سياسة

مصري في صحيفة إسرائيلية: حرية السيسي لمن؟

يتساءل الأكاديمي والشاعر المصري أحمد عبد الرحيم والذي عمل محاضراً بجامعة أم القرى بالمملكة العربية السعودية ويساهم بمقالات لصحيفتي الجارديان وجيروزاليم بوست عن السبب وراء تكرار كلمات “الحرية” في خطاب الدولة المصرية.

Egypt's President Sisi smiles upon arrival at Khartoum International Airport

أحمد عبد الرحيم – جيروزاليم بوست

ترجمة – محمود مصطفى

تستخدم خطابات الحكومة المصرية المدعومة من الجيش باستمرار كلمات “حريات” و”حر” و”حرية.” وضمن الرئيس عبد الفتاح السيسي هذه الكلمات في خطاب تنصيبه الأول وإذا أخذنا في الحسبان مقابلات هذه الكلمات “استبداد” و”دكتاتورية” و”عبودية” وما إلى ذلك وكذلك الكلمات المرتبطة بها مثل “ديمقراطية” سنجد أن تكرارية استخدام هذه الكلمات أكبر وأكبر.

وعاد تكرار كلمة “حريات” للظهور في لقاء السيسي برئيس السودان عمر البشير، والمهم هنا أن حكومة السيسي، التي انتزعت السلطة من حكومة منتخبة، تسم نفسها بالـ”حرية” والـ”حريات.”

بالنسبة للكثير من المصريين، هذا نفاق خالص يتزعمه السيسي.

يتسائل المصريون: كيف يمكن أن يعني السيسي أي شيء بقوله “حريات” عندما يسجن آلافاً من المتظاهرين السلميين بلا تمييز وبدون إجراءات قانونية سليمة، عندما يجيز التعذيب، عندما يبدأ حرباً استباقية مبنية على افتراضات خاطئة ويدعي بأثر رجعي أنها تشن باسم الحريات، عندما يتسبب في موت الآلاف من المدنيين الأبرياء، عندما يأمر بالتجسس على المواطنين المصريين في مصر بدون إذن قضائي، عندما يسعى، بسم الحرية، لمنع طالبات الجامعات من التعبير عن آرائهن، وعندما يدعم الأنظمة القمعية في السعودية والإمارات وسوريا؟

كيف يمكن أن يعني السيسي أي شيء بالـ”حريات” عندما يعمل ضد حريات فرانكلين ديلانو روزفلت الأربعة:

حرية الرأي والتعبير وحرية العبادة والتحرر من الحاجة والتحرر من الخوف؟ سياسات السيسي تعمل ضد التحرر من الحاجة بدفعها بالمزيد من المصريين إلى هاوية الفقر وبعدم تحقيق ولو زيادة ضئيلة في الحد الادنى للأجور وبسعيها لإنهاء التأمينات الإجتماعية.

وبالترويج لعقلية الحصار عبر الإعلان عن تهديدات إرهابية والحديث بلا كلل عن الإرهاب يخلق السيسي ويحافظ على حالة الخوف وهي عملياً حالة طوارئ دائمة. وتمد حالة الطوارئ هذه  الحكومة بسلطات  شرطية جديدة للحكومة وتتنتقص من الحريات الفردية.

السيسي يعمل ضد حرية الرأي والتعبير بالتجسس على حسابات المصريين على مواقع التواصل الإجتماعي مثل فيسبوك وتويتر وبتهديد الشرطة بالسجن للجماعات التي تجهر بالتعبير عن آراء ضده وبجعل المصريين يوقعون على قسم بالولاء له وبوصفه معارضيه بالـ”عملاء” و”أعداء مصر.”

ويعمل السيسي ضد حرية الصحافة بترهيب الصحفيين لترويج سياساته وبتقييد الصحفيين الذين ينتقدون سياساته وبدفع الصحفيين لشيطنة الغرب وتركيا.

ويعمل السيسي ضد حرية الدين بمنع الشعارات الدينية في الأماكن العامة وشيطنة كل رجل ملتحي وامرأة محجبة (أنظر إلى لغة وكاريكاتيرات ماكينة الرسائل الحكومية، الإعلام) وبدفع البرامج الحكومية المبنية على عداء العقيدة بكل أنواعها.

يتسائل المصريون: كيف يمكن بأي حال من الأحوال أن يعني ما يقوله عندما يزعم أن مثل هذه الأفعال تدعم الـ”حريات”؟ ومع ذلك، فبينما تتناقض أفعال السيسي مع المبدأ الليبرالي للحرية قد يكون من الخطأ الافتراض بأن مبدأ الحرية هذا هو المبدأ الوحيد المتاح.

هذا الشكل من حالة الإنكار يقودنا إلى فكرة تقول بأن السيسي لا يقول شيئاً عندما يتحدث عن الحريات وأنه يهين اللغة وحسب وأنه متهكم وانتهازي ومروج لدعايات، لا يعني ما يقوله.

بالتفكير بهذه الطريقة، فإننا نعمي انفسنا عن تقدم الجيش الحقيقي والسمتمر نحو الهيمنة الثقافية والسياسية، فهو مما يخدم أهداف الجيش أن يعتقد الشعب بأننا والجيش نستخدم نفس المفهوم للحريات ونختلف فقط حول أي جانب هو بطل الحرية الأقوى.

أو بشكل آخر، إذا انزلقنا إلى شرك التصديق بأن حريات السيسي هي مثل حرياتنا عندها ينتصر الجيش المتطرف.

لكن الجيش لم يتنصر، ليس بعد. إذا كان انتصر، إذا أعيد تعريف الحريات في مصر بتعريفاتهم، إذا ذهبت حرياتنا الليبرالية وحلت محلها حرياتهم لن يكون لديهم حاجة وقتها لترديد الكلمة أكثر وأكثر وأكثر. الفكرة من التكرار كما يقول جورج لاكوف في كتابه “حرية من؟ المعركة حول الفكرة الأهم في أمريكا” هي تغيير ليس فقط رأي الأفراد ولكن طريقة تفكيرهم نفسها.

إذا كانت الحكومة المدعومة من الجيش نجحت في إيصال رؤيتها للحرية إلى أمخاخ جميع المصريين أو حتى معظمهم،  لكانوا استطاعوا   أن يعتبروا الحرية بتعريفهم أمراً مسلماً به.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى