمنكوا من الحصول على وجبة أخرى ابتداءًا من الرابعة مساءًا حيث تُقدم إلى السجناء الآخرين .

بينما يُلزم القانون الفيدرالي السجون لاستيعاب الشعائر الدينية، إلا أن السجناء المسلمين يواجهون بعض التحديات الصعبة أثناء شهر رمضان الكريم، والذي هذا العام  سينتهي الأسبوع القادم.

في بعض أماكن الإحتجاز في أنحاء تكساس، يمنع بعض الحراس عن جهل أو عدم اكتراث السجناء من الطعام، أو يقدموه لهم في أوقات غير ملائمة. وفي أحيان أخرى، يسخرون من هؤلاء السجناء واحتياجاتهم لأداء الصلاة بطريقتهم.

في سجن مقاطعة دالاس، السجناء المسلمون وأي سجين آخر يقول أنه مسلم يشارك في صلاة يوم الجمعة، ما يعادل يوم الأحد عند المسيحيين.

يوم الجمعة الأخيرة في تمام الواحدة والنصف مساءًا، كان يتم اقتيادهم إلى غرفة صغيرة ذات جدران بيضاء معقمة في البرج الشمالي في السجن، حيث يؤم محمد  سوير، مدير مؤسسة ” Raindrop” كان يؤذن للصلاة.
وقف متطوعين آخرين على سجاد بني اللون في وسط الغرفة يصلون، لكن وقف نحو سبعة سجناء آخرون أمام الجدار مع نظرة ضجر.

انضم للصلاة عدد أكبر من السجناء لاحقًا.  اثنان منهما يقلبان القرآن بابهامها، لكن لؤي ليلى وهيرنانديز كانوا الوحيدين من خلعوا عنهم أحذيتهم وصلّوا. الهمس الذي صدر عن سجناء آخرين دفع سوير أن يطلب منهم الهدوء خمسة مرات.

لم يكن مجنونًا. كان معتادًا على حالات تشتت انتباهه.  يقول:” أحيانًا يريدون السؤال عن شئ، وأحيان أخرى لا”.

ويبدو أن المشاجرة لم تزعج ليلى وهيرنانديز، الذين كانوا في السجن بتهمة الإعتداء الجنسي وعقد الهجرة على التوازي”.

كانوا كلاهما راضيًا عن وجباتهم الحلال وفرصة أن يشهدوا شهر رمضان، حتى أنهم كانوا شاكرين للأحكام الناجحة والضغط لتطبيق القانون.

يقول ليلى، 35 عامًا، ” لا أهتم بالضوضاء، أشعر أن الله هنا في السجن معنا، وكأنه يرشدنا طيلة الشهر”.

أومئ هيرنانديز، 39 عامًا معربًا عن موافقته، ” هذا ليس العالم الحقيقي، نحن نجني ما نفعله في النهاية

التجاهل والتمييز

بدأ سجن دالاس بتقديم الوجبات الحلال في 2013. وتلقت عمدة مقاطعة دالاس لوب فالديز الكثير من الملاحظات العابسة من المدونيين المحافظيين عندما علموا أنها سمحت للسجناء بالحصول على طعامهم قبل شروق الشمس وبعد غروبها، ما يعني السحور والإفطار.

لكن قرار العمدة يعكس تزايد التمييز الإيجابي في السجون والمحاكم للحقوق الدينية للسجناء المسلمين بعد سنوات من الإهمال والتمييز.

العام الماضي، قضت المحكمة العليا في الولايات المتحدة بالإجماع لصالح سجين مسلم في أركنساس أراد إطالة لحيته نصف إنش تماشيًا مع العرف الإسلامي.

وكانت وزارة الإصلاح في أركنساس قد منعت شعر الوجه ماعدا بعض الحالات الجلدية التي يتم تشخيصها، موضحين أن هذا يتسبب في صعوبة في إثبات هوية السجين، كما قد تستخدم لإخفاء ممنوعات.

تشارلز سويفت، مدير مركز ريتشاردستون للقانون الدستوري للمسلمين، يعمل في سجون تكساس وعلى مستوى الولايات كلها عندما يشكو السجناء من التمييز أو الإضطهاد الديني.

قال أن القرار، الذي يستند إلى قانون عام 2000 لحماية الممارسات الدينية للسجناء، جعل من مهمته أسهل.

قاضى سويفت المسؤول عن مقاطعة جريج العام الماضي عندما تم تجاهل طلب سجين في تقديم الطعام له في أوقات السحور والإفطار في شهر رمضان، حتى عندما قدمت الإدارة اعتذارها وأنها على استعداد للتغيير.

قال أن رغم استعداد معظم الإداريين لإحداث تغيير، إلا أنه عادة ما يجد أن الأمر مع الحراس، الذين يتعاملون مع السجناء كل يوم، والذين قد يكونوا أكثر إشكالًا من الإدارة نفسها.

“الإدارة تعي القانون جيدًا،  إلا أن على مستوى الحراس، ربما لايزالوا يتعاملون بالطريقة نفسها، خاصة عندما تبتعد أكثر عن المدن الكبيرة”.

لا تزال المشكلة قائمة

قال مصطفى كارول، الذي يرأس قسم هيوستن لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية، أن 15% من نحو 200 شكوى في العام تكون من السجناء.

وأضاف أنه من بين الحين والآخر يكون هناك بلاغ عن إساءة. لكن مع معظمهم يكون الشئ نفسه، لا يُسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية”.

عندما زار السجناء المسلمين في مرفق مقاطعة جيفرسون الإصلاحي في بومنت، حيث يعيش، قال أنه لم يُسمح لهم بسجاجيد صلاة أو نسخ من القرآن اشتراها في رحلة له من الشرق الأوسط.

لم يسمح له بأداء الخدمات التي جاء من أجلها: “أتيت إلى هنا كـ إمام متطوع، وكل ما وجدته هو العقبات والحواجز”.

اختلف مسئولو سجن مقاطعة جيفرسون مع هذه الإدعاءات يوم الجمعة. قالوا أن الإصلاحية توفر السجاجيد للمصلين عند طلبهم لها، كما يُسمح لهم بابتياع المصاحف.

وعندما حاول مصطفى كارول التحقق من وعود المأمور السابق في تقديم الوجبات الحلال للسجناء المسلمين في أحد إصلاحيات  تكساس، تقدّم بطلب بحرية تداول المعلومات مع الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية في تكساس.

لكن بعد ثلاث سنوات، لاتزال المشكلة دون حل، يؤمن  كارول أن بإمكان المؤسسات الإصلاحية الخاصة استخدام استثناءات في القانون المتعلق بـ ” حرية تداول الأسرار والمعلومات المالية أو التجارية” لعدم الإفصاح عنها.

” تناول طعامك، صلّ، ونم”

وبالعودة إلى سجن مقاطعة دالاس، فإن ليلى وهيرنانديز وغيرهم من السجناء، كلهم من الرجال، يعودون إلى زنازنهم في غضون ثلاثين دقيقة بعد انتهاء الصلاة. والمتطوعين النساء يقدمن خدمات إسلامية منفصلة للسجينات كل أربعاء.

سيقرأ ليلى وهيرنانديز بعض الآيات القرآنية ويأخذان قيلولة حتى ميعاد الإفطار حوالي في الساعة 8:40 مساءًا.

يقول ليلى : “لدينا الكثير من الوقت، لا نفعل شئ غير أننا نأكل، ونصلي،  وننام على كل حال”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى