ثقافة و فن

ممالك النار| تصاعد الهجوم التركي بعد الحلقة الثامنة.. والمؤلف: الحقيقة أبشع وأقسى

هجوم الحلقة الثامنة من مسلسل ممالك النار

 

تقرير: زحمة

استحوذ مسلسل “ممالك النار” على حديث متابعي مواقع التواصل الاجتماعي، وثار الجدل أكثر من مرة حول الأحداث التاريخية بالمسلسل، ووصفه البعض بأنه حيلة إماراتية لتشويه الدولة العثمانية وإبرازها بأنها دولة دموية قامت على الوحشية والقتل خاصة وأن سليم الأول في الحلقة الثامنة قام بقتل أخوته وأطفالهم، وانتهت الحلقة بوفاة والده السلطان بايزيد الثاني بعد أن تنازل عن الحكم لسليم الأول،  وإن كانت الأحداث في المسلسل لم تؤكد هل قتله بالسم أم توفي طبيعيا، لكن بعض  المؤرخين يدعون أن سليم دس إليه السم خوفًا من رجوعه إلى منصة المُلك، في حين  جاء في رسالة محفوظة تاريخيا، بعث بها الأمير أحمد إلى سلطان المماليك أن والده توفي لأسباب طبيعية.

ومع عرض الحلقة الثامنة من مسلسل “ممالك النار” الذي تنتجه الإمارات، ثار الكثير من الجدل بسبب بشاعة الأحداث ودمويتها  ما دفع “كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي السابق”  للتعليق بأن المسلسل معادٍ لتركيا وللإسلام والتاريخ الإسلامي.

وكان موقع “تركيا برس”  قد نقل عن عمر قرقماز قوله “إن المسألة ليست فقط في الهجوم على تركيا، وإنما بالهجوم على الإسلام والتاريخ الإسلامي”.

وفي سياق الانتقادات التركية الشديدة لمسلسل “ممالك النار”، نقل عن المحلل التركي مصطفى أوزجان قوله إن ما “تفعله الإمارات هو محاولة البحث عن ثغرات في التاريخ العثماني تعطيها مساحة للتزييف”

ووفقا لما نقلته روسيا اليوم، خاطب هذا المؤرخ التركي المجهول مؤلف المسلسل: “ما مرجعيتك في الوقائع التي سردتها؟ نحن من نملك أشهر الكتب التاريخية عن العثمانيين. فما النتيجة من تزييف الحقائق إذا؟”.

بماذا رد المؤلف؟

مؤلف المسلسل السينارست محمد سليمان عبد المالك رد على هذا الهجوم التركي، وقال إن الحلقة الثامنة من المسلسل أرهقته نفسيا لبشاعتها، مؤكدا أن الأحداث في المسلسل هي نفس الأحداث التاريخية التي يصعب على الإنسان احتمالها، لذا فهو لم ينقلها كلها لبشاعتها ولأنها لا تصلح للعرضعلى الشاشة.

وحول المسلسل طرحت نشوى الحوفي سؤالا استنكاريا، في مقال لها بصحيفة “الوطن”  بعنوان “العودة للتاريخ” : “هل كان لا بد أن ترتكب تركيا دولة السلطنة العثمانية تلك الأفعال الموصومة بالخيانة والبلطجة السياسية المقرونة بالإتجار بالدين والشعوب العربية في عصرنا الحالي، حتى ندرك في عالمنا العربي حقيقة ما سموه زوراً باسم الخلافة العثمانية؟ هل كان لا بد أن نستشعر الخطر من ذلك الجار الإقليمي حتى نتذكر مجازر الأتراك العثمانيين وبشاعة حكمهم داخل امبراطوريتهم وخارجها؟ هل كان علينا الانتظار سنوات لنعيش الحسرة على أوطان عربية تتحطم وتُحتل وتُخرب بيد الأتراك حتى ندرك زيف ما كتبوه وكتبناه من تاريخ؟”

النجم السوري محمود نصر في دور سليم الأول

يذكر أن مسلسل “ممالك النار” أنتج بميزانية فاقت 40 مليون دولار بالإمارات، ومازال الجدل مثارا في الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي. كثيرون اعتبروه مسيئا، واتهم مخرجه بالسعي للاساءة لسمعة تركيا التاريخية.

فيما أكدت الدكتور نيللي حنا أستاذة التاريخ العثماني بالجامعة الأمريكية في تصريح نقلته صحيفة “الوطن”، إن ما عرضه المسلسل بشأن إقدام بعض سلاطين العثمانيين على قتل أشقائهم ليست تجن عليهم وليست بروباجندا سياسية ضد تاريخ الأتراك أو العثمانيين.

وأضافت “حنا”: “هذه السياسة أوجدها السلطان محمد بن مراد الثاني الملقب بالفاتح، وكان يرى أن هذه السياسة ضرورية لكي يتم الحفاظ على السلطنة أو الإمبراطورية وتجنيبها الحرب الأهلية”.

وتابعت أستاذة التاريخ  العثماني: “هذه السياسة لدى سلاطين العثمانيين ظلت مستمرة حتى منتصف القرن السابع عشر، وهذا كان أمر سياسي بعيدا عن الدين، هم رأوا أن الحفاظ على الإمبراطورية يتيح قتل الأشقاء للحيلولة دون الحرب الأهلية، وبالتأكيد هم عملوا على أن يكون لذلك مبررات”، مشددة على أن هذه الوقائع التاريخية مثبتة لدى المؤرخين العثمانيين أنفسهم.

وحول قضية قتل السلاطين العثمانيين لأشقائهم، قال الكاتب الصحفي والمحلل السياسي التركي محمد عبيدالله: “منذ بداية عهد السلطان محمد الفاتح فإن سلاطين العثمانيين قتلوا أشقاءهم بداعي الحفاظ على الدولة، وليس بداعي الحفاظ السلطة الشخصية”.

وأضاف “عبيدالله”: “خصوصا مع وجود إيران أو دولة الصفويين، الذين عملوا على استغلال أشقاء الحكام والسيطرة عليهم بشكل أو بآخر، وكل من تابع التاريخ يعترف بمسألة قتل السلاطين أشقائهم، ولكن هم يبحثون عن تبريرات لتسويغ ذلك”.

في أحد تصريحاته لوسائل الإعلام قال محمد سليمان عبد المالك: “المسلسل محاولة لاستثمار الفن في توسيع وعي المتلقي ومداركه، وعلينا أن ندرك أننا في معركة وعي مستمر، تحاول تركيا حسمها لصالحها بتقديم أعمال زائفة ولا ترصد الحقائق بصورة محايدة.”

وقال إنه استعان بعدد من المراجع التاريخية وخاصة مرجع “بدائع الزهور في وقائع الدهور” والذي قدمه المؤرخ المصري محمد ابن إياس الحنفي القاهري.

المسلسل من 14 حلقة، وهو يشبه في طريقة تصويره الملحمية، ومشاهد معاركه، والموسيقى التصويرية إلى حد كبير مسلسل “صراع العروش.

الطفل معتز هشام

و”ممالك النار” هو مسلسل تاريخي من إخراج البريطاني بيتر ويبر لأول مرة،  ويقدم فيه خالد النبوي دور “طومان باي”، وتدور أحداثه في الفترة الأخيرة لدولة المماليك، وسقوطها على يد العثمانيين في القرن السادس عشر.

ويعتبر المخرج البريطاني بيتر ويبر من أهم المخرجين السينمائيين في هوليود، ويهتم بتاريخ مصر حيث قدم من قبل مسلسل وحيد عن “توت عنخ آمون” وتناول فيه اكتشاف المقبرة بداية القرن الـ20 للتلفزيون البريطاني.

كما أنه مطلّع بتاريخ العصر العثماني، والمملوكي ويملك إلمام لا بأس به وهي أول تجربة له في مسلسل ضخم مثل هذا، ولذلك هو متحمس لها.

ويشارك في المسلسل عدد كبير من الفنانين العرب أبرزهم  كندة حنا ورشيد عساف ومنى واصف ومن تأليف محمد سليمان عبد المالك.

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى