ترجماتسياسة

هآرتس: “صفقة قرن” ترامب ربما تموت أو تحيا في القاهرة

هآرتس: منطقة اقتصادية بتمويل خليجي في سيناء

المصدر: Haaretz – 

ليس لدى صائب عريقات، كبير المفاوضين الفلسطينيين، شكوك بشأن الهدف الأمريكي  من “صفقة القرن”. قال عريقات لصحيفة في نهاية الأسبوع: “غرضها -الصفقة- الإطاحة بالقيادة الفلسطينية وتغيير محمود عباس. عريقات أيضًا متأكد أن خطة الأمريكيين لتجاوز وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين “أونروا”، بحيث توجه الأموال المخصصة مباشرًا للدول المضيفة لهم. وبهذه الطريقة يتمكنون من سحب البساط من تحت مشكلة اللاجئين، أصعب القضايا في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وقال مسؤول كبير بالسلطة الفلسطينية لـ”هآرتس” إن “مخاوف السلطة الفلسطينية تتمثل في ما يسميه المسؤولون الفلسطينيون “مؤامرة المصريين والسعوديين والأمريكيين والإسرائيليين”، وهدفها فصل غزة عن الضفة الغربية وتقديم حل اقتصادي لغزة يعزز سيطرة  حماس، وبالتالي تجنب المفاوضات الدبلوماسية حول مستقبل فلسطين”.

هذا الخوف يبدو أنه مُبرر. وبناء على تقارير بوسائل الإعلام المصرية تعتمد على دبلوماسيين غربيين، فإن الخطة الأمريكية تسعى إلى تأسيس منطقة تجارة حرة بين قطاع غزة والعريش في سيناء حيث سيتم تشييد 5 مشاريع صناعية عملاقة. واتساقًا مع المطلب الإسرائيلي، فإن هذه المشاريع ستُبنى في مصر، التي ستراقب عمليات وعبور العمال من غزة إلى سيناء.

وسيأتي ثلثا العاملين من غزة والثلث الآخر من سيناء. وفيما بعد سيُشد ميناء فلسطيني مصر مشترك ومحطة توليد طاقة شمسية، وإذا سار كل شيء بحسب ما هو مخطط، سيتم بناء مطار. وستبقى الحكومة في غزة تحت سيطرة حماس لكنها ستكون في تنسيق كامل مع مصر، التي دخلت خلال الأشهر الأخيرة في محادثات مكثفة مع حماس بشأن إجراءات السيطرة على المعابر الحدودية.

Protesters demanding the lifting of sanctions on Gaza Strip, in the West Bank city of Ramallah, June 12, 2018.

وستبقي مصر، التي فتحت معبر رفع في منتصف مايو مراعاة لشهر رمضان، المعابر مفتوحة لشهرين آخرين حتى عيد الأضحى بنية تركها مفتوحة إلى أجل غير مسمى. المعبر الآن مفتوح ليس فقط للأشخاص لكن أيضًا للبضائع ومواد البناء، ضد رغبة إسرائيل. مصر تجعلها واضحة لإسرائيل إن سياسة الإغلاق على غزة ربما تنهار إن لم توافق إسرائيل على تسهيل الأمور على الغزاويين”.

القليل من المصالحة

هذه أيضًا رسالة واضحة للسلطة الفلسطينية؛ إذا استمر محمود عباس في إعاقة المصالحة بين حماس وفتح، فإن غزة سوف تُعزل عن الضفة الغربية.

يبدو أن رسالة المصريين سُمعت، وبحسب يحيى رباح، مسؤول كبير في حركة فتح في الضفة الغربية، فإن السلطة الفلسطينية ستبدأ دفع رواتب موظفي غزة التي تم تعليقها. وأيضًا، بالتنسيق مع مصر سيتم استكمال محادثات المصالحة بين فتح وحماس بهدف إنعاش حكومة وحدة وطنية في غزة.

وفي الوقت نفسه، لا توافق مصر- التي تشعر بالقلق بشكل خاص بشأن التطورات في غزة- بالكامل على المبادرة الأمريكية. ويوم الأربعاء، بعد اجتماع بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري ورئيس المخابرات عباس كامل، المسؤول عن القضية الفلسطينية، أعلن المتحدث باسم الرئاسة بسام راضي: “مصر تدعم جميع الجهود والمبادرات للوصول إلى اتفاق شامل، على أساس القرارات الدولية التي اتخذت في الماضي وعلى مبدأ دولتين لشعبين في حدود 1967 ، مع القدس الشرقية عاصمة لفلسطين”.

هذا الموقف يوضح أن مصر لا تدعم الفكرة السعودية بأن تكون أبو ديس عاصمة فلسطينية، وأن أي خطة اقتصادية لغزة لن تكون بديلًا عن خطة دبلوماسية يقبلها الفلسطينيون. وهكذا تقسم مصر استمرار العملية إلى قسمين: المساعدة إلى غزة وتنمية اقتصادها كجزء من تعزيز الحدود بينها وغزة، والمفاوضات الدبلوماسية الشاملة المستقلة عن اقتصاد غزة.

قلق عبد الله

العاهل الأردني الملك عبد الله- الذي قابل أيضًا المبعوثين الأمريكين جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات، قلق بشكل أساسي بشأن نية السعودية لإزالة حماية الأردن على الأماكن المقدسة في القدس، التي وُعد بها في اتفاقية السلام الأردنية الإسرائيلية. وأيضًا، يشعر الأردن بالقلق إزاء سيطرة إسرائيل على وادى الأردن كجزء من اتفاقية سلام. وعلى المدى القصير لا يعارض عبد الله التطور الاقتصادي المنفصل في غزة، لكنه يؤيد الموقف العربي التقليدي بأن غزة والضفة الغربية ليستا كيانين منفصلين.

Palestinians take part in a protest calling on Abbas to lift the sanctions on Gaza Strip, in Ramallah, June 23, 2018.

وبحسب مصادر عربية، يبدو أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وابنه ولي العهد محمد بن سلمان، مختلفان بشأن هذه المسألة. ففي حين أن محمد داعم متحمس للحطة الأمريكية وفصل غزة عن الضفة الغربية، فإن والده قلق بشأن الانتقاد التي قد يتوقعها إذا تنازل عن مبادئ مبادرة السلامة السعودية 2002 بتقسيم “المشكلة الفلسطينية” إلى جزأين والتخلي عن موقف أن تكون القدس الشرقية عاصمة لفلسطين.

ولكن، ليست “صفقة القرن” فحسب هي مصدر النزاع بين القادة العرب. واجهت إفادة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأنه سيطلب  من السعودية والإمارات وقطر تمويل مشروعات في غزة، معارضة شديدة من المملكة السعودية والإمارات. وأوضحت الدولتان لمبعوثي أمريكا أن مشاركة قطر ستعني دخول إيران غزة من الباب الخلفي. وتؤكد البلدان قدرتهما على التعامل مع التمويل- الذي يُقدر بنحو مليار دولار- بأنفسهما إذا وافقت مصر وإسرائيل.

والعام الماضي، أعلنت الإمارات رغبتها تخصيص 40 مليون دولار لمحطة كهرباء، وأنها ستساهم بنحو 15 مليون دولار لتمويل الإدارة في غزة.

وفي حين أن الخلاف العربي الأمريكي بشأن الحل النهائي للمشكلة الفلسطينية هو ما تريده إسرائيل، فإن الأخيرة عليها أن تقرر بشأن غزة. تركيز الحل في غزة على المشاريع الاقتصادية هو ما تريده إسرائيل، إذ أنه يجعل من غزة قضية إنسانية وليست دبلوماسية. لكن جدال الدبلوماسيين في إسرائيل ربما ينسف هذه الخطوة بطريقة تضع إسرائيل في مواجهة عسكرية مع غزة، ومواجهة سياسية مع  واشنطن.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى