مجتمع

مأساة الطائرة الألمانية.. لم ترسل أي استغاثة

الإندبندنت: الطائرة عملت ضمن خطوط “لوفتهانزا” لـ24 عاما.. وعمرها الافتراضي ينتهي بعد عام

الإندبندنت: جون ليتشفيلد – ترجمة: محمد الصباغ

تحدث رجال الإنقاذ والمسئولون الرسميون عن ”مشهد الرعب“ أعلى المنطقة الجبلية حيث تحطمت الطائرة الألمانية في ظروف غامضة، ولقى 150 شخصا كانوا على متنها مصرعهم.

لم ترسل طائرة ”جيرمان وينجز“ من طراز (Airbus A320) أي إشارات استغاثة قبل أن تتجه مباشرة نحو القمة الجبلية التي يبلغ ارتفاعها (2743 متر) والمغطاة بالجليد وسط جبال الألب الفرنسية.

يبدو أنه لم ينج أي شخص من الركاب البالغ عددهم 144 شخصا أو طاقم الطائرة البالغ 6 أفراد. وكانت الطائرة متجهة من برشلونة بإسبانيا إلى مدينة دوسيلدورف الألمانية، وعلى متنها 16 تلميذا ومدرسا من مدرسة ألمانية.

وقال أحد رجال الإنقاذ: ”الطائرة كانت مدمرة تماماً. وحتى الجثث لا يمكن التعرف عليها”.

أما وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، الذي أخذ جولة بالطائرة فوق مكان الحادث فقال إن مسرح الحادث مثل ”مشهد الرعب“، و أضاف: ”حزن الأسر والأصدقاء العميق لا حدود له. يجب الآن أن نقف سوياً”.

اختفت الرحلة رقم (4U 9525) من على شاشات الرادار حوالي الساعة 10:53 صباح أمس، وذلك عقب إقلاعها من مطار بشلونة بـ 52 دقيقة. وعقب وصولها إلى معدل الإرتفاع وسرعة الطيران الخاص بها، بدأ معدل ارتفاعها في الانخفاض بشكل ثابت، وبالطبع انحرفت عن مسارها، دون إرسال أي إشارة استغاثة دولية (ماي داي).

قال رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس: ”لا يمكن استبعاد أي تفسير للحادث في تلك المرحلة“. أما وزير الداخلية بيرنار كازنوف فقد رفض التكهن بأسباب الكارثة وطالب بتوخي الحذر.

اتضح الأمر بالأمس ورغم من إسراع مقاتلة فرنسية للبحث عن الطائرة خلال 8 دقائق من فقدان ارتفاعها وتوازنها. وذكر مسؤولون رسميون لموقع صحيفة “لوموند” أن هذا الإجراء كان وقائياً في حالة أن تكون الطائرة قد وقعت ضحية لعمل إرهابي. وفي تلك المرحلة، حسب ما ذكر المسؤول، لم يظهر أي دليل على ما حدث.

ووجد عمال الإنقاذ أحد الصناديق السوداء للطائرة. وقال وزير الداخلية الفرنسي إنه يأمل أن يوضح ذلك غموض الحادث خلال ساعات قليلة. وفتحت السلطات الفرنسية تحقيقا جنائيا في الحادث باعتبار أنه حادث قتل غير عمدي وذلك كإجراء تقليدي.

يعتبر الحادث هو الأول الذي تعاني منه شركات الطيران التي خفضت أسعار رحلاتها. كان الأمر مقلقاً عقب إشراك هذا النوع من الطائرات المطابق للمواصفات، والرخيص في سعره، الذي يملأ الآن الأجواء الأوروبية يومياً.

شركة جيرمان وينجز هي ذراع شركة “لوفتهانزا” الأرخص سعراً. ويعتقد أن الطائرة كانت تحمل على متنها 63 ألمانياً و 45 إسبانياً ويشمل هذا العدد طفلين حديثي الولادة. وتزور اليوم المستشارة الألمانية “الحزينة للغاية” أنجيلا ميركل مكان الحادث بجبال الألب، ويرافقها الرئيس الفرنسي فرانسوا أولاند ورئيس الوزراء الإسباني ماريانو راخوي.

تحطمت الطائرة فوق المنحدر الصخري ”إيستروب“ قرب بلدة صغيرة تعدعى “Barcelonette” بفرنسا. وقال مرشد جبلي محلي: ”اصطحبت العشرات من قوات الدرك إلى مكان الحادث. من ممر ماريود استطعت رؤية التحطم. كان واضحاً بالنسبة لي أن الطائرة اتجهت مباشرة نحو جانب من الجبل”.

وأظهرت صور جوية أمس أن الطائرة تهشمت، وانتشر حطامها على أنحاء الجبل، ويعتقد أن الطيارين لم يقوموا بأي محاولة هبوط اضطراري.

ورافق النائب المحلي ”كريستوف كاستنير“ وزير الداخلية في جولة بطائرة مروحية فوق موقع الحطام، وكتب على حسابه في تويتر: ”رعب.. لقد تحطمت الطائرة بالكامل”.

وقال ضابط يدعى ”جون بول بلوي“ وكان قد ذهب إلى موقع الحادث ”انتشر الحطام على مسافة أكثر من هكتار (10 آلاف متر مربع). هناك عشرات القطع الكبيرة من الحطام. والبقية تناثرت بعيداً. يمكن أن يتطلب الأمر أياما لإنتشال الجثث”.

و قال ضابط آخر ”ديفيد جالتيير“ في تقرير على موقع إلكتروني إن أحد الناجين قد رصد من الجو، وأضاف: ”للأسف، في هذه اللحظة لا يوجد ناجين. ومشكلتنا الرئيسية ستكون في تحديد هوية الجثث”.

في البداية قيل أن طياري الرحلة قد أرسلوا إشارات استغاثة. وتناقض ذلك مع حديث وكالة الطيران المدني الفرنسية لاحقاً. وقال المتحدث باسم الوكالة: ”لم تقم الطائرة نفسها بإرسال إشارات إستغاثة، بل كان الأمر متعلقاً بفقدان الإتصال اللاسلكي  التي أدت إلى تحكم القيادة الآلية في حركة الطائرة في تلك المرحلة الصعبة“.

وقال المدير التنفيذي لشركة “جيرمان وينجز” توماس فينكلمان، خلال مؤتمر صحفي إن الطائرة انخفض معدل ارتفاعها عن الطبيعي ببطئ لمدة 8 دقائق قبل أن تختفي تماماً من على شاشات الرادار التي تستخدم في مراقبة الحركة الجوية. وأضاف أن الطائرة رغم قدمها كانت بحالة ممتازة والطاقم الموجود في كابينة القيادة كان على خبرة كبيرة.

كانت شركة “لوفتهانزا” قد استخدمت الطائرة المحطمة في رحلات سابقة، وكان ذلك قبل 24 عاماً. و بذلك يتبقى عام واحد فقط على انتهاء العمر الإفتراضي للطائرة المخصصة للمسافات القصيرة.

لماذا انخفض معدل ارتفاع الطائرة بدلاً من زيادته حينما اقتربت من جبال الألب المرتفعة و سيكون ذلك محور التحقيقات الجنائية حول الحادث في فرنسا. يتعمق الغموض لأن الطيارين لم يبلغا عن أي مشكلة أو خطأ بالطائرة.

تجمع في مكان الحادث أكثر من 200 ضابط شرطة  وطوارئ ومعهم فرق مختصة في العمل وسط الجبال. وانتشال الجثث قد يكون خطيراً ويستغرق وقتا طويلا، فمكان الحطام يبعد ثلاثة أميال عن الطريق.

و قال سباستيان جيرود، صاحب مصنع لقطع الأخشاب قرب مكان الحادث، إنه لمح الطائرة لمدة ثانيتين أو ثلاثة حين كانت تعاني فوق قريته وكان يبدو أنها تسقط. وأضاف: ”كانت منخفضة جداً، فقط على ارتفاع 1500 أو 2000 متر وكان يبدو أنها تسقط. قلت لنفسي:لن يحدث ذلك فوق الجبال”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى