ثقافة و فن

هبة طوجي.. الصوت العربي الصادح من فرنسا إلى القاهرة

فن “هبة” يتنوع بين الإخراج والتمثيل والغناء ويسخر من الانقسام في وطنه

 

اليوم تستقبل مصر هبة طوجي، لتشهد أول حفل لفنانة لبنانية تنتمي إلى طراز من الفن الشامي الكاسر للقوالب الفنية والشكلية، يحقق فيه الصوت النسائي مكانة أكثر سموًا عن سيطرة “مغنيات الجسد” والغناء التقليدي للحب على مدار سنوات، ترافق في ذلك زميلات ابتكرن أوتارًا جديدة للعب عليها في قلوب الجمهور العربي واتسع نطاق شهرتهن، من مثيلات فايا يونان ولينا شماميان ورشا رزق ومن قبلهن جوليا بطرس؛ وإن كانت هبة أكثرهن تنوعًا في الألوان الفنية.

وُلدت هبة في العاشر من ديسمبر 1987 بقرية الأشرفية في العاصمة اللبنانية بيروت، وتعلمت الموسيقى بمدرستها “أثيني دي بيروت”، وبعد حصولها على بكالوريوس اللغة الفرنسية درست الغناء والموسيقى بمدرسة غسان يمني للفن حتى 2007، واستكملت رحلتها بدراسة الصوتيات والسينما بجامعة القديس يوسف حتى نالت شهادة البكالوريوس في هذا التخصص في 2010، ولم تتوقف بعد الدراسة بل استكملت دروس الأداء الغنائي والأوبرا مع مدربين محترفين.

لم تبدأ هبة مشوارها الفني غنائيًا خالصًا، حيث كان ظهورها الأول بدور البطولة في المسرحية الغنائية “دون كيشوت” في 2011، على يد المخرج أسامة الرحباني الذي تولت شركته إنتاج ألبوماتها الغنائية فيما بعد.

ثم طرق فنها الأبواب عبر الإخراج السينمائي، فقدمت الفيلم اللبناني القصير “الحَبلِة The Rope” في 2012، والذي فازت عنه بجائزة “الفنانة متعددة المواهب” لتصويت الجمهور من بنك بيروت في نفس العام، ثم فازت في العام التالي بجوائز أفضل مخرجة لبنانية بمهرجان “أوت بوكس” للأفلام، وأفضل فيلم روائي بمهرجان ZU Middle East الإماراتي للأفلام، ومهرجان NDU الفرنسي للأفلام القصيرة لتصويت الجمهور.

وفي 2015 شاركت هبة ببرنامج The Voice في نسخته الفرنسية، ووصلت به إلى المركز الخامس بعدما أبهرت الأعضاء الأربعة للجنة التحكيم في ظهورها الأول بمرونة صوتها باللغة الفرنسية في أغنية “طواحين قلبي Les moulins de mon cœur”، ثم بالعربية في أغنية “لا بداية ولا نهاية” التي غنتها فيروز بنفس اللحن الفرنسي. وانضمت إلى فريق الفنان مايكل بينيمان أو “ميكا”، اللبناني الذي يعيش بالعاصمة الإنجليزية لندن وكان أول من سحره صوتها بالبرنامج.

صوتها الأوبرالي الرقيق أتاح لها فرصة المشاركة في أحد أعمال شركة “والت ديزني”، بغناء تتر البداية لمسلسل الرسوم المتحركة الأمريكي “إلينا من آفالور” في 2016، والذي أعادت تقديم أغنية “زمني” الموجودة به في ألبومها الغنائي “هبة طوجي 30” الصادر في 2017، لتنشرها “ديزني” رسميًا بصوتها في نفس العام.

آخر ألبومات هبة هي “مين اللي بيختار”، حاملًا عنوان أغنيتها الأشهر التي تجسد فتاة حرة تقرر مصيرها مؤمنةً بحبّ أكبر من قمع المحيطين بها، والتي أدتها للمرة الأولى ضمن سياق مسرحية “دون كيشوت”. وتستعد المطربة اللبنانية لإصدار ألبومها الأول باللغة الفرنسية من إنتاج شركة “ميركوري ميوزيك” الفرنسية، بعد طرحها أول أغنية فرنسية في 2016 بعنوان “مثلُ رمزٍ Comme un Symbole” في المتاجر الرقمية.

تصف هبة بلدها لبنان بـ “سيرك المجانين” في أغنيتها الساخرة “بلد التناقض”، لكنها تعبر عن حبها الأصيل لهذا السيرك بكل ما يحمله من متضادات اجتماعية وفكرية يحتضنها جميعًا. تعود إلى الغناء بسخرية تحمل لمسة الغضب عن الاختلافات والفساد والعدالة في وطنها العربي الأكبر في “ع البال يا وطننا”، وفي العيد التاسع والستين للجيش اللبناني تشدو مدافعةً عن أحباء تغيّبهم الحرب والموت، مؤكدةً للشعب أنه لا بارود يحميه دون تمييز إلا بارود جيشه.

وقبيل زيارتها إلى مصر لإحياء حفلها المُنتظر في الغد 30 أبريل، والذي تنظمه شركة “صوت” للإنتاج، نشرت هبة أغنيتها “سلّم على مصر” والتي تغزّلت فيها بمصر وتاريخها واعتبرتها “هدية لم تكن لتأتِ من دونها إلى مصر”، وسرعان ما تخطت نسختها على موقع “يوتيوب” المليون مشاهدة بعدما أحبّ الجمهور المصري خفة روحها وإتقان صوتها العذب للهجتهم؛ وإن اتسمت بكلمات تقليدية وتصوير بدا أنه أعِدّ على عجل، بما لم يرتقِ إلى المستوى الذي اعتاده الجمهور من هبة.

يُقام الحفل بأحد التجمعات السكنية الراقية بمنطقة مدينة نصر، وتتدرج أسعار التذاكر بين 600 و2000 جنيه مصري، ولم تؤدِّ محاولات هبة للتدخل وخفض الأسعار إلا إلى طرح تذاكر بسعر 350 جنيهًا، ليُحرم الجمهور العادي من الحضور ويأمل في فرصة مقبلة في متناول اليد، يُتاح له فيها سماعها تصدح في بلاده من جديد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى