ثقافة و فنمنوعات

مارجريت هاو: الدرفيل الذي أحبني

قصة حب غريبة بين امرأة ودرفيل، بدأت بتجربة علمية لتعليم الدرفيل الكلام كالبشر، وانتهت كما تنتهي قصص الحب المستحيلة

عن ـ dailymail وmirror

 

ترجمة: منة حسام الدين

 

  كانت مارجريت هاو لوفات، الباحثة في علوم الحيوان، جزءا من مشروع بحثي  مولته وكالة “ناسا”  في ستينيات القرن العشرين، ويهدف إلى تعليم الحيوانات البحرية  النطق بالكلام.

 تحديداً عام 1963، وفي جزيرة “فيرجن” الأمريكية، بدأت “مارجريت” تجربتها مع “بيتر” الدرفيل المراهق، وهي التجربة التي سرعان ما اتخذت منحى مختلفاً: “كان بيتر يحب البقاء بجانبي، اللعب في ركبتي، و قدماي، ويداي”، تروى “مارجريت” لصحيفة “دايلي ميرور” ، وهي المرة الأولى التي تكشف فيها عن “تجربتها الجنسية” مع ذلك الدرفيل.

مارجريت تعلم بيتر الأشكال

ـ منزل واحد وحياة مشتركة

 لمدة 10 أسابيع، وفي فيلا ساحرة تقع بجزيرة “سانت توماس” المطلة على البحر الكاريبي، حاول طبيب الأعصاب، جون سي ليللي، أن يعلم الدرفيل البالغ  من العمر 6 سنوات، أن يتحدث وباللغة الإنجليزية، مستعيناً بمساعدته مارجريت هاو، التي كانت تبلغ حينها  من العمر 23 عاماً، وتعيش في جزيرة “فيرجن”.

 بعد أن تم تحويل تلك الفيلا الساحرة إلى مكان أشبه بحوض سمك ضخم يلائم حياة كل من “مارجريت” و”بيتر” ، عاشا فعلياً معاً، اصبحت “مارجريت” تنام وتعلب وتأكل وتستحم في مكان واحد مع الدرفيل “بيتر”، حيث توفرت لهما أيضاً العزلة التامة.

 لكن، ما لم يتوقعه أحد، هو أن يتجه “بيتر” لا إلى تعلم  اللغة الإنجليزية، بل إلى الوقوع في الحب، لقد انجذب جنسياً وعاطفيا  إلى معلمته “مارجريت هاو”.

 في الأسبوع المقبل، وبعد ما يقرب من 50 عاماً من الصمت، ستتحدث “مارجريت هاو” لأول مرة عن علاقتها بالدرفيل “بيتر” في الوثائقي الذي ستعرضه الـ “بي بي سي 4” في 17 يونية الجاري بعنوان “القصة الحقيقية للفتاة التي تحدثت إلى الدرافيل”،   لتسرد كافة تفاصيل الحكاية.

مارجريت وبيتر في فيلا “سانت توماس”

 

روتين صارم مستمر من الأحد إلى الجمعة، لا يستطيع أي شخص أن يقاطعه، هكذا عاشت “مارجريت” مع “بيتر” في تلك الفيلا التي تحولت إلى حوض مائي، يبلغ عمق طابقا الأول 22 بوصة، وهو ما كان يسمح لـ”بيتر” بالسباحة،ويتيح   لـ”مارجريت” أيضاً الصعود على كرسي والعمل على مكتب يتدلى من السقف.

 حافظت “مارجريت” خلال فترة حياتها مع “بيتر” على أن يكون شعرها قصيرا ليكون تفاعلها أسهل مع “بيتر”، كما أنها كانت ترتدي طوال الوقت ثوب السباحة. 

أما الطعام، فكان عبارة عن معلبات، لتنتفي الحاجة إلى توصيل الطعام من قبل أي شخص بالخارج ، فلم يقاطع    روتينهما اليومي الصارم  أي شخص.

 

 

 

ـ “الكرة” كلمة بيتر المفضلة

 وبالعودة إلى الطبيب جون ليللي، فقد كان أصدر في مطلع الستينيات (1961)، كتاباً بعنوان “الرجل والدرفيل”، ذكر فيه  أن حجم رأس “الدرفيل” الأكبر بنسبة 40% من حجم رأس البشر، هو السبب في شعور “الدرفيل” بالألم (وهي مسألة خلافية بالنسبة للأسماك)، وقدرته على السيطرة على الغضب، وكذلك القدرة على فهم اللغة التي يتحدث بها البشر.

 كان هدف” مارجريت” عندما بدأت تجربتها مع “بيتر” هو تعليمه تقليد الأصوات التي تصدرها عندما تدرس له.

 في الثامنة صباحاً كان يبدأ يومهما مع درس اللغة الإنجليزية، وقد ابتكرت “مارجريت” وسيلة مبتكرة تُسهل على “بيتر” ملاحظة مخارج الحروف، وهي دهن وجهها باللون الأبيض وشفتيها باللون الأسود حتى يرى”بيتر” حركة شفتيها جيداً.

 

من خلال التسجيلات الصوتية لتجربة “مارجريت” و”بيتر”، اتضح أن “مارجريت” تمكنت فعلياً من جعل “بيتر” ينطق عبارة “Hello Margaret “، أي “مرحبا مارجريت” عندما يقدم التحية لها .

 وتقول مارجريت هاو لصانع الفيلم الوثائقي”الحكاية الحقيقة للفتاة التي تحدثت إلى الدرافيل”، كريستوفر رايلي :” حرف الـ M كان صعباً، وعملت كثيراً على ذلك الحرف حتى يتمكن بيتر من نطقه، وبالفعل هو كان يعمل بجدية أيضاً من أجل تعلمه”.

 في ذلك الوقت، تمكن “بيتر” من نطق عدة كلمات باللغة الإنجليزية، من بينها :

“One”، و“We”، و“Triangle”، و”Hello“، كما أنه كان يرد على “مارجريت” عندما تخبره بانه حان وقت العمل بعبارة :” Play, Playأي “اللعب، اللعب”.

 

في العاشرة من صباح كل يوم، كانت “مارجريت” تلعب مع “بيتر” ، حتى  تحين الثانية عشر ظهرا موعد بعض الدروس، أما تناول الغذاء فكان عند الثالثة عصراً.

 “بيتر” كان يهوي أيضاً مشاهدة التليفزيون، أما “مارجريت” فخلال فترات الراحة كانت تكتب ملاحظاتها، وتحضر وجبات الطعام، وتقوم بالأعمال المنزلية.

 “كان ينام بالقرب من سريري، في بعض الليالي كان هادئاً، أما في البعض الآخر فكان دائم الصراخ، كما أنه كان يشعر بالجوع دائماً، وعادةً ما كان يقوم بايقاظي مبكراً حتى أًطعمه”، تروي “مارجريت” بعض التفاصيل التي جمعتها بالدرفيل “بيتر” .

وكجميع الكائنات التي تبلغ من العمر ست سنوات، كان “بيتر” يفضّل التحّدث بدلا من الاستماع، ووفقاً لـ”مارجريت” يبدو أن بيتر قد فقد إحساسه بالمحادثات :” كان دائماً ما يتداخل معي في الحديث، لم أكن أستطيع تعليمه عندما يبدأ في الصراخ ويستمر فيه، وفي كل مرة أفتح فيها فمي كان يقول كلمة واحدة واضحة وهي “الكرة”.

 

 

 

ـ بيتر: حب..غيرة..انتحار

عندما كانت “مارجريت” تذهب للرد على الهاتف، كان  “بيتر” ينزعج، ويبدأ في اصدار أصوات عالية تشوش على محادثتها، فهل كان بيتر يشعر بالغيرة؟

 بالتأكيد، فقد كان مقربا جداً من مارجريت، وحسبما كتبت في دفتر الملاحظات الخاص بها:” بحلول الأسبوع الثاني، أصبح بيتر حميمياً أكثر، يحاول التعرف على قدمي وساقي وركبتي وكاحلي، كما أنه كان يقوم بدفعي في أرجاء المكان”.

“بيتر” كان يحاول دائماً جذب انتباه “مارجريت” ، فعندما كانت تستلقي على سريرها وتقوم بشد الستارة التي تحيط بالسرير، كان “بيتر” يُلقى الكرة في اتجاه تلك الستارة حتى يجبر “مارجريت” على اللعب معه.

 

وتقول “مارجريت” في مذكراتها :” بيتر شعر بالإثارة الجنسية عدة مرات خلال الأسبوع الثاني من التجربة، كان يقترب من ساقي ويدور حولي  ويميل باتجاهي، لدرجة أنه لم يكن يستطيع السيطرة على حماسه وعلى أفعاله”، كما تضيف “مارجريت” : رغبات بيتر عرقلت علاقتنا”.

 وبسبب حالة الذعر التي سيطرت عليها، نقلت “مارجريت” الدرفيل “بيتر” إلى خزان مع اثنين من الدرافيل وهما “بالم، وسيسي”، من أجل السيطرة على رغباته وكبح جماحه.

  وبالفعل، عند عوته إلى الفيلا مكان إجراء التجربة، أصبح “بيتر” أكثر لطفاً ، وقام باشراك “مارجريت” معه في بعض الألعاب التي لها سمة جنسية لكن دون أن يجعلها تشعر بالخوف.

  لكنتوقف التمويل، تسبب في نقل  الدرافيل إلى مختبر آخر خاص بالطبيب جون ليللي في ميامي، لكن بعد أسبوع،  تلقت “مارجريت” خبراً مروعاً يفيد بأن “بيتر” قد انتحر برفضه التنفس: حيث أغرق  نفسه في قاع الخزان (تحتاج الدرافيل إلى الصعود للتنفس من وقت لآخر) الذي كان يعيش بداخله بعد نقله من فيلا جزيرة “سانت توماس”.

 

آندي ويليامسون، الطبيب البيطري ، يرى أن موت “بيتر” يرجع إلى حزن انفصاله عن “مارجريت”، الانفصال الذي لم يفهم  “بيتر” أسبابه: “الدرافيل” قد لا تتعلم الإنجليزية، لكنها مثل البشر تعرف كل شيء عن أحزان القلب.

 

 بعد حكاية “مارجريت” و “بيتر”، لم يحاول أي شخص تعليم الدرافيل التحدث بالإنجليزية مجدداً، كما أن “مارجريت” وبعد انتهاء تجربتها مع “بيتر” تزوجت مصور المشروع، جون لوفات، أما الطبيب جون ليللي فقد سخرت منه العديد من المؤسسات العلمية.

   جزء من وثائقي “القصة الحقيقة للفتاة التي تحدث إلى الدرافيل”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى