سياسةكل شيء عن

ماذا يجري في السودان؟

السودان.. إضراب ومظاهرات واعتقالات فكيف بدأت؟

كتب: محمد الصباغ

حينما وقف العميد، آنذاك، عمر أحمد حسن البشير ليلقي البيان الأول لما أطلق عليه ثورة الإنقاذ الوطني في صباح يوم الجمعة 30 يونيو من عام 1989، ركز في كلماته على الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد وفشل قادة السياسات التي وصفها بالرعناء في إيقاف التدهور، مما تسبب في ارتفاع الأسعار وزيادة التضخم و”استحال على المواطنين الحصول على ضرورياتهم”.

يواجه السودان الآن برئاسة الشخص نفسه وبعد حوالي 28 عامًا من حكم البشير، وضعًا اقتصاديًا خطيرا أسفر عن دعوات للإضراب العام لمدة 3 أيام، والسبب المباشر هو قرار الحكومة برفع أسعار الوقود وتعويم الجنيه السوداني  مما تسبب في ارتفاع أسعار الأدوية والغذاء والكهرباء.

دخل السودان مرحلة التدهور الاقتصادي الشديد مع انفصال الجنوب في يوليو 2011 حيث فقد عائدات ثلاثة أرباع عائدات النفط. يقول  الخبير النفطي السوادني المعز أبو نورة لقناة الحرة في تصريحات له عام 2012، إن ” الهبة الشعبية موجودة ومتوقدة في الشمال، رغم القمع والاعتقالات، كما أن هناك معطيات متجددة لاستمرارها، لكن “النفط سيكون عاملا حاسما في تغيير النظام”.

ورأى أيضًا أنه إذا تم التنسيق بين الحركات المسلحة والأحزاب السياسية والحركات الشبابية فإن ذلك قد يقود إلى “ثورة شعبية”.

شهد السودان مظاهرات بالفعل في عام 2013 بعد قرارات من الحكومة بخفض الدعم عن المحروقات، وسقط ما يقارب 200 قتيل.

لكن تبدو تبعات القرارات الحكومية الأخيرة أكثر قوة في البلاد ونستعرض مسار الأحداث في السودان في السطور التالية:

1- أعلن السودان في الرابع من نوفمبر الجاري خفض الدعم على الوقود والأدوية والكهرباء، ليرتفع سعر لتر البنزين من 4.6 إلى 6.17 جنيها سودانيا، وارتفع سعر الجازولين من 3.11 إلى 4.11. وارتفع سعر الدواء بنسبة 300%، كما تم تعويم العملة المحلية أمام الدولار وخفضها من 6 إلى 15 جنيها ليساويه بسعره في السوق السوداء.

2- في السابع من نوفمبر اعتقلت السلطات في السودان معارضين بسبب انتقادهم قرارات الحكومة ومحاولات للتظاهر في الخرطوم. وصادرت أجهزة الأمن الأعداد الكاملة لثلاث صحف هي “الجديدة” و”التيار” و”الوطن” لتعرضهم لأسعار الوقود.

3- يستورد السودان جزءا كبيرا من الأدوية من الخارج وبأسعار باهظة، فكانت الحكومة تتدخل لدعم شركات الأدوية عبر بنك السودان، وبعد تعويم العملة ورفع أسعار الدواء لم يعد البنك يمتلك من العملة الصعبة ما يمكنه من توفير أموال للشركات. نتيجة لذلك أعلنت أكثر من 200 صيدلية كبرى على مستوى البلاد في 19 نوفمبر إضرابا جزئيًا احتجاجا على توقف الحكومة عن توفير العملات الصعبة لهم لاستيراد الأدوية.

4- استمرت المعاناة، لتظهر دعوات للإضراب بداية من يوم 26 نوفمبر عبر مواقع التواصل الاجتماعي فيسبوك وتويتر، ويبدأ الإضراب العام من الأحد 27 نوفمبر ولمدة 3 أيام. ولم يتبن أي حزب سياسي أو نشطاء هذه الدعوة رسميًا لكن بالطبع دعموها.

5- بدت شوارع الخرطوم خالية في يوم الأحد، أول أيام الإضراب، من حافلات النقل العام وأغلقت أغلب المحال واجهاتها في حين ذكرت وكالة فرانس برس أن الموظفين الحكوميين ذهبوا إلى أعمالهم بحافلات حكومية. وفتحت المدارس أبوابها لكن كثيرا من المواطنين رفضوا السماح لأطفالهم وفي الأغلب كان خوفًا عليهم.

6- في اليوم الثاني من الإضراب خلت الشوارع من المارة والحافلات أيضًا وأكد الناشط المعارض ناظم السراج أن الدعوة للإضراب لقت استجابة واسعة لدى الشارع السوداني. بينما نشر مغردون على حساباتهم بموقع تويتر صورًا لشوارع خالية في مدينة أم درمان مما يظهر أن الإضراب امتد بعيدا عن العاصمة. وكان السلطات قد أغلقت في مساء 27 نوفمبر قرارًا بإغلاق قناة تلفزيونية تحمل اسم أم درمان أيضًا.

7- اعتقلت قوات الأمن عشرات النشطاء وأعضاء من أحزاب معارضة بدعوى وقوفهم خلف دعوات العصيان المدني. وقال وزير الإعلام السوداني، أحمد عثمان، إن المقبوض عليهم سيوجه لهم تهم بمحاولة التحريض على العنف.

8- علق الرئيس السوداني عمر البشير في حوار له مع جريدة الخليج الإماراتية اليوم على الدعوات للعصيان المدني وقال إنها فشلت بنسبة مليون في المئة. وقال إن بلاده في حاجة لبرنامج إصلاح اقتصادي حيث كان هناك اعتماد أساسي على سعر النفط، وأوضح أن معدل التضخم انخفض إلى 13% بدلًا من 60%.

وكان معدل التضخم بالبلاد قد وصل في صيف عام 2014 إلى أكثر من 40%، قبل أن يتراجع في أبريل 2015 إلى 24.3%، ليصل إلى المعدل الحالي 13%.

فارتكز البشير على الأوضاع الاقتصادية السيئة في خطابه الأول عام 1989، هل دارت عليه الدائرة بعد 28 عاما؟

اقرأ أيضا: إضراب عام في السودان بعد تعويم الجنيه.. والبشير يغلق قناة تليفزيونية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى