ثقافة و فن

محمد دياب لـ “سكرين دايلي”: صورنا “اشتباك” في 8 أمتار ونوبات هلع أصابت الممثلين

يعرض الفيلم في مهرجان “كان” ويطرح في دور العرض بمصر في سبتمبر القادم

Screendaily- ميلاني جود فيلو

ترجمة- محمد الصباغ

طوال الوقت يستعد الممثلون للمعاناة من أجل فنهم، لكن النجمة المصرية نيللي كريم وجدت من الألم ما لم تستعد له عندما قررت الالتحاق بفريق عمل المخرج محمد دياب، في فيلمه ”اشتباك“.

تدور أحداث الفيلم خلال المظاهرات العنيفة التي شهدتها القاهرة أثناء نهاية حكم الرئيس المدعوم من الإخوان، محمد مرسي عام 2013.

يتابع العمل 25 متظاهرًا، من معسكرات مختلفة، وجدوا أنفسهم جميعًا محتجزين داخل سيارة شرطة، على مدار يوم من المعارك الفوضوية في شوارع المدينة. ويصور الفيلم مجموعة من عمليات القبض ومشاهد المعارك التي أدت إلى إصابة ”نيللي كريم“ وكثيرين من طاقم العمل بكدمات.

ويروي دياب: ”تلقت نيللي حجرًا في وجهها. لم يكن حقيقيًا لكنه كان ثقيلًا وتعرضت لأذى كبير.“ وأضاف: ”لإقناعها بالعودة إلى السيارة مرة أخرى، جمعت بعض الحجارة المصطنعة وطلبت منها أن تلقي بأحدها في وجهي. فعلت ذلك ثم عادت إلى العمل. لحسن الحظ، لم أتعرض لأذى، فالحجارة تم خلطها ببعض المواد الإسمنتية وبعضها أصلب من الأخرى. وفي النهاية، قمنا بصنع ألبوم صور لكل كدمة تعرض لها كل فرد في طاقم العمل.“

وبعيدًا عن الألم البدني، كان للتصوير أثر نفسي على فريق العمل الذين بقوا في مساحة قدرها 8 أمتار معظم أوقات الـ26 يوما.

يقول دياب: ”صورنا المشاهد في عربة شرطة حقيقية مستخدمين كاميرا أليكسا ميني. لم نصنع فتحة في الحائط مطلقًا. ومن أصعب الأشياء هو أن كل لقطة كان بها 25 شخصا. حتى لو تحدث شخصان فقط فهناك 25 في اللقطة. كان ذلك صعب جدا جدا على الممثلين، حتى إن الممثلين الذين كان دورهم قراءة 6 أسطر فقط في الفيلم بأكمله، كان عليهم التواجد من اليوم الأول حتى اليوم الأخير للتصوير.“

وتابع: ”في الأسبوع الأخير من العمل، بدأ ينتاب بعض الممثلين نوبات هلع، وتناول قليل منهم علاجا لذلك، لكن المصاعب التي واجهناها ضريبة لجعل الفيلم واقعيا.“

كانت حياة دياب المهنية في السينما في بدايتها مع انطلاق ثورة يناير 2011، والتي أطاحت بالديكتاتور حسني مبارك في الشهر التالي على اندلاعها.

كان قد كتب في 2007 الفيلم الشهير ”الجزيرة“ الذي يدور حول إمبراطورية المخدرات، وبدايته مع الإخراج كانت بفيلم (678) الذي يناقش قضية التحرش الجنسي في مصر، وشاركت أيضًا فيه نيللي كريم، وحصد من خلاله عدة جوائز في مهرجانات مختلفة.

ويوضح دياب: ”بسبب فيلم 678 أتيحت لي إمكانية التواصل مع المحطات التليفزيونية وأصبحت أحد أصوات الثورة. وبدأ الناس يعرفونني أكثر كناشط وليس كمخرج. شعرت بأنني ملزم بالبقاء في وضع الناشط لكن في الوقت نفسه ظل عندي رغبة في البحث عن فيلم حول الأحداث الجارية. واعتقدت أن ذلك ضروريا. وكان الأمر صعبا جدًا لأن الأحداث تتغير بسرعة لدرجة أنني عندما أصل لمرحلة ما في استعراض العمل، تكون الأحداث قد تغيرت بالفعل.“

كان شقيقه خالد دياب هو صاحب فكرة الفيلم والتصوير في سيارة شرطة خلال مظاهرات يوليو 2013 كوسيلة لإظهار وجهات النظر والأفكار والقناعات لمجموعات مختلفة.

وأكد دياب: ”هناك انقسامات كثيرة في مصر حاليًا، ووجهات نظر مختلفة.“ وتابع: ”الثورة، التي بشكل مبدأي وحدت الشعب، قامت الآن بتقسيمه على نحو غير مسبوق. لدي أصدقاء وأفراد من العائلة ابتعدوا عني بسبب الاختلافات السياسية بيننا.“

ويستمر مخرج الفيلم في الحديث: ”استغرق الأمر حوالي سنتين لتطوير الفكرة. حاولنا بكل ما بوسعنا لجعل الشخصيات واقعية. الفيلم لا يعادي أحدا. كل شخص في العربة هو كائن بشري. الأمر معقد. أكره حصر الأشياء بين الأبيض والأسود. هناك تنوعات مختلفة جدا. قمت بأبحاث وقرأت في التاريخ من أجل هذا الفيلم، وأصبح من الواضح لدي أن أول خطوة في سبيل الحرب الأهلية هو نزع صفة الإنسانية عن بشر، والفيلم يحاول فعل العكس.“

أنتج الفيلم محمد حفظي، شركة ”فيلم كلينك“ بالتعاون مع شركة إنتاج إيريك لاباسيه، وجيرمان نيكو فيلم، وشركة إي إم سي الإماراتية. أما زوجة دياب، سارة جوهر، التي أنتجت فيلم 678، فتؤدي دور المنتج الفني.

ومع اختيار ”اشتباك“ للعرض الأول في مهرجان “كان” قبل طرح في دور العرض المصرية سبتمبر المقبل، يستعد دياب بالفعل لمشروعه القادم: فيلم خيال علمي على خطى فيلم ألفونسو جوارون ”Children of men“.

ويقول دياب: ”أتمنى صنع فيلم خيال علمي. أريد اقتحام المساحات المهجورة والخيال العملي دائمًا ما كان نوعي المفضل. أسلوبي واقعي لذلك لن أستخدم أسلحة الليزر والأطباق الطائرة، لكن سأتجه إلى قاعدة (ماذا لو) في تغيير مستقبل العالم بالكامل.“

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى