سياسةمجتمع

ما الذي تريده المرأة ..الداعشية؟

كيف خاطبت داعش النساء وكيف استجبن لها

Thedailybeast-Quilliam- شارلى وينتر

ترجمة دعاء جمال

Untitled1

فى أواخر يناير، بدأ مؤيدون عبر الانترنت لما يسمى الدولة الإسلامية – الجماعة التى تسيطر الآن على منطقة أكبر من المملكة المتحدة وتمتد لصحراء سوريا والعراق- فى توزيع وثيقة بعنوان ” النساء فى الدولة الإسلامية: بيان ودراسة حالة”.

النص العربى، الذى تم تحميله بواسطة الجناح الإعلامى لكتائب الخنساء المكونة من نساء فقط، على منتدى جهادى يستخدم من قبل داعش، حيث وزعت الجماعة الوثيقة بشكل مكثف بين مؤيديها من متحدثي العربية. لذا لم يحصل عليها الجهاديون الغربيون، رجالاً أو نساءاً. وهى محاولة لتمرير الوثيقة دون ملاحظة المحللين الغربيين غير المتحدثين بالعربية. ولتجنب ذلك، قررت ترجمتها. (PDF)

الأطروحة، هي أول وثيقة من نوعها، توضح عددا من المسائل المحجوبة حتى الآن بسبب الحاجز اللغوي. وتهاجم مفاهيم “الحضارة الغربية” وحقوق الإنسان العالمية مثل المساواة بين الجنسين. وتسمح لنا بالدخول لعقلية المئات، وعلى الأرجح الألاف، من النساء اللاتي يلتحقن بصفوف الجماعة.

الكثير مما يزعمه مؤيدو داعش على شبكات التواصل الاجتماعى يهدف للمبالغة، والتعتيم والتشويش. إلا أنه من الواضح أن هذه الوثيقة هدفها جذب النساء من دول المنطقة، وبالأخص منطقة الخليج، بتقديمها لشىء أقرب لواقع العيش كأمرأة جهادية فى الأراضي التى تخضع لسيطرة داعش.

من هذه الوثيقة، نعلم أنه بينما هناك كتائب نسائية “شرطية” فى العراق وسوريا إلا أن استدعائها للقيام بعمليات حفظ الأمن والقتال يكون قليلا للغاية وفي درجة متأخرة ضمن قائمة المسؤوليات الموكلة لهن كنساء. وفي المقابل يركز البيان على أهمية الأمومة ودعم العائلة. وفي هذا الصدد، لا تخلتف داعش عن أى مجموعة جهادية أخرى، معادية للمرأة، رى وفقا تفسيرها للإسلام أن دور المرأة محدود بـ”أوامر إلهية”.

الوثيقة مقسمة لثلاثة أقسام: الجزء الأول يتعامل بالأخص مع مفاهيم “الغرب”  مثل النسوية، والتعليم والعلوم. الجزء الثانى مبنى على شهادة المؤلف أو المؤلفين عن الحياة فى الأراضى التى تسيطر عليها داعش الآن، أولاً فى مدينة الموصل العراقية، ثانياً، فى مدينة الرقة السورية. القسم الأخير عبارة عن نقد لاذع، يقارن حياة النساء المقيمات فى الأراضي التي تسيطر عليها داعش في سوريا والعراق، بحياة النساء المقيمات فى شبه الجزيرة العربية، بالأخص السعودية.

الأهم أن هذه الوثيقة ليست موجهة بأى طريقة للجمهور الغربى، والدليل على ذلك أنها لم تترجم إلى لغات أخرى. ومن المعروف جيداً أن داعش لديها عدد كبير من متحدثي الإنجليزية ضمن صفوفها، ورأينا العديد من الدلائل فى الماضى توضح قدرتهم على ترجمة الدعاية إلى الإنجليزية، والفرنسية والروسية بشكل متقن. هذه الوثيقة تستهدف النساء العرب، لا أكثر أو أقل.

يمتليء النص، ولا مفاجأة في ذلك،  بنصوص مقدسة إسلامية. كما أنه ضم إشارات عديدة، منها العلني وغير العلني، للسعودية ما يوحى بأن الجمهور المستهدف يمكن تضيقه وصولاً للنساء فى المملكة. ولهذا من غير المرجح أن يكون نشر الوثيقة فى 23 يناير، نفس يوم وفاة الملك عبد الله، محض صدفة.

تركز دعاية داعش دائماً على استهداف جمهور محدد. وعلى سبيل المثال، كل التقارير والفيديوهات والصور التى تصل للإعلام الغربى يكون هدفها أن تجد مكانا لها على تلك الشاشات. والبشائع التى تصورها داعش مصممة لإثارة غضب المجتمع الدولى، وهذا التكتيك جزء لا يتجزأ من استراتيجية داعش للاستقطاب.

هذه الوثيقة تلعب على موضوعات مختلفة تماما عن تلك الموجودة في وثيقة “المهاجرات” (تصدر باللغة الانجليزية) والتى يستخدمها مسؤلو تجنيد النساء الغربيات لداعش.

البيان مكتوب باللغة المعتادة للجهاديين، وبعض الأقسام بها لمحة شبابية. ويحاول إقناع جمهوره بأنها ضرورة أساسية للمرأة أن تكون لها حياة مستقرة في بيتها. وفى الواقع هذا “حقها الالهي”.

الجزء الأول، بالأخص، يقدم  نظرة مستنيرة عن نفسية وإيديولوجية النساء الداعمات لداعش. وبعد تقسيم المساوىء التى يعانيها المسلمون على أيدي الحضارة الغربية تتجه إلى مسألة التعليم: حيث أن الأبحاث العلمية تركز على الحداثة، ثم أضاف “البيان” أن السعى إلى المعرفة – ماعدا تلك المرتبطة بالدين – لا فائدة منه. وإنشغال الغرب بدراسة “خلايا مخ الغربان، وحبات الرمال وشرايين الأسماك” تعتبر مجرد لهو عن الهدف الأساسى للإنسانية، وهو عبادة الله.

هكذا يعتبر البيان أن ذلك يلطخ نقاء البشرية. وفى نفس الوقت، يحاول كاتب (كتاب) البيان إبعاد تهمة النفاق عن أنفسهم، بإدعاء أن تلك العلوم “التى يحتاجها الناس، والتى تساعد على تسهيل حياة المسلمين وشئونهم مسموحة”.

مثل هذا النفاق، هو أساس فكر كل المسلمين المتطرفين.

النقاش بالأعلى ، ينتقل بعدها بسلاسة إلى رد غاضب على النسوية أو “البرنامج الغربى للنساء”الذى  يعتبره البيان قد فشل بسبب عدم وضوح الرؤية بين أدوار كل جنس ما جعلت الناس تنسى كيف تعبد الله بشكل سليم، وهو لهو يمزق المجتمع.

وفى محاولة لمعرفة السبب الرئيسى لكل هذا، يلوم البيان عجز الرجال الذين لم يقدموا للنساء الصورة السليمة للرجل، فأصبحن مرتبكات ومعتدات بأنفسهن، وغير قادرات على تلبية مهامهن، التى يدور أغلبها حول الأمومة والمحافظة على الأسرة.

الارتباط واضح، رجال داعش هم “الرجال الحقيقون”. ومن أجل الفوز بحياة مستقرة ضمن ما يعرف بالخلافة، لابد للمرأة أن تقبل “ذكورتهم المشروعة”، وبهذا لن تصحح فقط الخطأ التى يستشعره المسلمون في “الجاليات المسلمة” اليوم، لكنه سيسمح للمرأة بأن تكون مسلمة أفضل.

البيان يؤيد تعليم النساء، لكن فقط لمرحلة معينة. ويقول البيان إنه لا يمكن للمرأة  تأدية دورها إذا كانت “أمية أو جاهلة”. والمنهج الدراسي المفترض للنساء يبدأ من سن السابعة وينتهى فى الخامسة عشر، أو قبل هذا بقليل”.

ثم يأتى الزواج. وفقاً للأطروحة، يمكن للعروس أن تكون فى التاسعة. انطلاقاً من تلك النقطة، فإن دور المرأة أن تظل محتجبة وراء نقابها وتصون المجتمع فى الخفاء”. وفي تحريف الجهاديين لمفهوم النسوية، يعتبر دور المرأة بطوليا وحيويا لكنه يبقي دائما في الخلفية”.

Untitled5 Untitled2

وفى نفس الوقت، تواجه المرأة عددا لا يحصى من القيود، والطاعة المفروضة عليها من خلال تطبيق الحدود أو العقوبات الثابتة للمخالفات، ومن ضمنها قطع الرقبة، أو أحد الأطراف أو الرجم.

داعش، كعادتها، تتبنى قوانينها القاسية لتتناسب مع ظروفها. لذلك، بعض النساء مسموح لهن بترك منازلهن إذا كن ذاهبات لدراسة أصول الدين، أو إذا كن طبيبات أو مدرسات، أو إذا تلقين فتوى تسمح لهن بالمشاركة فى الجهاد: ” للاسف الشديد.. كما فعلت  نساء العراق والشيشان” عندما كان مجتمعهن فى خطر عظيم.

Untitled7 Untitled6

إن دراسة حالة المرأة “فى ظل الخلافة” (المطروحة في وثيقة داعش) ترسم صورة وردية للواقع، ولا تشير على سبيل المثال  إلى الانتهاكات التى لا حصر لها ضد النساء والتى تتم تحت مسمى تنفيذ نسخة داعش المتزمتة للإسلام.

الجزء الأخير يقارن بين ما تتحمله النساء للعيش في شبه الجزيرة العربية وما ستتحمله إذا عشن في ظل داعش. سلسلة من الانتهاكات القانونية اللواتي يتعرضن لها بالمملكة العربية السعودية وتشمل قضايا تتراوح من “التعليم الأعلى” إلى “قيادة السيارات”. ويناشد البيان النساء المقيمات فى السعودية أن يهاجرن سريعا إلى داعش.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى