سياسة

من رسائل الموبايل إلى الاغتيال..المراحل الخمس لتهجير أقباط العريش

التقرير يرصد تطور تهديد واستهداف أقباط شمال سيناء منذ 6 سنوات 

موت معلن
صورة غلاف التقرير من تصوير روجيه أنيس

أصدرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم الثلاثاء تقرير بعنوان “ موتٌ مُعلَنٌ” تقرير تحليلي عن وقائع القتل والتهجير القسري بحق أقباط العريش”، يوثق  الوقائع المعلنة لاستهداف أقباط محافظة شمال سيناء خلال الست سنوات الماضية، حتي وقائع تهجير مئات الأسر القبطية من منازلهم في مدن شمال سيناء.

وقال بيان صحفي صادر عن المبادرة إن التقرير “يحاول أن يضع الحدث الأخير في سياقه الأوسع المتسم بتنامي العنف الطائفي بأشكاله المختلفة، وتنامي نفوذ الجماعات الإسلامية المتطرفة المسلحة في شمال سيناء، والفشل الرسمي في توفير الحماية اللازمة المقرَّة دستوريًّا وقانونيًّا ودوليًّا للأقباط الذين يواجهون هذا التهديد المباشر على الرغم من توفر سبل تلك الحماية في مكنة أجهزة الدولة”.

ويخلص التقرير الصادر في 62 صفحة إلي ثلاثة استنتاجات رئيسية هي أن “ما حدث في فبراير الماضي من تهجير لا يمكن وصفه إلا كتهجير قسري مارسته جماعات مسلحة أو شبه مسلحة ضد جماعة متجانسة دينيًّا بهدف إجلائها من موطنها. ولا يمكن التهوين من شأنه واعتباره مجرد مغادرة طوعية أو حالة نزوح جماعي هربًا من نزاع مسلح.، وثانيًا أن ممارسة التهجير القسري ليست حدثًا استثنائيًّا في سياق مناخ التوتر الطائفي السائد في مصر بقدر ما كانت ممارسة شائعة تسامحت وتواطأت معها، أجهزة الدولة الأمنية والمحلية، في الكثير من الأحيان، وثالثًا أن تعامل الأجهزة الأمنية والمحلية مع تلك الأزمة قد فشل في الوفاء بالتزاماتها الدستورية والقانونية والدولية بحماية الحقوق الأساسية للمواطنين المصريين في تلك المنطقة”.

ورصد التقرير سبعة أنماط من حوادث العنف الطائفي في مصر يُستهدف من خلالها الأقباط، وهي استهدف المسيحيين بالقتل العمد بسبب معتقداتهم الدينية، ونمط الصلاة الممنوعة، والذي يُمنع فيه الأقباط من أداء شعائرهم الدينية، والعلاقات العاطفية والجنسية بين مختلفي الأديان وهو السبب في كثير من حوادث العنف الطائفية، والتعبير عن الرأي في مسائل دينية سواء من خلال قضايا ازدراء الأديان أو عن طريق المواطنين الذين قاموا طواعية بتغيير دينهم، وأيضًا نمط المشاجرات الأهلية، إضافة إلي نمط العنف السياسي والذي ينتشر بشكل أوسع خلال الاستحقاقات الانتخابية، وأخيرًا نمط استضعاف الأقباط وهذا النمط يتعلق بضعف حضور الأجهزة الأمنية.

وأشار التقرير إلي أنه لا يوجد إحصاء دقيق عن عدد الأقباط في شمال سيناء، لكن تقديرات كنسية توضح أن عدد الأسر القبطية يبلغ نحو 450 أسرة في مدينة العريش بخلاف نحو 20 أسرة بمدينة رفح، بينما بلغ عدد الأسر التي تعيش في الشيخ زويد 4 أسر، ونحو 40 أسرة بمركز بئر العبد، وأعداد محدودة من الموظفين بمركزي الحسنة ونخل.

كما أشار التقرير إلي أن عدد الكنائس في شمال سيناء يبلغ 6 كنائس، ومدفن واحد تم تخصيصه في عام 2005 لكنه لا يستخدم منذ سنوات نظرًا لوجوده في منطقة غمرتها الكثبان الرملية.

ورصد التقرير تطور تهديد الأقباط واستهدافهم في شمال سيناء عقب ثورة 25 يناير، مبينا خمس مراحل انتهت بالتهجير،  بدءًا من الاعتداء على الكنائس خلال فترة حكم المجلس العسكري، ثم وقائع الخطف والتهجير من مدينة رفح خلال فترة حكم جماعة الإخوان المسلمين، والتي بدأت بمنشورات تم توزيعها في سبتمبر عام 2012 تطالب الأقباط بالرحيل، ثم ثالثا ترهيب الأقباط بإطلاق الأعيرة النارية باتجاه محال أعمالهم وإقامتهم، ورفض الأجهزة الأمنية تحرير محاضر بتلك الوقائع، ورابعا  خطف بعض الأقباط مقابل فدية، وذكر التقرير أن المبادرة رصدت 6 حالات خطف لأقباط خلال النصف الأول من عام 2013.

أما الفترة التي تلت عزل مرسي، فرصد التقرير انتشار التحريض ضد الأقباط على نطاق أوسع، واتهامهم بالمسئولية عن هذا التطور السياسي، والوصول إلى المرحلة الخامسة وهي الاستهداف المباشر للأقباط بالقتل، حيث رصدت المبادرة قتل 3 أقباط في حوادث متفرقة، أبزرها اغتيال القس مينا عبود كاهن كنيسة “مارمرقس والبابا كيرلس”، مع استمرار حالات خطف الأقباط والاعتداء على الكنائس، وتوزيع منشورات تحمل توقيع “أنصار الشريعة في ارض الكنانة” على أبواب ممتلكات مواطنين أقباط سواء كانت منازل أو محال تجارية تقول إن “المسيحيين أعلنوا حربًا على الإسلام وأهله في مصر” وفي نفس السياق تلقى عدد من مسيحيي المدينة إنذارات ورسائل تهديد عبر الهواتف المحمولة من مجهولين تطالبهم بالرحيل وتتوعدهم بالقتل.

وذكر التقرير أن هذه الاعتداءات دفعت أعدادًا متزايدة من مسيحي مدينتي رفح والشيخ زويد إلي الهجرة والمغادرة.

وأشار التقرير إلي أن عام 2014 شهد تحسنًا نسبيًا في الوضع الأمني، حيث عادت نحو 13 أسرة قبطية من سكان مدينة العريش إلي منازلهم التي هجروها عقب عزل محمد مرسي.

أما عامي 2015 و 2016 فشهدا عودة حوادث القتل على فترات متباعدة، خصوصًا بداية عام 2015 الذي شهد تحولًا حيث بدأ المسلحون يهاجمون منازل الأقباط بعدما كان الاستهداف يتم فقط في الشوارع والأماكن العامة والمحال التجارية.

وكان عام 2017 هو عام “التهديد إما بالرحيل أوالقتل”، حيث تزايدت حدة استهداف الأقباط مع نهاية يناير 2017 وبلغت ست حوادث نتج عنها قتل سبعة أقباط، كما توقفت الأسر عن إرسال التلاميذ إلى المدارس خوفًا عليهم، كما امتنع عدد كبير من الرجال عن الخروج إلى أماكن العمل، وأغلقوا محالهم التجارية، واقتصر الخروج على السيدات فقط، حيث أن المسلحين كانوا يتركون السيدات ويقتلون الرجال.

دفعت هذه الحوادث الأسرة القبطية إلي الهجرة وترك العريش، وبالفعل بدأت الأسر في التحرك، وبلغ عدد الأسر الوافدة إلى محافظة الإسماعيلية 204 أسرة  مسيحية وفقًا لبيان صادر عن إيبارشية الإسماعيلية في 19 مارس 2017.

ويقدم التقرير عدة توصيات أبرزها وضع خطة محكمة ومحددة زمنية لفرض الأمن، وضمان حماية من يريد من المهجرين العودة إلى مدينة العريش أو مساعدة من يريد البقاء في المناطق الجديدة التي انتقل إليها مع توفير سبل الحياة الكريمة من توفير فرص عمل قريبة من سكنه، وتقديم الإعانات اللازمة إليه.

كما أوصت بحماية ممتلكات الأسر القبطية التي تركوها وراءهم، وكذلك تقديم تعويضات متناسبة مع حجم الممتلكات إلى من يريد التصرف في ممتلكاته وعدم العودة إلى العريش مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى