رياضةسياسة

هافنجتون بوست: “إعدامات كرة القدم” ..اختبار للسيسي

 هافينجتون بوست: بورسعيد لن تكون سعيدة بأحكام الإعدام.. وجمهور الأهلي لن يسعد إذا تم تخفيف الأحكام

هافينجتون بوست – جيمس دورسي – ترجمة: محمد الصباغ

تواجه القبضة الحديدية للجنرال عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح رئيسا، اختباراً،  مع صدور حكم بإعدام 11 مشجعاً لكرة القدم لتورطهم في معركة ذات طابع سياسي منذ ثلاث سنوات، وأسفرت عن مقتل 74 مشجعاً من مشجعي النادي الأهلي المصري.

اندلعت تظاهرات ضخمة منذ الاشتباكات المميتة التى شهدها ستاد بورسعيد ،ثم بعد صدور أول حكم بإعدام 21 من مشجعي النادي المصري، ومطالبات جمهور الأهلي بالعدالة ، ووالتمرد الشعبي  الذي اشتعل في مدينة بورسعيد  وباقي مدن القناة عند اصدار حكم الإعدام آنذاك، وأجبر ذلك الرئيس حينها  محمد مرسي  على إعلان حالة الطورئ،  وانتشر الجيش في منطقة القناة.

ورغم أن الحكم الصادر عقب إعادة المحاكمة قد قلل من أعداد مشجعي النادي المصري الذين قد يواجهون حكماً بالإعدام،  إلا إن الحكم قد جدد الغضب في بورسعيد حيث يرى كثيرون أن المشجعين مجرد كبش فداء، وأن   الجيش والسلطات الأمنية كانا يعاقبان  مشجّعي الأهلي على دورهم الرئيس في الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس حسني مبارك عام 2011 والمظاهرات المتلاحقة التي نظموها ضد المجلس العسكري.

ويعد الـ 11 مشجعا المحكوم عليهم بالإعدام جزءا من 73 متهماً  بينهم  تسعة ضباط وثلاثة من مسؤولي النادي المصري، اتهموا بمسؤوليتهم عن الحادث الذي شهد عدم تدخل قوات الشرطة المسؤولة عن التأمين بينما كانت جماهير الأهلى تموت في تدافع قاتل أمام بوابات الاستاد المغلقة من الخارج عقب المباراة. ومن المنتظر صدور الحكم النهائي في 30 مايو.

ما زاد الشكوك في تورط بعض رجال الشرطة والجيش في الحادث الذى يعد الأسوأ في تاريخ الرياضة المصرية هو وجود بعض الأدلة التي يمكن استنتاجها، مثل التراخي الأمني قبل بداية المباراة وتواجد مجموعة من الرجال المسلحين بهراوات داخل الملعب، والتهديدات المتبادلة بين جماهير الأهلي والمصري على موقع تويتر قبل المباراة.

قد يجعل قمع السيسي الوحشي كثيرين في بورسعيد يعيدون التفكير قبل النزول إلى الشوارع والتظاهر. منذ أطاح السيسي بمرسي في الانقلاب العسكري عام 2013 أدت حملة القمع إلى 1400 حالة وفاة وسجن الآلاف. لكن يمكن أيضا أن ينتظر المشجعون حتى ضدور قرار مفتي الجمهورية المصري في أحكام الإعدام.

 تحال كل أحكام الإعدام في مصر إلى المفتي ويكون تصديقه على الحكم أو عدم تصديقه غير ملزم للقضاء. إذا أصدر المفتي قرارا برفض أحكام الإعدام قد يقلل ذلك من حرارة الأحداث في بورسعيد لكنه سيشعل الغضب بين جماهير النادي الأهلي الذين احتفلوا عقب الحكم الأول بإعدام 21 شخصاً.

أدت الاتهامات المبدئية الموجهة للمتهمين الـ 73  إلى تحميل جماهير النادي المصري مسؤولية الحادث، بينما تجنبت التحقيقات تماما تورط  قوات الأمن أو الجيش، رغم وجود 9 شخصيات من الشرطة بين المتهمين. لقد تم وضع القضية في إطار معين بحيث من المستحيل أن يتم الوصول لحكم يرضي جميع الأطراف. لن تكون مدينة بورسعيد سعيدة بأحكام الإعدام على مشجعي المصري ، بينما البراءة أو السجن المخفف سيثير غضب آلاف من جماهير النادي الأهلي.

يأتي حكم المحكمة في لحظات حرجة تمر بها كرة القدم المصرية. وتأتي أيضا أحكام الإعدام عقب اقتراب مصر من حظر مجموعات كرة القدم باعتبارها منظمات إرهابية، وهي المجموعات التي تمثل العمود الفقري لمعارضي حكم السيسي الاستبدادي. كما تم القبض على خمسة أشخاص متهمين بالانتماء لمجموعة أولتراس وايت نايتس تمهيداً لمحاكمتهم. وأولتراس وايت نايتس هي مجموعة من مشحعي نادي الزمالك المسيسة بشكل كبير واعتاد أعضاؤها على المعارك في الشارع وهم المنافس اللدود لجماهير الأهلي.

تم القبض على الأشخاص  الخمسة واتهموا بالانضمام إلى ”كيان إرهابي“، ومحاولة إسقاط نظام الجنرال السابق الذى أصبح رئيسا.

ويأتي الحكم أيضاً بعد بداية محاكمة 16 شخصاً من بينهم أعضاء من أولتراس وايت نايتس الذين اتهموا بالقيام بأعمال عنف، وشغب وتخريب أدت إلى التدافع أمام ستاد الدفاع الجوي وراح ضحية الحادث 20 شخصاً في 8 فبراير الماضي. ويعتقد على نطاق واسع أن الضحايا لم يسقطوا نتيجة ممارسات أولتراس الزمالك بل بسبب عنف الشرطة التى لا تمتلك أي خبرات في التعامل مع الحشود والمعروفة أيضاً بوحشيتها.

في النهاية، تصدر المحكمة أحكاما بالإعدام في نفس الوقت الذي يعتبر مشجعي كرة القدم هم نواة المظاهرات المعارضة للحكومة في الجامعات والأحياء الشعبية. ويحذر قادة المشجعين والمجموعات الطلابية إن جيل 2011 من ناحية لا يبالي أكثر ومن جانب آخر أصبح أكثر يأساً ولا يشعر بقيمة للحياة مقارنة بما كان عليه منذ 4 سنوات.

يأتي التضييق الأمني على مشجعي كرة القدم في الوقت الذي تلعب فيه المباريات بلا جماهير من أجل مواجهة العنف وتجنب أن تتحول الملاعب مرة أخرى إلى مكان للتعبير عن المعارضة. وكل ذلك يؤدي إلى شعور بالإحباط. ويقول أحد مؤسسي مجموعة أولتراس وايت نايتس الذي ابتعد عنها: ”عندما تحين الفرصة سيقومون بشىء لم نستطع فعله“، قاصدا في حديثه الجيل الجديد.

الكاتب جيمس دورسي هو زميل رئيسي في كلية راجاراتنام للدراسات الدولية بجامعة  نانيانج بسنغافورة، و مدير مساعد بمعهد جامعة فورسبرج لمحبي الثقافة، و كاتب بالهافينجتون بوست، و صاحب مدونة The Turbulent World of Middle East Soccer.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى