سياسة

ما سرّ “الصمت الإرهابي” في حادث سقوط الطائرة المصرية؟

ما سرّ “الصمت الإرهابي” في حادث سقوط الطائرة المصرية؟

قد يكون مؤشرًا لهجمات أخرى بنفس الأسلوب

Stratfor

ترجمة- محمد الصباغ

مع استمرار التحقيقات في تحطم طائرة مصر للطيران، ومع بدء الباحثين في الوصول إلى دليل، كان صمت التنظيمات الإرهابية مريبًا بشكل غريب. فقد المراقبون الجويون الاتصال بالطائرة في الساعات الأولى من صباح 19 مايو، ونخرج الآن من الإطار الزمني الذي عادة ما تقوم فيه الجماعات الإرهابية بإعلان مسؤوليتها عن الهجمات. والتفسير الواضح لذلك هو أنه ربما يكون هناك عطل فني أو إلكتروني كارثي تسبب في إسقاط الطائرة وليس قنبلة. لكن بعيدًا عن كل المؤشرات التي تميل إلى وجود هجوم، من المهم أن نستكشف فكرة عدم وجود مزاعم بالمسؤولية عن الحادث، وماذا يعني ذلك بالنسبة لسبب التحطم.

المجموعتان الجهاديتان اللتان لديهما القدرة والرغبة في إسقاط الرحلة 804، هما الدولة الإسلامية وتنظيم القاعدة. ولدى كل منهما علاقات عامة ووسائل إعلامية متطورة يمكن استخدامها في إعلان سريع عن مسؤوليتهما عن الهجوم. وبالعودة إلى آخر كارثة جوية، طائرة متروجيت الروسية، التي أسقطت فوق شبه جزيرة سيناء في 2015، أعلنت حينها الدولة الإسلامية الهجوم في اليوم نفسه. وزعم التنظيم أيضًا مسؤوليته عن الهجمات الأخيرة في بروكسل وجاكرتا وباريس، خلال اليوم نفسه. وبالمثل، أعلنت الجماعات المؤيدة لتنظيم القاعدة والتي ادعت تنفيذها الهجمات ضد فنادق في غرب إفريقيا، وحدث ذلك في اليوم التالي للهجمات.

وبمقارنة توقيت إعلان تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة للهجمات التي ينفذانها، فكان من المتوقع أن يكونا قد أعلنا ذلك. ولا يعني عدم وجود إعلان عن المسؤولية، أن حادث الطائرة لم يكن إرهابيا. عندما يتعلق الأمر بالأيديولوجية والدعاية الإعلامية فالدولة الإسلامية والقاعدة هما الأكثر قوة. لو كان الهجوم من إحدى قواعدهما الشعبية، ونفذته خلية في فرنسا أو تونس أو إريتريا، (كل المناطق التي كانت بها الطائرة قبل تحطمها)، إذن فقادة الإرهابيين وأجنحتهم الإعلامية سوف يسعون جاهدين مثلما يفعل بقيتنا لاكتشاف ما حدث. ومثل هجوم سان برنارديهو، قد يستغرق الأمر عدة أيام حتى يقوم الإعلام الجهادي ببلورة رد فعل.

هناك أمر أكثر شرا منه تفسيرًا لما حدث، وهو أن الجماعة الإرهابية اكتشفت طريقة مبتكرة واستخدمتها في الهجوم على الطائرة، وتخفي تورطها من أجل إعادة الهجوم في مكان آخر. وتابعنا هذا النوع من التضليل في عام 1995 من خلال مؤامرة بوجينكا. حينها لم يعلن المخططون مسؤوليتهم عن تفجير طائرة الخطوط الجوية الفليبينية في ديسمبر 1994، آملين في استخدام تطوير النوع نفسه من الجهاز المستخدم في تفجير 10 طائرات تابعة لشركة طيران ترانس باسيفيك.

في حين اكتشفت السلطات القنبلة في الحذاء عام 2001، والقنابل المزروعة بالملابس الداخلية عام 2009، لو استطاعت تلك الأجهزة المرور وتدمير الطائرة (خصوصًا لو حدث ذلك فوق البحر)، ربما ظل المحققون يبحثون لأشهر أو سنوات حتى يصلوا إلى السبب. وكان سيعطيهم ذلك الفرصة لإعادة تكرار الهجوم على نطاق واسع. وفي السيناريو الأسوأ، ربما هناك صانع قنابل واستطاع الوصول إلى الطائرة بقنبلة دون أن يكون للسلطات أي علم بطريقة قيامه بذلك.

الحقيقة هي أن طائرة مصر للطيران -الرحلة رقم 804- وبتحطمها فوق البحر، سيجعل التحقيقات للوصول إلى السبب أكثر صعوبة من التحقيقات على سطح الأرض فقد يستغرق الأمر سنوات، مثلما حدث في رحلة بانام 103. ومر عامان منذ اختفاء الطائرة الماليزية حتى استعادوا أجزاء من الطائرة. كما تحطّمت بشكل مشابه رحلة الخطوط الفرنسية رقم 447 فوق المحيط الأطلنطي عام 2009. واستغرق الأمر 3 سنوات للتوصل إلى أن عطلا فنيا هو سبب الحادث، وهو الوقت الكافي للجماعات الإرهابية لكي يكرروا تلك الأساليب في هجماتهم. طائرة مصر للطيران كانت أكثر قربًا من توقيت الهبوط، ولم تتعرض لنفس الأحداث التي شابت تحقيقات الطائرة الماليزية. إلى الآن، ووقع الحطام في المياه، مما قد يجعل الوصول إليها أو إلى الصناديق السوداء أكثر تعقيدًا.

وبالنظر إلى الكوارث الجوية الأخيرة التي حدثت فوق المياه، من غير المرجح أن يتم التوصل إلى تقارير أو أدلة قاطعة حول إسقاط الطائرة لأشهر أو سنوات قادمة. أما التحقيقات على الأرض، التي تشمل الطاقم الأرضي، وطاقم الطائرة، والركاب والأقمار الصناعية، فهي ما قد ينتج عنها أدلة قبل أي دليل من موقع الحطام، لكن ليس من الضروري أن يقدم صورة كاملة لما حدث. ومما يزيد من تعقيد المهمة الصعبة جدا بالأساس هو كيفية التعاون بين دول مصر واليونان وفرنسا وأي دولة أخرى لها ارتباط بالتحقيقات. قد تسبب تلك المعارك الدولية تأخيرات في المسؤول عن الحادث. وقد يولد غياب إعلان أحد الاطراف مسؤولية الهجوم مخاوف من هجوم إرهابي، لكن السيناريو الأسوأ، هو أنه قد يكون مؤشرا لهجمات أخرى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى