ثقافة و فنسياسة

نيويوركر” عن “علي سالم:” فقدت مصر رجلاً شجاعاً و”كبش فداء”

علي سالم: لا يمكنهم الوصول إلى إسرائيل ولكن يمكنهم الظفر بعلي سالم

نيويوركر – لورانس رايت – ترجمة: محمد الصباغ

في أحد أيام عام 1994، قاد الكاتب المسرحي المصري علي سالم سيارته السوفيتية الصنع شرقاً، وعبر قناة السويس وصحراء سيناء حتى وصل إلى الحدود الإسرائيلية. لم يكلف نفسه عناء إخبار زوجته أو أولاده. وأوضح بعد ذلك ”لم تكن رحلة حب لكن محاولة جادة للتغلب على الكراهية. فالكراهية تمنعنا من رؤية الحقيقة كما هي.“

كان الساخر، على سالم، يدعو العالم العربي إلى التصالح،  بدلا مما  أطلق عليه ”دولة ذهنية الحرب“ التي تختلف عن “عن الحرب الحقيقية”، وأوضح أنه ”في “دولة ذهنية الحرب”، تقاتل دون الذهاب إلى أرض المعركة، تتحول إلى مدفع دون ذخيرة، أو قنبلة دخان، أو سلاح من الفلين. كل أفعالك وأقوالك تتحول إلى شعارات ومعركة صراخ. دولة كراهية للنفس وللغير، أعلى درجات الكذب.“

وحمل كتابه عن تلك التجربة اسم ”رحلة إلى إسرائيل“، وكان من الكتب الاكثر مبيعاً في العالم العربي. وتجنب المثقفون المصريون سالم إلى نهاية حياته. تم طرده من اتحاد الكتاب، وهو القرار الذي ألغته محكمة مصرية، ثم قام سالم بعد ذلك بالاستقالة وقال أنه أراد أن يوصل رسالة. وكان لا يرحم في تناوله الساخر لاستغلال القضية الفلسطينية من أجل تبرير الانقلابات العسكرية التي حدثت في عدة دول عربية عقب الخسارة المذلة من إسرائيل عام 1948. كما كتب عن نوع جديد من المستبدين: ”بشكل تدريجي أو فوري، قضوا على حقوق الإنسان في بلادهم، لكن قد نستخف بهم لو لم نعترف بأنهم نجحوا في إضافة مئات الآلاف إلى أعداد اللاجئين،  كما أضافوا مئات الآلاف إلى قوائم  القتلى والجرحى والآباء الثكالى والأيتام. يجب أن نعترف أيضاً بأن هؤلاء الحكام العسكريين نجحوا في إعفاء البلاد العربية من عبء حكم مناطق كبيرة كانت تحت سيطرتهم” .“

كان سالم ذو وجه ضخم، وعيون مليئة بالحياة والحزن. عندما قابلته في القاهرة، بعد فترة قصيرة من وقوع أحداث 11 سبتمبر، أعلن بشكل ساخر ومزعج أنه بدأ في إنشاء  حضانة تطرف للأطفال لأن  ”الأطفال لا يؤمنون بأن الآخرين يعبدون نفس الرب الذي نعبده.“ وأضاف ”إنهم كفرة. والمهمة التي بدأت للاعداد لها هي تطهير العالم منهم.“

وأكمل ”أطفالي الأعزاء، اكرهوا الموسيقى. اكرهوا كل أنواع الفن، والأدب أو المساعي العلمية. اكرهوا الرقة. اكرهوا العقل والفكر. اكرهوا عائلاتكم. اكرهوا أنفسكم. اكرهوا معلميكم. اكرهوني. اكرهوا الآخرين، كل الآخرين. اكرهوا هذه المدرسةز اكرهوا الحياة، وكل ما فيها.“

توفي سالم بمنزله في القاهرة بتاريخ 22 سبتمبر الجاري. فقد العالم العربي رجلاً شجاعاً وربما صوتاً لا يمكن تعويضه. كما فقد المثقفون المعارضون له كبش فداء مفضل لهم. أخبرني سالم ذات مرة ونحن نتشارك في زجاجة نبيذ بمصر: ”لقد أصبحت عادة في تلك الدولة أن تتم مهاجمتي في برامج التوك شو.“  وأضاف ”ما الذي يمكنهم فعله بعد ذلك؟ لا يمكنهم الوصول إلى إسرائيل. وبالتأكيد، لن يستطيعوا الوصول إلى أمريكا. لكن يمكنهم الظفر بعلي سالم.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى