مجتمعمنوعات

هل هو مسلم؟ كيف تجدد المتزوجة من أوروبي جواز سفرها المصري؟

تحكي مراسلة “وول ستريت جورنال” سمر سعيد المصرية المتزوجة من بلجيكي مسلم تجربتها في تجديد جواز سفرها من القاهرة.

  BN-FX463_summer_G_20141208092041

سمر سعيد – وول ستريت جورنال

ترجمة – محمود مصطفى

غالباً ما يكون الأفضل للمغتربين المصريين  أن يعودوا إلى وطنهم لاستخراج جوازات سفر جديدة  أو شهادات ميلاد لمواليدهم الجدد،  بدلاً من محاولة تخليص أوراقهم من أقرب سفارة أو قنصلية. تعلمت أنا ذلك وأكثر من ذلك بالطريقة الصعبة.

عندما ولد ابني في دبي، حيث نعيش هناك، قبل تسعة أشهر قالت القنصلية المصرية إن استخراج شهادة ميلاد وجواز سفر له سيستغرق ثلاثة أشهر على الأقل، وحيث أننا لم نكن مستعدين للانتظار كل هذه المدة ولأهمية المستندات سافرت إلى مصر من أجل استخراجهم.

ولذلك عندما امتلأت أوراق جواز سفري هذا الخريف، كانت استراتيجيتي لتجنب الانتظار الطويل الذي قد يمنعني من أداء وظيفتي كمراسلة لـ”وول ستريت جورنال” في الشرق الأوسط، أن أسافر إلى مصر مرة أخرى واستخرج جواز سفر جديد بنفسي.

ما لم أكن أعرفه هو أن كوني مصرية متزوجة من بلجيكي قد يحول معاملة بسيطة تستغرق عادة عشر دقائق إلى دراما استمرت ليومين تخللها مسائلتي عن دوافعي للزواج من أوروبي.

بعد العودة للقاهرة قدت سيارتي إلى وزارة الداخلية ليوقفني حارس البوابة الذي قال لي إنه لكي أستطيع استخراج جواز سفر جديد أحتاج إلى بطاقة هوية جديدة توضح حالتي الإجتماعية. بدا الأمر بسيطاً، كل ما علي فعله هو التوجه إلى مكتب آخر لوزارة الداخلية يبعد نصف ساعة بالسيارة وتقديم مجموعة من الأوراق من بينها قسيمة زواجي.

القول كان أسهل من الفعل، فبعد انتظار لساعتين، واقفة أحمل ابني خلال هذه المدة، وصلت لمقدمة الطابور وفحص موظف مدني أوراقي وباكتشافه لكوني مسلمة متزوجة من أوروبي نظر إلي بريبة وسألني بغضب “ماذا تريدين؟ ما هذا؟! قسمية زواج؟ هل هو مسلم أيضاً؟”

ردي كان “نعم، هو كذلك ولدي إثبات. كل ما أريده هو بطاقة هوية تقول إني متزوجة به.”

لا تسمح مصر وعدد من الدول الأخرى في العالم العربي للنساء المسلمات بالزواج من غير المسلمين، ولذلك أحمل دوماً شهادة تحول زوجي للإسلام لتجنب المتاعب. تحول زوجي، نيك دي بيتس، من المسيحية إلى الإسلام في القاهرة قبل شهرين من زواجنا في أكتوبر 2012 في القنصلية المصرية بدبي.

لحسن الحظ لم يبد الموظف راغباً في المزيد من التطفل وقال لي إن علي أن أنتظر أسبوعين من أجل الحصول على بطاقة الهوية الجديدة لكن يمكنني بصرف النظر عن ذلك أن أتقدم بطلب للحصول على جواز سفر في اليوم التالي.

في اليوم التالي عدت إلى وزارة الداخلية وسلمت أوراقي إلى موظفة مدنية وفور أن أدركت أني متزوجة بأوروبي صاحت “ما هذا؟! زوجك ليس مصريا؟! زوجك بلجيكي؟!”

أجبت “نعم هو بلجيكي. ستجدين في الأوراق نسخة من جواز سفره وقسيمة زواج موثقة.” قالت لي “لكن، لحظة. أين جواز سفرك الآخر؟ أحتاج نسخة من هذا أيضاً.” افترضت الموظفة أن لدي جواز سفر أوروبي بالإضافة لجواز سفري المصري، وليس من غير المعتاد لدى المصريين، خاصة الرجال، الزواج بغربيين بغرض الحصول على جواز سفر آخر.

شرحت لها بهدوء أن لدي جواز سفر واحد فقط وهو الجواز المصري، لم يبد أنها اقتنعت وسألتني كيف وأين ولماذا التقيت زوجي. قدمت تاريخاً موجزاً لعلاقتنا وزواجنا وشرحت لها أيضاً أنني أحتاج إلى أن أعيش في بلجيكا لسنوات إذا أردت أن أكون مؤهلة للحصول على جواز سفر بلجيكي.

“إذا هل تقسمين بأنه ليس لديك جواز سفر أوروبي تخفينه؟ وأيضاً، هل هو مسلم؟ هل تزوجتيه عن حب؟” سألتني الموظفة. قلت إنني لم أحاول أبداً التقدم للحصول على جواز سفر أوروبي وإنني أعيش حياة سعيدة مع زوجي في دبي ونعم هو مسلم وكلانا يحب الآخر.

سألتني “هل أسلم من أجل الزواج بك أم كان مسلماً قبل أن يلقاك؟” ثم تحولت إلى زملائها المحملقين وأعادت قص الحكاية التي يبدو أنها مذهلة عن المصرية العادية التي أقنعت أوروبياً أشقر بأن يتزوجها.

في هذه اللحظة كان حوالي مئة شخص آخر في الغرفة، من بينهم عشرات اللاجئين السوريين، يحدقون فيّ وبعضهم عرض أن يحمل ابني بدافع الطيبة أو الفضول فيبدو أنهم لم يشاهدو من قبل طفلأ مصرياً – أوروبياً أشقر وذو عيون رمادية.

اختفت الموظفة ومعها أوراقي لتعود بعد خمسة عشر دقيقة لتقول إن ضابط اكبير في الشرطة قلق إزاء الهجاء العربي لإسم زوجي. اضطررت إلى أن أقابله والمشكلة كانت أن هجاء إسم زوجي المكتوب بالعربية في قسيمة زواجنا مختلف عنه في تصريح إقامته بدبي والحل لهذا التناقض، قال الضابط، هو استخراج نسخة إليكترونية من عقد الزواج من مكتب آخر داخل الوزارة من المفترض أنه تلقى نسخة من العقد من القنصلية المصرية بدبي.

تمكن الموظفون في المكتب الآخر من استهلاك نصف ساعة في الاستعلام عن زيجتي مختلطة الأعراق وفي نهاية المطاف عدت خالية الوفاض حيث أن القنصلية المصرية في دبي على ما يبدو لم تسجل زواجنا في القاهرة وبالتالي فليس هناك أي سجل لزواجنا في مصر.

عندها كان ابني قد ملّ تماماً وبدأ يبكي. عدت إلى الضابط الكبير وأصبحت استراتيجيتي الآن أن أجادل بأن الهجاء العربي لاسم زوجي لا علاقة له بطلبي الحصول على جواز سفر مصري جديد، وقلت “يمكنك أن تتهجأ إسماً غربياً بطرق كثيرة مختلفة ولا يهم الأمر في الوحقيقة إذا كان الشخص ليس عربياً، أليس كذلك؟”

نظر الضابط إلى ابني بشفقة لثوان قليلة وقال “حسناً، حسناً، أظن أن الطفل يبكي لأنه جائع. لنكتب الإسم بالإنجليزية إذاً وننتهي من الأمر.”

بعد ثلاثة أيام سلمني الضابط جواز سفري المصري الجديد لكن فقط بعد أن صافح ابني.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى