مجتمعمنوعات

من أجل أن يسمع ابنه كلمة “أحبك”.. يطوف الصحراء سيرًا على الأقدام

رحلة شاقة في صحراء الخليج.. دعمًا لابنه الأصم

 

تقرير: غادة قدري

عبارة “الحب يصنع المعجزات” ليست خيالية، فهذه قصة محامي شاب فضّل أن يترك عمله ومنزله وحياته الرغدة ويطوف برفقة صديقه على أقدامهما عبر الصحراء الواسعة المترامية الأطراف، لدعم الصم والبكم وللفت انتباه العالم مستلهما الفكرة من ابنه عبدالمحسن الأصم، ويخوض تلك المغامرة من أجله هو ومن مثله.

إبراهيم وناس الشمري لديه رسالة لم يستمع إليها أحد، لذا قرر أن يقطع المسافات بين المدن والمحافظات والبلدات الشاسعة الممتدة في دول الخليج العربي، والتي تصل مساحتها مجتمعة نحو 3,237,500 كم، مارا بالمفازات المهلكة، والأودية المنهكة، والصحاري المخيفة، والقفاري التي تترصد بالعابرين موتا وهلاكا مستعينا فقط بإرادته القوية ورغبته الشديدة في تحقيق حلم بناء مدرسة ومستشفى للصم والبكم.

ورغم أخبار الموت المحزنة، وقصص ضحايا التيه في الصحراء، والضياع في البيداء، فإن الشمري لا يخاف ومازال مصرّا على السير آلاف الكيلومترات.

أطلق الشمري حملة اسماها #من_أجلك والتي تهدف إلى السير على الأقدام من الكويت عبورًا بدول الخليج جميعها مرورا بالسعودية والبحرين والإمارات وسلطنة عمان وقطر.

في يومه الرابع عشر توقف الشمري في البحرين وكان يعاني من بعض الإصابات في المفاصل والركبة التقط صورة وأرسلها لـ”زحمة” واستطاع أن يتحدث:  “هذه مبادرة أطلقتها لإنشاء مستشفى ومدرسة حديثة متطورة خاصة بالصم وضعاف السمع وتوفير منهج حديث لهم يساعدهم في الحياة والاندماج بالمجتمع وتعليمهم لغة الإشارة الدولية”

ويوضح الشمري أن مدارس ومستشفيات الصم والبكم في الكويت تعاني القصور وهي غير مجهزة ولا تواكب أحدث ما توصل إليه العلم، كما أن المدارس المتوفرة تقوم بتعليم لغة تواصل محلية فقط.

يحلم الشمري ببناء مستشفى متطور وتحديث أجهزته واستقطاب كفاءات وشراء أجهزة حديثة تساعد في برمجة السمعيات وفحص السمع، على غرار المستشفيات الموجودة  في أمريكا وكندا وألمانيا.

الحكومة لم تستجب لمطالب الشمري

يقول: “خاطبنا المسؤولين في الكويت ولكنهم لم يستجيبوا لنا فقررنا القيام برحلة قد يراها الناس مستحيلة لكن يجب تنفيذها”

وانطلقت رحلة إبراهيم وناس الشمري من الكويت يوم الثلاثاء 19 فبراير شباط 2019 برفقة صديقه عامر العازمي الذي عاش أصمًا لمدة 30 عاما لكنه خضع لجراحة في قوقعة الأذن قبل عام ونصف وأصبح قادرًا على السمع والآن يتعلم الكلام.

تحديدا من منطقة قرطبة، مرورا بالسعودية عَبَر الصديقان مجموعة من المدن والمحافظات منها الخفجي والدمام والنعيرية حتى وصلا إلى المنامة عاصمة مملكة البحرين.

View this post on Instagram

البدايه والنهايه الحقيقيه في عقولنا Just do it?? دوله افكاري ??? #من_اجلك

A post shared by bo wannas (@bowannas) on

ويتابع الشمري “عندما يرى الناس أننا قمنا بشيء مستحيل سيؤمنون بقدرتنا على بناء المدرسة التي نحلم بها والمستشفى بمساعدة الأهالي وأصحاب الإعاقة والمهتمين بعيدا عن الدولة وبعيد عن التوسل والمناشدات”.

وصل إبراهيم وعامر إلى البحرين والآن يسيران نحو السعودية مرة أخرى حتى الوصول إلى دولة الإمارات عبورا بالعاصمة أبوظبي وإمارة دبي ومن ثم سيتوجهان إلى مسقط عاصمة سلطنة عمان.

 

View this post on Instagram

 

# من_اجلك

A post shared by bo wannas (@bowannas) on

مجهودات ذاتية

وتتلقى رحلة إبراهيم الشمري وعامر العازمي دعما من الأهالي المهتمين وبعض جمعيات المجتمع المدني مثل جمعية المحامين الكويتية، واتحاد المحامين العرب، وجمعية متابعة قضايا المعاقين في دولة الكويت.

الوقت  المتوقع للرحلة 60 يوما قضيا منها 16 يوما….

ويجاهد الشمري من أجل إكمال الرحلة مع عامر، إذ أنهما يواجهان طقس سيء، ما بين برد شديد، ثم موجات من الرياح والغبار الكثيف، تجبرهما على الاختباء في الخيام، ومازالا يقاومان الظروف ومخاطر الطريق الأخرى، ومداهمة الحيوانات البرية والعقارب والثعابين.

وأردف: “لقد استعنا بالمجهود الذاتي في مسألة تأمين أنفسنا من مخاطر الطريق، نبيت يوميا في خيام صغيرة نحملها معنا، في بعض الأوقات نجد في طريقنا موتيلات أو فنادق صغيرة نبيت بها، ونتلقى مساعدات من العابرين على الطريق.

نحمل على ظهورنا حقائب نضع بها احتياجاتنا الأساسية من المياه وبعض البروتينات والتمر والتين ونجر خلفنا عربتين صغيرتين تحتوي على أدوات التخييم ومزيد من المياه”.

مشوار الألف ميل

المسافات التي يقطعها كلا الرجلين بين كل محطة وأخرى تتراوح ما بين 60 إلى 70 كيلو على حسب وضع الطقس والأوزان التي يحملاها والإصابات التي قد يتعرضا لها.

ترك العمل والمحاماة ويطوف البلاد مشيا من أجل ابنه

“أنا محامي منذ 13 عاما نجحت في مجالي وأعيش في رغد لكن بسبب ابني، تنازلت عن حياة الرغد والراحة وأعتقد أن ابني يحتاج إلى حياة كريمة يعتمد بها على نفسه وهذا لن يحدث إلا من خلال هذه المدرسة، لذلك تركت المحاماة وتركت عملي ووهبت نفسي لابني.. ابني أهم من كل شيء”

يعاني الشمري الآن بعض الإصابات الطفيفة في المفاصل والركبة، ويأمل أن تتتجاوز رحلته في وقت لاحق دول مجلس التعاون إلى الدول المجاورة مثل  الأردن ومصر والمغرب ولبنان حاملًا رسالته ومدافعا عن حقوق الصم والبكم في فرص جيدة وملائمة للتعليم.

“أمنيتي في حياتي أن يسمعني ابني وأنا أقول له أحبك”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى