سياسة

مراهقات “الجهاد” : لن يعثر علينا أحد

اختفت مراهقتان من منزليهما بمدينة “فيينا”، ثم ظهرتا في صور على موقع “فيسبوك” وهما ترتديان الحجاب الأسود الطويل بين مجاهدي سوريا.

كريستوفر ديكي –دايلي بيست

ترجمة: منة حسام الدين

 ربما ذهبتما  من أجل الجهاد في سوريا وربما لا، ربما أيضاً قد تزوجتا من المجاهدين هناك أو لم تتزوجا منهم، ربما كانتا  تحملان السلاح في الصور التي انتشرت لهما على موقع “فيسبوك” وربما لم تحملا أي أسلحة، كما قد لا تكونان  نفس  الفتاتين اللتين  تظهر أعينهما من بين فتحات النقاب في الصور الأخيرة ، لكن ليس هناك أدنى شك أن مراهقتي “فيينا “سابينا سليموفيتش (15 عاماً)، وسمرة كيسينوفيتش (16 عاماً) أصبحتا فتيات الملصق الدعائي للحرب المقدسة ضد نظام الأسد  في دمشق، كما استخدمت بعض الصحف في تناولها لقصة سابينا وسمرة  وصف “pin – ups ” وهو “المصطلح الذي يتم الإشارة من خلاله إلى مشاهير المجتمع من السيدات وخاصةً عارضات الأزياء اللواتي تنتشر صورهن بكثافة في الشوارع ووسائل الإعلام”.

 في الواقع، قد تكون للسياسة الجنسية للحركات الجهادية طرقها  الملتوية،  كما قد تكون عناوين الصحف الغربية مبتذلة، و”الفوتوشوب” خادع بحيث عليك التدقيق عدة مرات في الشيء نفسه مع وجود قدر كبير من الشك. وحتى وإن كانت الفتاتان الصغيرتان موضع البحث صادقتان فيما يتعلق بقضيتهما، ولم يخرجا لأسباب أخرى هدفها خداع والديهما، هناك أيضاً شكوك بأن تكونا قد تعرضتا للاستدراج عبر الإنترنت من أجل اختطافهما والاتجار بهما.

لكن المئات أو ربما الآلاف من الشباب المسلم في البلدان الغربية قد جذبهم الصراع السوري، البعض منهم دفعهم إيمانهم، والبعض الآخر دفعه حماس اعتناقه حديثاً للإسلام، عادةً هم شباب صغير يعتقد أن بدافعه عن المسلمين المضطهدين سيجد المغامرة، والمجد، وربما الشهادة، والتذكرة السريعة إلى الجنة.

 من جانبها، تشعر الأجهزة الأمنية الأميركية والأوروبية بالقلق من أن يجلب هؤلاء المجاهدين الأصوليين حروبهم معهم؛ كانت السلطات الأميركية قد حاكمت إريك هارون، لمساعدته الإرهابيين في سوريا، وقد  الذي توفى مؤخراً في منزله بولاية “أريزونا” بسبب جرعة زائدة من المخدرات.

 كما تم تصوير جهاديين من فرنسا وبلجيكا وهم يستخدمون شاحنة صغيرة لسحل جثث. الاثنين الماضي، توفى في سوريا، عبد الله دغيس، الشاب البريطاني الذي كان يبلغ 18 عاماً وكان عمه معتقلاً في سجن “غوانتانمو”.

 ذهب “عبد الله” إلى سوريا برفقة اثنين من أشقائه، أصيب أحدهما، في حين أن والدهم قال إنه لم يعرف بوفاة الشاب الصغير إلا عندما تم نشر الأخبار على “فيسبوك”.

 

في سياق متصل، ومما لا شك فيه أن العديد من النساء قد انضممن إلى المعركة القائمة ضد نظام الأسد، وخاصةً النساء السوريات، لكن التغطية الإعلامية الغربية شعرت أكثر بالاغراء تجاه فكرة أن النساء الأجنبيات قد اشتركن فيما أسماه بعض الكتاب في مقالاتهم بـ”الجهاد الجنسي”، (جهاد النكاح)  بهدف تقديم خدماتهن لتلبية شهوة هؤلاء الذكور المقاتلين  الذين  (لم يلتقوا بعد بـ”حور العين”  الاثنين والسبعين ، وهو اللقاء الوعد الذي يحصل عليه الشهداء في الآخرة، وذلك وفقاً  للدعاية الإسلامية).

أما بالنسبة لمراهقتي النمسا، حصل الانتربول على إشعار باختفائهما من فيننا منذ العاشر من أبريل، وقال آبائهما وهم من الأساس لاجئين بوسنيين قدموا إلى النمسا في بداية التسعينيات، لصحيفة  ” Dnevni Avaz” البوسنية، إنهم علموا بأن الابنتين  استقلتا طائرة من فيينا إلى “آدانا” بتركيا، وهي المدينة غير البعيدة عن الحدود السورية.

 كما أضاف الآباء أنهم عثروا على رسائل مخبئة في كتب الفتاتين الدراسية مكتوب فيها “أنهما اختارتا الطريق الصحيح” و”أنهما كانتا في طريقهما للقتال من أجل الإسلام في سوريا”.

 وفي الوقت الذي كانت فيه شرطة النمسا مترددة في متابعة تلك القضية،  أوضح أقارب الفتاتين للصحيفة البوسنية أن المحققين تمكنوا من تعقب اتصالات الفتاتين مع الناس الذين تمكنوا من اقناعهما بمغادرة فيينا، وقال ابن عم الفتاة سمرة كيسينوفيتش، والذي رفض ذكر اسمه، إن تلك الاتصالات كانت باللغة الألمانية، وأن هؤلاء الناس أخبروا سمرة أنهم سوف يساعدونها في الابتعاد عن عائلتها وسيعملون على ترتيب زواج لها.

 على صعيد آخر، أشارت بعض التقارير إلى أن الفتاتين بدأتا في زيارة مسجد في النمسا، يترأسه شاب يتمتع بالقبول الفائق يمسى “أبو تيجما”، يتولى وعظ الآخرين بجانب غيره من الأصوليين الذين يتم توزيعهم على المساجد عن طريق مجموعة تسمى “إعلام سلفي البلقان”، التي تنتج ببراعة أشرطة فيديو طويلة تحشد لفكرة استخدام السلاح  في سبيل الله.

بعد فترة وجيزة من اختفاء الفتاتين، بدأت صورهما في الظهور على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن بعض الصور قد بدا أنه تم التلاعب بها، إذ ظهرت سابينا سليموفيتش في صورة لها وهي التي تمتلك عيون زرقاء تميل إلى اللون الرمادي، وهي تضع الحجاب الذي كتب عليه الشهادة الإسلامية “لا إله إلا الله، محمد رسول الله”، وخلفها مجموعة رجال يحملون أسلحة “الكلاشينكوف” وأغطية رأس مشابهة.

لكن مشهد الخلفية الذي ظهر في صورة سابينا كان منتشراً منذ فترة طويلة على مواقع الانترنت، وربما قد تم وضع صورة وجه سابينا عليه.

 وبشكل مماثل، فإن صورة السيدتين اللتان كانت ترتديان النقاب ورفعتا سبابة أيديهما اليمنى ، تبدو وكأنها تم تغييرها بشكل ملاحظ مع وضع الأصابع بواسطة الحاسب الآلي.

واحدة من الرسائل التي تركتها الفتيات، مفادها:” لن يعثر علينا أحد”.

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى