أخبارسياسة

نيويورك تايمز تكتب عن سمير صبري “محامي الأخلاق الحميدة”

أربعون عامًا من ملاحقة رجال الدين والمشاهير والراقصات و”أبلة فاهيتا”

نيويورك تايمزداكلان والش

ترجمة- غادة قدري

نشرت نيويورك تايمز تقريرًا عن المحامي المصري سمير صبري الذي “لا يكلّ ولا يملّ “من ملاحقة تصريحات المشاهير وسلوكهم، ويفخر بأنه قدم ما يقرب من 2700 دعوى قضائية ضد فنانين وإعلاميين وسياسيين ومشاهير بل حتى أنه طالب بعقاب الدمية “أبلة فاهيتا” بتهم جنائية مثل التحريض على الفجور.

وحتى بعد صدور تقرير “نيويورك تايمز ” صباح السبت عن سمير صبري، فقد فوجئنا، بخبر بلاغ آخر قدمه صبري إلى المستشار نبيل صادق النائب العام، يطالب فيه بالتحقيق مع الإعلامية منى أبو شنب باتهام المصريات المتزوجات بالخيانة بنسبة 96 ٪، مطالباً بالتحقيق فيما تضمنته من جرائم طبقا للقانون وإحالتها للمحاكمة الجنائية العاجلة.

وإليكم نص التقرير كما نشرته “نيويورك تايمز”:

في ركن مبعثر من مكتبه الخاص بالمحاماة ، وسط ملفات، وفناجين قهوة نصف فارغة، جلس سمير صبري أمام شاشة الكمبيوتر، بوجه متحجر، وهو يشاهد مقطع فيديو  لدمية قبيحة الفم.

كانت على الشاشة “أبلة فاهيتا” الدمية الشهيرة تجسد شخصية أرملة ساخرة شعبية، كانت تتحدث بسخرية  عن تداخل العلاقات بين المصريين في مجتمع مزدحم  وهي تصفهم “مثل مؤخرتين في لباس داخلي واحد”.

في صباح اليوم التالي، أرسل مكتبه شكوى جنائية إلى النائب العام، واتهم منتجي دمية أبلة فاهيتا بـ “التشجيع على الفجور”. وفي حال إدانتهم، سيواجهون عقوبة السجن لمدة تصل إلى خمس سنوات.

صبري، المحامي البالغ من العمر 67 عاما، هو أحد أكثر المحامين تأثيرا في بلد يسمح فيه القانون لأي مواطن بتوجيه التهم ضد آخرين بسبب جرائم غامضة مثل الفجور و “إهانة الأمة”. وعلى الرغم من أنه يقع على عاتق النائب العام للحكومة أن يقرر ما إذا كان ينبغي متابعة مثل هذه القضايا، وأن العديد منها يتم رفضها على أنها تافهة، فإن مثل تلك القضايا لا تسمح بحرية التعبير، وسبق أن تعرضت للفنون وطالت السياسة الوطنية أيضًا.

 يدّعي صبري أنه قد قام بتقديم أكثر من 2700 دعوى من أجل المصلحة العامة في السنوات الأربعين الماضية، وقد استهدفت سهامه القانونية الجهات الفاعلة ورجال الدين والسياسيين وحتى الراقصات الشرقيات، وقد تلعب دورا حاسما في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وبسبب دعاوى قام برفعها المحامي صبري، حكم على محمد عبدالله نصر، المعروف باسم الشيخ ميزو،  بالسجن لمدة خمس سنوات فى فبراير الماضي، كما حكم على الكاتب أحمد ناجي، بالسجن لمدة عامين قضى منهما تسعة أشهر في عام 2016 بناء على شكوى دعمها صبري الذي قال وقتها إن  المواد المثيرة في رواية ناجي وتّرت قلبه.

وفي نوفمبر، رفع صبري دعوى على شيرين، مغنية البوب، ليتم حظر غناءها في مصر بعد أن قدمت نكتة طيبة حول نوعية المياه غير النظيفة في النيل.

وقال: “الفن المصري في أسوأ حالاته”. “إنهم يعتمدون على العري، والعنصرية، ويظهرون نساءنا المصريات عاهرات. وعلينا ان نوقفهم”.

الآن مصير خالد علي (وهو واحد من السياسيين المعارضين القلائل في مصر) معلق بواسطة خيوط نسجها صبري. ومن المرجح أن يفوز خالد علي، المحام اليساري، والمنافس الحقيقي الوحيد للرئيس عبد الفتاح السيسي في الانتخابات المقرر إجراؤها في مارس، حتى ولو بنسبة ضئيلة.

لكن بسبب إدانته في العام الماضي بتهمة وجهها سمير صبري له بقيامه بإشارة فاحشة قد يُحرم علي من خوض السباق الرئاسي.

ويشعر المحامي سمير صبري بالاستمتاع، بدوره كقوة أخلاقية. وهو يقول “إن الناس يخشونني”.

في قلب مدينة القاهرة القديمة يوجد مكتب المحامي سمير صبري المزدحم بعشرات من التماثيل الصغيرة، وجزء من مجموعة تضم  3400 لعبة من السيارات، رتبت بعناية على طاولة الاجتماعات.

ويبقى سمير صبري في مكتبه إلى وقت متأخر من الليل، يراقب شاشة التلفزيون الكبيرة على مكتبه أو يتصفح الإنترنت على جهاز آي باد خاص به، ويبحث عن أي شخص يرى أنه أساء إلى مصر أو الرئيس السيسي. أما بالنسبة للبحث فإنه ينتقل إلى أرشيفه المكون من ثماني غرف مليئة بأكوام شاهقة من الصحف والمجلات، يعود تاريخها إلى السبعينات من القرن الماضي، وتقدم إدانات إضافية ضد أهدافه، يستعين بالأرشيف للبحث عن ما قاله خصومه سابقًا.

سيارة BMW وخواتم ماسية لزوجته

يقول صبري، إنه بسبب عمله، فلديه وقتًا محدودا يمضيه مع زوجته، ، وهي تعرف أن عمله يمثل شغف كبير بالنسبة له لذلك فهو يشتري لها هدايا كثيرة- خواتم وقلادات من الماس، وسيارة BMW لأجعلها سعيدة.

غير أن دعمه للرئيس السيسي لا حدود له تقريبا. ولد كلا الرجلين في حي الجمالية، بين الأزقة المتعرجة للمدينة القديمة، حيث كان والد الرئيس السيسي تاجرا. وعندما صعد السيسي إلى السلطة ، الذي كان آنذاك جنرال، في عام 2013، قال صبري إنه دعاه لتناول مشروب في نادي هيليوبلس وقدم له المشورة،

استمر صبري في مهاجمة أعداء السيسي، ورفع المئات من القضايا ضد زعماء جماعة الإخوان المسلمين، وسعى دون جدوى إلى تجريد 113 مواطنا من مواطنتهم من بينهم زعيم المعارضة محمد البرادعي ووائل غنيم الذي يعمل في جوجل ولعب دورا بارزا في احتجاجات الربيع العربي عام 2011.

وفي عام 2015، منعت بسببه الراقصة سما المصري من الترشح للبرلمان على أساس مهنتها. إذ قال “انها غير مناسبة تماما”. وحاول غلق مكتب صحيفة الجارديان البريطانية  في القاهرة واتهمها بنشر “أخبار مزورة”.

جامعة بوسطن: لا نعرفه ولم نمنحه أي شهادات

ومع ذلك، ادعى صبري في الصحف والمقابلات أنه قد تخرج من جامعة بوسطن وحصل على الدكتوراه في القانون التجاري  عام 2000. ولكن مسؤولين في جامعة بوسطن، اتصلت بهم صحيفة نيويورك تايمز، قالوا إنهم لا يعرفون سمير صبري وليس لديهم سجل له وأنهم لا يقدمون دكتوراه في القانون التجاري.

ويفعل مثل سمير صبري آخرون ففي نوفمبر، قدم محام آخر دعاوى ضد فيلم “شيخ جاكسون “، الذي يحكي قصة رجل دين شاب يرقص مثل مايكل جاكسون. وتتم مقاضاة الممثل الرئيسي للفيلم بسبب ازدراء الدين.

وفي الشهر الماضي رفع محام آخر دعوى قضائية على فنانة صاعدة تدعى شيما وحكم عليها  بالسجن لمدة عامين لمقطع فيديو ظهرت فيه وكأنها تأكل موز.

وهذا الأسبوع، قدم محامي الإسكندرية طارق محمود شكوى ضد صحيفة نيويورك تايمز يتهمها بنشر أخبار كاذبة.

ويلقى سمير صبري عموما رفضا من منافسيه، الذين يعتبروه أقل وطنية، يتساءل أحمد مهران، المحامي الذي  شن حملة ضد مثليي الجنس في الخريف الماضي عندما قدم شكوى ضد مجموعة شباب كانوا يلوحون بأعلام قوس قزح في حفلة موسيقية: “من أين يحصل سمير صبري على أمواله؟” “هل يمكن أن تكون من الأجهزة الأمنية؟”

ويقول محام آخر، اسمه نبيه الوحش، عن سمير صبري أنه يسعى إلى”فرصة للحصول على شهرة”.

وينفى سمير صبري عن نفسه تلك الاتهامات، ويصر على أنه يمول قضاياه شخصيا دون مساعدة من الحكومة، ويدعي أن ثلثي محاكماته أدت إلى إدانات، وهو تقدير مرتفع. ولكن حتى عندما يخسر صبري دعاوى قضائية، فإن ذلك يمكن أن يكون له تأثير على حرية التعبير.

يقول خالد داود، وهو صحفي استهدفه سمير صبري، “رغم هروبي، فإن التهديد بتهم جنائية متجددة لا يزال قائما”.

وقال “التهم مثل سيف معلق على رأسي”.

ومن شأن التشريع المعروض حاليًا على البرلمان أن يسهل على السلطات تجريد المعارضين من جنسيتهم، لكن سمير صبري على عكس الجميع يرى التشريع بمثابة تطور إيجابي. ويقول “أنباء سارة ستجعلنا مشغولين باستمرار”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى