منوعات

“فيسبوك: مزايا “اختلاق السعادة

فيسبوك: مزايا اختلاق السعادة

كوارتز – هولي إيلمور – إعداد وترجمة: محمد الصباغ

حياتي تبدو جيدة على فيسبوك. لو قمت بجولة في صفحتي الشخصية ربما تجد صوراً لي وزوجي يناولني النبيذ ونحن بداخل حوض من المياه الدافئة، ومحاطين بقدم من الجليد. استمر في جولتك داخل عالمي الافتراضي وسيبدو أنني أقضي وقتاً عظيماً خلال أكثر سنوات حياتي صعوبة واكتئاباً.

لم يكن عليّ أن أتصنع الأخبار الجيدة.  بين عامي 2012 و2014، مررت فترة الخطوبة ثم الزواج، وسجلت للحصول على الدكتوراه. التقطت العديد من الصور الجميلة وشاركت عبر مواقع التواصل لحظات سعيدة. أما بداخلي، فقد كنت أفشل. كل تطور إيجابي في حياتي فقط زاد من شعوري بالذنب وعدم القيمة. من أنا لأحصل على زمالة بحثية؟ وما مدى بؤسي حيث لا يجعلني كل ذلك سعيدة؟ كان عليّ أن أرسم شكل أفعالي من أجل اجتياز حياتي اليومية، كان عليّ أن أتحكم في العضلات الفردية في وجهي: هل هذا ما يبدو عليه الابتسام، صحيح؟

الحكمة التقليدية تشير إلى أن التعظيم من حياتك بنشر كل تفاصيلها على وسائل التواصل الاجتماعي هو أمر سيئ. فحينما يقضي أصدقائنا حياتهم في جمع الجوائز بسبب الروايات التي يعشقها الجميع، وفي السباحة مع الدلافين، من السهل أن تشعر بالعصبية وعدم الرضا بوجودك غير المكتمل.

لكن كل الناس يعانون في ركن خاص في حياتهم. بعيداً عن تلك الحقيقة، أعتقد أنه يجب علينا التعاطف مع أصدقائنا الذين يحاولون إعطاء أنفسهم دفعة أو دعم بمساعدة ذر الإعجاب أو فلتر ”السيبيا“. في بعض الأحيان، ما ننشره عبر مواقع التواصل هو قليلاً ما يعبر عن التباهي، وكثيراً يكون بهدف رؤية أنفسنا بصورة إيجابية.

الصفات الشخصية التي نحاول خلقها على مواقع التواصل الاجتماعي ليست مختلفة كثيراً عما نريد أن نكون عليه في حياتنا الواقعية. لن يرغب الكثير منا في الكشف عن معاناته مع إدمان الكحول أو مشاكله العائلية، خلال محادثة عارضة مع أحد المعارف.

وجدت أنه من المفيد على فيسبوك أن أتعامل مع الغير بالطريقة التي أتمنى أن أكون عليها من داخلي. وأشارت أخصائية السلوك المعاجلة لي إلى أن تلك الأساليب كانت من بين الأشياء التي ساعدت على ابتعادي عن دائرة الأفكار والسلوكيات التي تشير إلى الاكتئاب والقلق وكل المشاعر الأخرى الضاغطة.

يمكن أن يؤتي أسلوب ”تظاهر بوجوده حتى تصل إليه“ بثمار. أن تسير بأسلوب يدل على السعادة والفخر يمكن أن يغير من حالتك المزاجية. أن تقوم بصنع الابتسامة يمكن أن يجعل الأشخاص يشعرون بالسعادة. وبالنسبة لي، مواقع التواصل الاجتماعي كانت وسيلة للتدرب على المهارة المفيدة، برسم ملمح إيجابي عندما كان من الصعب جداً فعل هذا الشئ بشكل شخصي.

الاكتئاب يدمر السلام النفسي. كنت أظل في منزلي لأيام أحياناً خوفاً من رؤية الناس في الخارج لي باكية ويقومون بالحكم على شخصيتي. وكنت قلقة من المحادثات ومن كوني فيها غريبة أو بطيئة. أما فيسبوك فيقدم لي منصة يمكنني فيها أن أضمن ظهور مقبول. لو لم أملكه، أعتقد أنني كنت سأنعزل اجتماعياً بصورة أكبر مما فعلت من قبل، وكان الاكتئاب سيصبح أسوأ.

وبعد عام صعب عاطفياً في 2014، فوجئت برؤية ”استعراض العام- year in Review“ الذي يقدمه فيسبوك، وكان رائع جداً. كنت أتسلق الجبال بأول ذكرى زواج. وفي صورة أخرى كنت أزور المعبد الكبير في بانكوك خلال مؤتمر عمل. كانت هناك الكثير من اللحظات والأماكن الجميلة والابتسامات الصادقة.

وجدت من خلال ملخص عامي على فيسبوك أن صوري على الإنترنت ليست هي التي تكذب- كان عقلي المكتئب الذي يكذب عليّ بشأن حياتي. مررت بلحظات سعيدة كثيرة خلال هذا العام، لكنني ربما أهملتها لأنها لم تتناسب مع حالتي المزاجية السائدة.

عندما يشوه الاكتئاب ذكرياتك أو حتى تجاربك الذاتية، يمكن أن يفيدك وجود ذاكرة رقمية لتجعل الحقائق حية وتذكرك بها.

الذعر المعنوي حول صحة ما الموجود على وسائل التواصل، لا يجعل الناس حقاً يتصرفون بشكل قريب بأي شكل من الأشكال من ”أنفسهم الحقيقية“.

وفي دراسة نشرت في 2014 في (New Media & Society) وجد أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي يجب عليهم أن يزيفوا طريقهم في إبراز ”صورة أصلية“: سيتجنبون مشاركة أشياء بعينها خوفاً إرسال رسالة خاطئة إلى أصدقائهم.

كل الإشارات تتجه نحو سرعتنا في الحكم على الآخرين من خلال مواقع التواصل –مما قد يعكس سرعة شعورنا بانتقاد سلوكنا الإلكتروني. بعد كل ذلك، نحن فقط قادرون على أن نكون رحماء بأنفسنا قدر ما استطعنا،  وبالآخرين أيضاً.

إذاً لو كنت مثلي، يمكن أن يتم فهمك بشكل خاطئ وكأنك تتباهي بصورك، لنسامح أنفسنا على رغبتنا في الظهور بسعادة أكثر ومتكيفين أكثر مع الألف صديق القريبين. تلك مجرد عادة بشرية. وبمشاركة اللحظات التي تبدو ممتعة مع الآخرين، ربما نكون قادرين على العمل نحو الشعور بهذه السعادة والمتعة داخلياً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى