ثقافة و فنمجتمع

لماذا يصيبنا الهلع؟ وكيف نتخلص منه؟

لماذا تصيبنا نوبات الهلع؟

Psychology- سيث جى جيليهان

ترجمة دعاء جمال

عندما كنت طفلاً، كنت أخاف بشدة من الظلام. مازلت أتذكر شعوري وأنا أنزل سلالم القبو إلى منزل جدي، أو عند الاستيقاظ في منتصف الليل للذهاب إلى الحمام. كانت أسوأ مخاوفي من شىء لا يمكن وصفه يقبع وراء الخوف: هل سأخاف بشدة بحيث أرى شيئاً مخيفاً حقاً؟ هل من الممكن في الواقع أن أجن من الرعب، أو حتى أفزع حتى الموت؟

أسمع صدى لذلك “الخوف مما وراء الخوف” فى العديد من حالات القلق التى أعاملها، والأوضح فى اضطرابات الهلع. أولاً، وصف سريع: جميعنا فى مرحلة ما سنمر على الأقل بنوبة هلع، وهي عبارة عن موجة مفاجئة من الرعب بالإضافة لأعراض جسمانية، مثل تسارع النبض، وضيق التنفس،  والشعور بالغثيان. لكن المرور بنوبة ذعر لا يشير لاضطراب؛ على الشخص أن يخشى أيضاً الإصابة بالمزيد من نوبات الهلع. فى العموم، سيخاف الشخص أن يمثل الألم شيئاً رهيباً مثل ” الإصابة بنوبة قلبية” أو ” الجنون”. تصبح نوبات الهلع مشكلة عندما نخشاها للغاية بحيث تجعلنا نغير حياتنا لتجنبها. على سبيل المثال، قد يتوقف الشخص عن استقلال المصاعد، ركوب المواصلات العامة، أو القيادة فوق الكباري إذا كانت تلك المواقف مرتبطة بالهلع.

إذا جربت نوبات الهلع، فأنت تعلم أنه المصابين بها بائسون: هناك خوف مقبض، وشعور بالموت الوشيك، ودافع قوي للهروب من الموقف.

بالإضافة للتجربة نفسها، اضطراب الهلع دائماً ما يحرك الخوف بأن شيئاً أخر – شيئاً وراء الهلع – سيحدث. نتخيل أياً ما تكون، فستكون نوعاً مختلفاً عن الهلع وحده، مثل:

. سأفقد الوعي أثناء القيادة وسأصطدم بأحدهم.

. أن بصري الضعيف سيتحول إلى عمى.

. سأهلع بشدة على جسر بحيث سأقفز من فوقه.

. سأفقد عقلي وأقوم بشىء محرج للغاية.

الهلع لا يسبب تلك الأحداث المرعبة. ماذا وراء الهلع حقاً؟ على المدى القصير، فقط المزيد من الهلع. حتمياً، سيتوقف العقل والجسد عن إنتاج أعراض الهلع وستنتهي النوبة.

يركز العلاج الأفضل لاضطراب الهلع ، العلاج السلوكي المعرفي، على تدريب العقل على فهم أن الهلع مجرد هلع، ليس اقل او أكثر. مع التمرن والعمل الجاد، يمكننا معالجة خوفنا وتوقعاتنا لشىء أسوأ من الهلع.

وما يجعل الهلع ساحقاً، هو ما نتخيل أنه سيحدث. عندما نتغلب على اعتقاداتنا بأن على الخوف أن يتضمن شيئاً أسوأ، نكون أحراراً لمواجهة الخوف نفسه. ويتمكن الناس من التعامل مع نوبة هلع عندما يجردوها من التوقعات المرعبة.

على الأرجح هناك الكثير من الأشياء فى الحياة مشابهة للهلع، أشياء يمكننا التعامل معها كما هي، لكننا نعانى معها لخوفنا من أن تتحول لأكثر مما يمكننا تحمله. على سبيل المثال، يمكننا التعامل مع محادثة غريبة وسيئة؛ ستكون فقط غريبة، ليست أفضل أو أسوأ. ويمكننا مواجهة يوم عمل ملىء بالقليل من النوم؛ سنتعب فى بعض الأوقات، وليس أكثر من ذلك. بالمثل، يمكننا إنهاء تدريب شاق؛ سنتألم ، ثم سينتهي الأمر.

تخلق عقولنا أشباحاً نعاملها كأنها حقيقة، ونعتقد بأنها ستكون أكثر مما يمكننا التعامل معه.عندما نواجه حياتنا كما هي حقاً، نجد أننا نكفى.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى