ترجماتسياسة

“هآرتس”: أسد سوريا أصبح حليفًا لإسرائيل

التحالف الروسي بسوريا ليس في علاقة غرامية

المصدر: Haaretz – 

ترجمة: ماري مراد

في وقت مبكر من عام 2012، وبعد اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، أعدّت وزارة الخارجية الإسرائيلية توصيات بشأن الموقف في ما يتعلق بالرئيس السوري بشار الأسد.

وكما أوردت “هآرتس” حينها، قالت الوزارة إنه يجب على إسرائيل إدانة المجزرة في سوريا وعزل الأسد. وجادلت بأنه لا يجب على إسرائيل أن تكون الدولة الغربية الوحيدة التي لا تدين الأسد، لأن ذلك من شأنه أن يغذي نظريات المؤامرة بأن إسرائيل تفضّل أن يظل القاتل الجماعي في السلطة.

وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك، أفيغدور ليبرمان، قبل هذه التوصية، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عارضها. نتنياهو ندد بالذبح، والجيش السوري واتهم “مختلف الزعماء بأنهم ليس لديهم أي مخاوف أخلاقية حيال قتل جيرانهم وشعبهم أيضًا”. لكنه لم يذكر الأسد باعتباره الشخص المسؤول أو طالب بإطاحته. سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة خلال تلك الفترة، رون بروسور، قال إن الأسد ليس لديه “الحق الأخلاقي لقيادة شعبه”، لكن هذا كان.

هذه الحيل الدبلوماسية ونزاع نتنياهو وليبرمان تغذي فقط نظريات المؤامرة، وقادة المعارضة السورية تم إقناعهم بأن إسرائيل أرادت بقاء الأسد في السلطة. هم كانوا على حق.

الآن، استعاد الأسد السيطرة على معظم سوريا ويشن المعركة الأخيرة ضد المعارضة في الجنوب. إسرائيل تتصرف الآن كأنها تعيد تشكيل سياستها وأن تصبح متصالحة مع استمرار حكم الأسد. منذ أسابيع عديدة مضت، أفادت تقارير بأن إسرائيل أخبرت روسيا بأنها لن تعارض هذا، كما لو كان القرار في يدها أو أن لدى إسرائيل أي تأثير على أي نوع من الحكومة تتواجد بالسلطة في سوريا بعد انتهاء الحرب.

لكن إسرائيل ليست متصالحة مع حكم الأسد. وهي أيضًا تخشى من احتمالية نجاح الميليشيات المتمردة المختلفة في الإطاحة به، مما يؤدي إلى نشوب حرب أهلية جديدة بين المتمردين أنفسهم.

لم تقدم أوراق الموقف التي صاغها الجيش الإسرائيلي ووزارة الخارجية، خلال العامين الماضيين، دعمًا فعليًا للرئيس السوري، لكن تقييماتهما تظهر أنهما ينظران إلى استمرار حكمه باعتباره الأفضل أو حتى الحيوي والجوهري لأمن إسرائيل. أضاف تعاون إسرائيل الوثيق مع روسيا، التي أعطت القوات الإسرائيلية حرية التصرف لمهاجمة حزب الله وأهداف إيرانية في سوريا، الإسرائيليين إلى التحالف غير الرسمي للدول العربية التي تدعم استمرار حكم الأسد.

الملك عبدالله، ملك الأردن، كان من أوائل الزعماء الذين شجبوا الأسد وطالبوا بالإطاحة به. لكنه عكس موقفه في وقت لاحق، مما أغضب المملكة العربية السعودية. وبعد المحادثات التي دارت بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والمسؤولين الروس، أصبحت الرياض لا تعارض علنًا استمرار بقاء الأسد.

التدخل العسكري الروسي في سوريا، الذي بدأ في 2015، كان يُنظر له في البداية باعتباره غير فعال ويميل إلى الفشل. لكن في الحقيقة، عزز التدخل وضع الأسد على الصعيد المحلي، وأنشأ ائتلافًا مع إيران وتركيا، تم تحييد تدخل الدول العربية مثل قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. وبما أن الولايات المتحدة انسحبت من الساحة حتى قبل ذلك، فقد كان على إسرائيل ظاهريًا تدبر أهون الشرور.

لكن التحالف الروسي ليس في علاقة غرامية، فطهران وموسكو على خلاف حول السيطرة على مناطق التصعيد. وتركيا التي غزت مناطق كردية في شمال سوريا، تهدد رغبة روسيا في دولة سورية موحدة.

لذلك، إذا كان هدف إسرائيل الإطاحة بإيران من سوريا، فإن روسيا -وليس الولايات المتحدة أو الدول العربية- هي القوة الوحيدة القادرة على الحد من العمليات الإيرانية هناك، وربما مغادرتها.

الأسد يعتمد بشدة على روسيا، أكثر من إيران. وهذا مناسب لإسرائيل لأنه يعني أن السياسة الخارجية لسوريا، بما في ذلك السياسة المستقبلية تجاه إسرائيل، سيتفحصها الكرملين، وبالتالي على الأقل ضمان التنسيق مع إسرائيل وتقليل التهديد من سوريا. في المقابل، التزمت إسرائيل بعدم تقويض حكم الأسد.

علاوة على ذلك، أصرّت إسرائيل على أن اتفاقية فك الاشتباك لعام 1974 التي أعقبت حرب يوم الغفران لا تزال سارية، بمعنى أن إسرائيل لن تقبل القوات السورية في أجزاء من مرتفعات الجولان منزوعة السلاح بموجب ذلك الاتفاق. ورسميًا، يشرف مراقبو الأمم المتحدة على تنفيذ الاتفاق. لكن من الناحية العملية، كان نظام الأسد هو الضامن لتأييد سوريا للاتفاقية وأن تبقي الحدود هادئة لعقود. كما استخدمت إسرائيل، التي لديها رأي سيئ في مراقبي الأمم المتحدة، ردعها العسكري لإقناع الأسد بأن التمسك بالاتفاق يخدم مصالحه.

والآن تنضم روسيا فعليًا إلى هذه القوة الإشرافية، وتتفق مع إسرائيل على ضرورة إبقاء الحدود هادئة.

لذلك يجب على إسرائيل أن تتمنى للأسد نجاحًا كبيرًا وحياة طويلة. وعندما يهدد الوزراء الإسرائيليون حكمه المستمر إذا سمح للقوات الإيرانية بالتواجد بالقرب من حدود إسرائيل، ينبغي عليهم أن يعلموا أنهم يهددون روسيا، وكذلك شريك إسرائيل الاستراتيجي الجديد في القصر الرئاسي بدمشق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى