سياسة

نقابة الصحفيين المصريين 75 عاما من المعارك

نقابة الصحفيين المصريين 75 عاما من المعارك

_MG_9793

ابراهيم نافع احمد بهاء الدين احمد قاسم جودة جلال عارف

ضياء رشوان عبد المنعم الصاوي فكري أباظة كمال زهيري

مكرم محمد احمد يحي قلاش يوسف السباعي

رئيس جمهورية زفتى ينتزع حق النقابة الوليدة في الاشتغال بالسياسة .. وأول مجلس لها يخوض معركة إنهاء الرقابة على الصحف

الصحفيون يتصدون لإسقاط قانون باسيلى في 1951  .. وينجحون في إسقاط  القانون 93 لسنة 95

كامل زهيرى يرفض قرار السادات ويمنع تحويل النقابة إلى نادى اجتماعي .. والنقابة تفرض حظر التطبيع مع إسرائيل

كتب – طارق سعيد

 في 31 مارس 1941 استطاع الصحفيون  تأسيس  نقابة لهم بعد جهود استمرت عشرات السنوات، ومحاولات عدة تكللت بصدور القانون رقم 10 لسنة (1941) بإنشاء النقابة وتشكيل مجلسها المؤقت.

وفور صدور القانون تم تعيين أول مجلس مكون من 12 عضوا، ستة يمثلون أصحاب الصحف وستة من المحررين، وكان من أصحاب الصحف محمود أبوالفتح باشا الذي اختاره المجلس نقيبا، وجبرائيل بشارة تكلا باشا وفارس نمر باشا وعبد القادر حمزة باشا ومحمد التابعي باشا وإدجار جلاد باشا، ومن المحررين خليل ثابت بك وإبراهيم عبدالقادر المازني ومحمد فكري أباظة ومحمد خالد وحافظ محمود ومصطفى أمين.

وكانت أولي مهام هذا  المجلس الإعداد لأول جمعية عمومية للصحفيين والتي  انعقدت فى الخامس من ديسمبر 1941 بمحكمة مصر بباب الخلق لاختيار أول مجلس منتخب وكان عدد الأعضاء الذين حضروا الاجتماع الأول 110 أعضاء من 120 عضوا هم كل أعضاء النقابة في سنتها الأولي، سدد كل منهم الاشتراك السنوي وقيمته جنيه واحد، وكان أول خمسة أعضاء تقدموا للنقابة كمؤسسين هم حافظ محمود ومحمد لطفي غيث ومحمد أحمد الحناوي ومصطفى أمين وصالح البهنساوي.

واختارت الجمعية أول مجلس منتخب في تاريخ النقابة وكانت مدته طبقا للقانون عاما واحدا من ديسمبر 41 إلى ديسمبر

وخاضت النقابة منذ اللحظة الأولى وفى سبيل الدفاع عن كرامة الصحفيين والمهنة والوطن معارك كبرى

العمل بالسياسة

عند مناقشة مشروع قانون نقابة الصحفيين في  مجلس الشيوخ رفض النائب يوسف أحمد الجندي الشهير برئيس جمهورية زفتى نصا كانت لا تخلو منه قوانين النقابات المهنية فى ذلك الوقت يحظر الاشتغال بالسياسة بقوله “كيف يحظر على نقابة الصحفيين الاشتغال بالسياسة لأن تنظيم مهنة الصحافة وتكوين نقابة يستلزم الاشتغال بالسياسة فإذا سنت الحكومة قانونا من شأنه الحد من حرية الصحف مما يستدعى أن تناقشه هيئة النقابة تم منعها بحجة اشتغالها بالأعمال السياسية ، مضيفا أن طبيعة تنظيم المهنة تقتضى من النقابة الكلام في السياسة كما أن العمل على رفع شأن الصحافة وإعلاء كلمتها يستدعى حتما تعرض النقابة للشئون السياسية»

 ونجحت  نقابة الصحفيين فى أن تكون أول نقابة لا يحظر قانونها الاشتغال بالسياسة ونجح الوعي الجمعي للصحفيين منذ هذه اللحظة فى عدم الخلط بين اهتمام النقابة والصحفيين بحكم طبيعة عملهم بالسياسة وبين العمل الحزبي.

رفض الرقابة

بعد اختيار المجلس الأول للنقابة بدأ يواجه أشد القضايا عبئا وهى قضية الرقابة على الصحف التي اشتدت بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية وتعددت حالات حبس الصحفيين كما أدت هذه الظروف إلى تقليل عدد صفحات الجريدة اليومية إلى أربع صفحات مما كان يهدد المحررين بالاستغناء وواصل هذا المجلس اجتماعاته ولأول مرة يسمع صوت الصحافة تحت قبة البرلمان للمطالبة بتخفيف الرقابة على الصحف ومعالجة أمر حبس الصحفيين وعدم الاستغناء عن أى محرر مهما قل عدد صفحات الصحف

قانون باسيلى
فى سنة 1951 تصدت النقابة  لتعديلات قانونية تم طرحها على البرلمان بهدف وضع قيود على الصحافة والصحفيين على اثر هجمات وحملات صحفية على حكومة الوفد فتقدم استفان باسيلى عضو الهيئة الوفدية وعضو مجلس النواب بمشروع قانون لتغليظ عقوبات النشر فى «قانون العقوبات يحظر نشر أخبار السراي أو أحد أفراد الأسرة الملكية إلا بعد موافقة من الديوان الملكي نفاقاً للملك وحاشيته واستطاعت الصحافة أن تنتفض لحريتها ومن داخل مجلس النواب نفسه وقف النائب عزيز فهمى صارخا” كيف تكون حكومة الوفد التي تنادى بالحريات معولا لهدم الحريات”.

وعقدت نقابة الصحفيين جمعية عمومية حضرها كل أصحاب الصحف ومحرروها للاحتجاج على هذه التعديلات، وأصدرت الجمعية قرارا باحتجاب الصحف المصرية يوماً احتجاجا على التعديلات, واضطر باسيلى أمام ضغط الرأي العام وغضبة نقابة الصحفيين لسحب المشروع.

لا للحبس

منع حبس الصحفيين واحدة من أقدم معارك نقابة الصحفيين التى ظلت مفتوحة منذ انتخاب المجلس الأول وحتى اليوم وفى فبراير سنة 1942 أصدر أول مجلس منتخب فى نقابة الصحفيين قراراً بالاحتجاج على تقييد حرية الصحافة، ولما تعذر نشر هذا الاحتجاج بفعل الرقابة أعطيت نسخة منه الى الدكتور محمد حسين هيكل عضو مجلس الشيوخ فتلاها وسجلها فى مضابط المجلس ونشرت فى الصحف نقلاً عن المضابط

رفض للتطبيع

تحول رفض التطبيع إلى واحدة من أهم المعارك الوطنية للنقابة،  و كانت البداية عندما اشتدت المعارضة ضد الرئيس السادات حين قرر الذهاب إلى “إسرائيل” وإلقاء خطاب فى الكنيست ثم توقيعه اتفاقية “كامب ديفيد” وبدأ الصحفيون المصريين في الداخل وفى الخارج في انتقاد نهج وسياسات السادات وشهدت النقابة أنشطة فى هذا الاتجاه أثارت غضب الرئيس السادات الذى سخر من لقاءات ومناقشات الصحفيين التى كانت تمتلئ بها حديقة النقابة فى المبنى القديم بمكانها الحالى ووصفهم بأنهم أعضاء «حزب الحديقة» وبلغ غضب السادات على نقابة الصحفيين ذروته عندما أعلن فجأة قراره بتحويل النقابة إلى «نادى للصحفيين» وقاد كامل زهيرى  نقيب الصحفيين فى هذا الوقت حملة معارضة لقرار السادات.

وتحت ضغط الرفض الرهيب لهذا القرار وتصاعد مظاهر احتجاجات الصحفيين ومساندة قطاعات واسعة من الرأي العام ومؤسسات وقوى سياسية لموقف النقابة تراجع مخطط تحويل النقابة إلى ناد ورفع النقيب كامل زهيرى شعار »العضوية كالجنسية« بل ذهب مجلس النقابة إلى أبعد من ذلك فقرر »حظر التطبيع النقابي« مع الكيان الصهيوني حتى يتم تحرير جميع الأراضي العربية المحتلة وعودة حقوق الشعب الفلسطيني وفى مارس سنة 1980 صدقت الجمعية العمومية للصحفيين على هذا القرار وكانت أول نقابة مهنية تتخذ هذا الموقف

القانون 93

من أشهر المعارك التي خاضتها نقابة الصحفيين كانت معركة القانون 93 لسنة 1995 ، والتى تعد معركة
تاريخية بحق قادها مجلس النقابة برئاسة النقيب إبراهيم نافع فى ذلك الوقت.

المعركة التي امتدت لأكثر من عام ظلت خلاله الجمعية العمومية غير العادية -التي انعقدت فى العاشر من يونيو 1995- في حالة انعقاد مستمر لمواجهة القانون 93  الذي وضع  قيودا غير مسبوقة على الحريات الصحفية و أشتهر بقانون حماية الفساد.

 ووصف الراحل الكبير محمد حسنين هيكل القانون فى كلمته التى وجهها للجمعية العمومية بالجريمة بقوله : «وأشهد آسفا أن وقائع إعداد هذا القانون كانت أقرب إلى أجواء ارتكاب جريمة منها إلى أجواء تشريع عقاب وأنه يعكس أزمة سلطة شاخت فى مواقعها

لم يكن صدور هذا القانون صدفة على أي نحو فقد تمت دعوة أعضاء اللجنة الدستورية والتشريعية لمجلس الشعب بشكل عاجل يوم 27 مايو سنة 1995 ودون إخطارهم بطبيعة المشروع الذي سيعرض عليهم ومن وتم عرضه عليهم ومن ثم على المجلس وإقراره خلال ساعات.

تم تمرير المشروع خلال ساعات قليلة ووقعه رئيس الجمهورية فى الليلة نفسها 27 مايو 1995 ونشر فى الجريدة الرسمية تحت رقم 93 لسنة  1995وقرر أعضاء المجلس عقد اجتماع طارئ يوم 29 مايو سنة 1995 , على رأس هذه القرارات كانت الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة فى 10 يونيو يسبقها مؤتمر عام فى الأول من يونيو وحضره أكثر من 1500 صحفي في مؤتمرهم العام الأول.

وأعقبه اعتصام احتجاجي يوم 6 يونيو لمدة 5 ساعات بمقر النقابة شارك فيه مئات الصحفيين من كل المؤسسات والأجيال والاتجاهات فى أكبر حركة احتجاجات شهدتها النقابة على مدى تاريخها وغطى الصحفيون جدران نقابتهم بالرايات السوداء وتوالت مبادرات الغضب واحتجبت صحف الوفد والشعب والأحرار يوم الجمعة 2 يونيه واحتجبت صحيفة الحقيقة يوم السبت 3 يونيه واحتجبت صحيفة الأهالي يوم الأربعاء 7 يونيو.

في  28 مايو أصدر مجلس النقابة بيانا أعلن فيه الرفض القاطع لهذا القانون الذي يستهدف حرية الصحافة ولا يحترم المصالح العليا للوطن، وتقرر أن ينقل جلال عيسى موقف النقابة خلال كلمته فى الاحتفال بعيد الإعلاميين أمام الرئيس مبارك،  وطلب إعادة القانون لمجلس الشعب من جديد وطرحه للمناقشة العامة واستطلاع رأى الصحفيين فيه.

قاد الدكتور أسامة الباز مستشار الرئيس السياسي مفاوضات حل الأزمة وبدأ اتصاله بعدد من كبار الصحفيين والنقابيين للبحث عن صيغة للخروج من الورطة وعقد لقاء ثانٍ مع رئيس الجمهورية في يونيو 1996 حضره مع النقيب وأعضاء المجلس كل النقباء والنقابيين السابقين وكان في مقدمتهم كامل زهيرى حافظ محمود شيخ الصحفيين وعلى مدى أكثر من عام ظلت الجمعية في حالة انعقاد مستمر برئاسة النقيب إبراهيم نافع حتى انتصرت النقابة لمبادئ الحرية وأسقطت القانون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى