ثقافة و فن

محمد سيد ريّان لـ”زحمة”: ثروت عكاشة حددّ خطوات مصر الثقافية نحو المستقبل

كتاب جديد في المكتبات

 

في مثل هذا اليوم 16 يونيو 1969 أطلق أول وزير للثقافة في مصر ثروت عكاشة  مشروع “السياسة الثقافية” أملا في إيجاد حل لأزمة الثقافة  إذ كان يسود الاعتقاد أن الثقافة وقتها هي مجرد وسيلة للترفيه وملء أوقات الفراغ، أو أنها تأتي دائما في آخر تصنيف القطاعات.

ولغياب الفهم والأبحاث والدراسات الميدانية والإحصائيات، والتصورات حول فكرة “السياسة الثقافية” قبل ثورة 1952 جاء  مشروع الوزير ثروت عكاشة ليحدد فكرة الإنجاز في السياسة الثقافية، ووضع إستراتيجية مستقبلية للثقافة المصرية، وتمهيد طريق للخلاص بالثقافة والمعرفة الحقيقية.

كتاب جديد..

وعن هذا المشروع الذي يصادف اليوم ذكرى انطلاقه يحتفي الكاتب محمد سيد ريان، إذ أطلق كتابه “السياسة الثقافية في عهد ثروت عكاشة”

وبحسب المؤلف فإن الكتاب، محاولة للبدء فى موضوع حاضر غائب دائمًا في أذهان كل من يهمه حل الأزمة الثقافية للمصريين ووضع حلول واقعية نحو مستقبل أفضل.

عن الكتاب يقول محمد سيد ريان لـ”زحمة”: “الكتاب لم يكتب مرة واحدة متصلة، كتبته على مراحل طويلة منفصلة، وأحياناً كنت أعتقد أنه لن يكتم ، ولكن مع الوقت تجمعت أشلاءه، ودبت الروح بين أوصاله ليظهر للنور ويشجعني علي نشره بعد فترة طويلة من بدء العمل فيه”.

وأضاف: “هذا الكتاب يسعي للخروج من النفق المظلم وتمهيد طريق للخلاص بالثقافة والمعرفة الحقيقية”.

وتابع “أقدم للقراء والحياة الثقافية هذا الكتاب أرجو من الله  أن يكون مفيدًا وهادفًا و أن ينفع به كل طالب علم وفكر جديد”.

واستطرد : “على الرغم من الأعمال العديدة التي قام بها الدكتور ثروت عكاشة خلال فترة تولية مسئولية وزارة الثقافة، وأهمها إنقاذ آثار النوبة، وإنشاء قصور الثقافة في أنحاء الجمهورية، والفرقة القومية للفنون الشعبية، وفرقة الموسيقى العربية، وإنشاء نظام تفرغ الأدباء والفنانيين، وتشييد دار الكتب والوثائق القومية الجديدة، وإحياء العيد الألفي لمدينة القاهرة، ووجود معرض القاهرة الدولي للكتاب، ووضع اللبنات الولى لأكاديمية الفنون وغيرها من المؤسسات المهمة التي تستكمل دورها حتى الآن؛ إلا أننا نعتبر أن أعظم أعماله بلا شك هو محاولته في وقت مبكر جدا وضع سياسة ثقافية للمصريين لتكون بمثابة خط عام يحدد خطوات مصر الثقافية بكل ثبات وثقة نحو مستقبل أفضل”.

كان ثروت عكاشة، شريكًا فى التخطيط والتنفيذ، وواحدًا من أبرز الضباط الأحرار والمشاركين فى الثورة، إلا أنه فضل الابتعاد لمسافة قدر المستطاع عن السلطة عندما بدأ ناصر ورفاقه التخطيط لبناء الوطن من جديد.

وتنازل ثروت عكاشة، عن منصبه فى مجلس قيادة الثورة مبتعدًا عن تيارات السياسة وأثناء وجوده مع زوجته فى روما وكان ذلك فى أكتوبر 1958 عرف من الاذاعة خبر تعيينه وزيرًا للثقافة والإرشاد القومي بدلًا من منصبه الذى كان يشغله “سفيرًا لمصر في روما” ليعود للقاهرة وهو يسعى للاعتذار لتستوقفه كلمات جمال عبدالناصر الصديق ورفيق الكفاح.

وقال له عبد الناصر: “لم أدعُك لشغل وظيفة شرفية، بل إننى أعرف أنك ستحمل عبئا لا يجرؤ على التصدى لحمله إلا قلة من الذين حملوا فى قلوبهم وهج الثورة حتى أشعلوها، وأنت تعرف أن مصر الآن كالحقل البكر، وعلينا أن نعزق تربتها ونقلبها ونسويها ونغرس فيها بذورًا جديدة لتنبت لنا أجيالًا تؤمن بحقها فى الحياة والحرية والمساواة”.
يشار إلى أنه تم اختيار الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة الأسبق ليكون شخصية عام معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي انطلقت فعالياته في 23 يناير 2019.

ما هو مشروع السياسة الثقافية الذي يتحدث عنه الكتاب؟

كان ثروت عكاشة يؤمن بأن الثقافة للشعب وليس للنخبة فالفنان كما يراه عكاشة هو تجسيد للحرية والإبداع ومهمته الأولى فى الوقت نفسه هى تأكيد حق الإنسان فى الحرية.

وبحسب مشروع عكاشة أجمع المفكرون على أن الفنان الحقيقي هو الفنان الحر، وأن الدولة إذا سخرت الفنان لأهداف عاجلة فإنها تكون بذلك قد قدمت ثروتها كلها للحاضر معرضة مستقبلها للضياع

ويعتبر البيان الذى ألقاه وزير الثقافة الدكتور ثروت عكاشة أمام لجنة الخدمات بمجلس الأمة فى 16 يونيو 1969 ، ونشره بعد ذلك في مطبعة دار الكتب تحت عنوان (السياسة الثقافية ) هو اهم الوثائق فى هذا المجال على الإطلاق.

لقد انشغل ثروت عكاشة بماهية الثقافة ليصل في نهاية المطاف إلى نتيجة أن “السياسة الثقافية ليست قالبًا تصب فيه الأشياء، كما أنها  ليست كيانًا ماديًا يمكن أن يقاس بالطول أو العرض او العمق، وهي كذلك ليست مادة تحكمها الأرقام والإحصاءات وتدل عليها الخطوط البيانية”.

ومن الأمور التي يناقشها مشروع السياسة الثقافية لدى ثروت عكاشة أولوية مهمة وهى (أسلوب النشر الثقافي) ويربط بينها وبين قضية المركزية واللامركزية، ويرى أن المجتمعات النامية لابد فيها من فرض نوع من المركزية في خطة نشر الثقافة تتدرج نحو اللامركزية، فى حدود لاتخل بالسياسة الثقافية الشاملة.

ومن النشر إلى مناقشة الجدل الدائر حول الثقافة بين الربح والخدمات، وفى ضوء مبررات عديدة يعتبر ثروت عكاشة أن الثقافة خدمة ضرورية ولازمة فى كل وقت لنهوض المجتمع النهوض المأمول.

يذكر أن كتاب “السياسة الثقافية في عهد ثروت عكاشة” للمؤلف محمد سيد ريان صدر حديثًا عن دار العين للنشر في مصر.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى