سياسة

نصف الجمهوريين يريدون من ترامب “قمع” الصحافة..وحملة صحفية ضده

أكثر من 300 صحيفة توحد صوتها ضد ترامب

ترجمة: إسراء رمضان ورنـا يـاسر

 

وضع الرئيس الأمريكي على عاتق الصحفيين في الولايات المتحدة هدفًا  كبيرًا بعدما وصفهم بـ”عدو الشعب الأمريكي والمرض و الخطر كبير” ولسوء الحظ، فأن جزءًا كبيرًا من الداعمين له، يستمعون له.

فقد أظهر استطلاع أجرته شركة “إبسوس” للدراسات والأبحاث، أن 43 % من الجمهوريين يرغبون في منح الرئيس صلاحية  وقف ومنع الصحفيين عن ممارسة ما يطلق عليه ترامب “سلوك سيء”.

ونظمت حوالي 350 صحيفة أمريكية في جميع أنحاء البلاد جهدًا مُنسقًا لطرح افتتاحيات للالتفاف حول الحقوق الدستورية والعلاقة بين الصحافة الحرة والديمقراطية السلمية، بعد تصريحات ترامب، على اعتبار أن “الواجب الأول للصحيفة هو أن تكون دقيقة، وإذا كان  عملها دقيقًا، فأن ذلك يعني اتباعها أسلوبًا عادلاً”، حسبما قال هربرت بايارد سوب، وأحد من أكبر الصحفيين عام 1917.

وفي افتتاحية صحفية “آميس تريبيون” الأمريكية، أكدت أن الصحفيين يحترمون الحق الذي يمنحهم الدستور إياه، ليكوّنوا حجر الزاوية في بيئة ديمقراطية سليمة وهذا ما يخالف طريقة الرئيس الأمريكي الذي حينما لا يرغب في الرد على تساؤل، يكون من الأسهل له تجاهله بدون مراعاة للشفافية.

ففي الحقيقة، ينظر الرئيس الأمريكى إلى أي سؤال موضوعي يخص تصرف ما أو قرار من قرارته، على أنه سؤال شخصي وغير مسؤول،  وعليه تلوم الصحف الأمريكية وصفه لها بانها تُنتج “أخبارًا مُزيفة”، لذا تدافع الصحف الأمريكية عن عمل الصحفيين قائلة “إنهم لا يفعلون واجبهم لمجرد مشاهدة أسمائهم على الصفحات الأولى للجرائد، ولكن لتحقيق ما يعتقدوا إنهم ملتزمون به كما هو مقرر في الدستور الأمريكي”.

وفي إطار انضمام صحيفة “جورنال ستار” الأمريكية إلى أكثر من 300 صحيفة في جميع أنحاء البلاد من بوسطن إلى لوس أنجلوس، تقول في افتتاحيتها: “عندما يعمل زعيم العالم الحر على تقويض ثقة الجمهور في الإعلام، فإننا لا نتوقع سوى ضررا هائلا سواء هنا أو في الخارج، فلقد طرحنا مثالاُ للعالم على مستوى حرية وانفتاح الحكومة التي يجب اتباعها، والآن فأن قمع حرية تدفق المعلومات تُجرى بدون إجراء العقوبة، لذا فالوقت قد حان لدينا للوقوف لحالات الترهيب القائمة، حيث أن للصحافة دور حاسم في اتباع ما يجري من تدهور “.

 

أما صحيفة “نيويورك بوست” فهي تقول في افتتاحيتها نحن ندعم صحافة حرة ونابضة بالحياة، في دولة يحكم فيها الأقوياء، قد يكون من المُحبط الحديث حول  الادعاء بزيف الأخبار فقط لأن الحقائق تبدو مُزعجة للرئيس الأمريكي، لذا ربما يستمر ترامب بضرب الصحافة ليزيل قواعدها.

في الوقت ذاته، تلقي  الصحف الأخرى الضوء  على دور صحفييها الذين يقومون بتغطية الحوادث والفيضانات والزلال والاتفاقات التجارية وتفاصيل العمليات الاسثمارية ومتابعة تفاصيل الأوضاع التعليمية والسياسية والاقتصادية وغيرها، قائلة: “ولأننا لسنا في مسابقة، فلا يستوجب على كل صحفي سوى أن يقوم بالتغطية المناسبة”.

جدير بالذكر أن صحيفة “ذا بوسطن جلوب” كانت من أوائل الداعمين للحملة والداعين لها، الحملة التي انضمت إليها الصحف الكبيرة، وعلى رأسهم صحيفة “نيويورك تايمز”، والصحف الصغيرة بعضها في ولايات فاز فيها ترامب خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016.

واتهم مجلس تحرير “ذا بوسطن جلوب” في مقال نُشر على الإنترنت، ترامب بشن هجوم مستمر على الصحافة الحرة.

وجاء في المقال: “إن عظمة أمريكا تعتمد على دور الصحافة الحرة في قول الحقيقة لأصحاب النفوذ.. وصْم الصحافة بأنها عدو الشعب هو أمر غير أمريكي، إذ يشكل خطراً على الميثاق المدني الذي نشترك فيه منذ أكثر من قرنين من الزمان”.

وأطلقت الصحيفة هذه الحملة رداً على اتهامات ترامب لوسائل الإعلام بأنها لا تحمل سوى “الأخبار الكاذبة” بمجرد أن تنتقده، أو لا تؤيد سياسته، داعية  كل وسائل الإعلام في البلاد إلى التنديد في افتتاحياتها بـ”هذه الحرب القذرة على الصحافة الحرة”.

وانضمت صحيفة “نيويورك تايمز” التي غالباً ما تتعرض لهجمات ترامب إلى الحملة، وقال المسؤول التحريري جيمس بنيت: “في الفترة التي تتعرض فيها صحف البلاد لضغط فعلي تجاري وسياسي، نعتقد أن من المهم أن تؤكد تضامنها”.

بالمقابل، لم تنضم صحيفة واشنطن بوست لهذه الحملة، مع أنها تعارض ترامب بشدة.

من جهته، قال في هذا الصدد كين بولسون، رئيس التحرير السابق لصحيفة “يو إس إيه توداي” اليومية، وأحد المسؤولين في “نيوزيوم” متحف المعلومات في واشنطن: “لا يمكن للصحافة أن تقف مكتوفة الأيدي، عليها أن تدافع عن نفسها عندما يحاول الرجل الأكثر نفوذاً في العالم إضعاف المادة الأولى من الدستور”.

واعتبر أن على وسائل الإعلام مواجهة هجمات البيت الأبيض وتطوير حملة تسويق أوسع للتشديد على أهمية الصحافة الحرة، كونها من القيم الأساسية للبلاد.

وقال مايك هاكابي، الحاكم الجمهوري السابق والمعلق في شبكة “فوكس نيوز” المحافظة القريبة من ترامب: “إن وسائل الإعلام تشن هجوماً مدروساً أكثر من أي وقت مضى ضد دونالد ترامب، وضد نصف البلاد من الذين يدعمونه”.

واعتبر جاك شيفر من صحيفة “بوليتيكو” المعروف بانتقاده لترامب، أن هذه الحملة “قد يكون لها تأثير معاكس  فتقدم لترمب الدليل على أن الصحافة الوطنية تحشد بهدف وحيد هو الوقوف بوجهه”.

وقالت لوسي دالجليش، عميدة الصحافة في جامعة ميريلاند: “إن مؤسسي بلادنا شددوا على الأهمية القصوى لحرية جمع المعلومة وحرية بثها”.

وأضافت دالجليش: “قد لا ينضم الجميع إلى الحملة، إلا أن انضمام هذا العدد الكبير من الصحف إليها خلال فترة قصيرة، أمر لافت ومهم”، مضيفة: “أعتقد أن صحيفة بوسطن جلوب ضربت على وتر حساس”.

كما شدد دان كنيدي، البروفيسور في الصحافة في جامعة نورثايسترن، على أهمية الحملة التي تقوم بها وسائل الإعلام، وقال: “إن لهجة ترمب إزاء وسائل الإعلام تزداد سوءاً، ومن المفيد أن تؤكد الصحف مجدداً قيمها وأهمية المادة الأولى من الدستور بشكل منسق”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى