منوعات

لماذا لا يعترف بعض الأشخاص بأخطائهم؟

هذا هو سر

psychology today

ترجمة: ماري مراد

جميعنا نُخطئ ونفعل هذا بانتظام. بعض الأخطاء صغيرة، مثل: “لا، لسنا في حاجة إلى التوقف أمام المتجر، لدينا الكثير من الحليب المتبقيي للإفطار”. بعضها أكبر مثل: “لا تتعجل، لدينا الكثير من الوقت لنصل إلى المطار قبل رحيل الطائرة”. وبعض الأخطاء مصيرية مثل: “أعرف أنها كانت تُمطر ومُظلمة، لكن أنا متأكد أنني رأيت هذا الرجل يقتحم المنزل”.

لا أحد يستمتع بكونه على خطأ. إنها تجربة عاطفية غير سارة بالنسبة لجميعنا، والسؤال هو كيف نرد حينما يتضح أننا على خطأ، عندما لا نجد حليبًا كافيًا للقهوة، أو نجد زحامًا ونتخلف عن موعد الرحلة، أو نكتشف الرجل الذي سُجن 5 سنوات بناء على تعرفنا عليه كان بريئًا؟

بعضنا يعترف بأنه على خطأ ويقول: “أنت على حق، كانت علينا شراء المزيد من الحليب”، لكن بعضنا من النوع الذي يُلمح بأننا كنا على خطأ لكننا لا نفعل هذا بشكل صريح أو بطريقة ترضي الشخص الآخر مثل: “كان لدينا الكثير من الوقت للوصول إلى المطار في الموعد المحدد، إذا لم تكن حركة المرور سيئة على غير المعتاد. لا بأس، المرة المقبلة سنغادر في وقت مبكر”.

لكن بعض الأشخاص يرفضون الاعتراف بأنهم على خطأ، حتى أمام الدليل القاطع. مثل أن تجد أحدهم يقول: “أطلقوا صراحه بسبب دليل الـ(DNA) واعترف رجل آخر؟ هذا سخيف، فهذا هو الرجل الذي رأيته”.

المثالان الأولان ربما يكونان مألوفين بالنسبة لمعظمنا، لأن هذه الردود النموذجية على أخطائنا. نحن نقبل المسؤولية كاملة أو جزئية (أحيانًا جزئية جدًا جدًا) ولكننا لا نرفض الحقائق. لا ندعي أن هناك ما يكفي من الحليب عندما لا يكون هناك، أو أننا لم نتأخر في الوصول إلى المطار.

لكن ماذا عن أشخاص يرفضون الحقائق، عندما لا يستطيعون ببساطة الاعتراف بأنهم مخطئون في أي ظرف؟ ماذا يوجد في تركيبهم النفسي يجعل من المستحيل عليهم الاعتراف بأنهم كانوا على خطأ، حتى عندما يكون من الواضح أنهم كانوا كذلك؟ ولماذا يحدث هذا بشكل متكرر؟ لماذا لا يعترفون أبدًا بأنهم كانوا على خطأ؟

الإجابة مرتبطة بغرورهم، إحساسهم العالي بأنفسهم. بعض الأشخاص لديهم مثل هذه الأنا الهشة، واحترام الذات الهش و”التكوين النفسي” الضعيف، إذ إن اعترافهم بأنهم ارتكبوا خطأ أو أنهم كانوا مخطئين هو في الأساس يُهدد الأنا لديهم.

وقبول أنهم كانوا على خطأ، يلفت الانتباه إلى حقيقة ستكون مُحطمة نفسيًا للغاية، لذا، فآليات دفاعهم تفعل شيئًا ملحوظًا لتجنب فعل ذلك، فهم حرفياً يشوهون إدراكهم للواقع لجعله (الواقع) أقل تهديدًا. آليات دفاعهم تحمي أنانيتهم الهشة عن طريق تغيير الحقائق ذاتها في أذهانهم حتى لا يكونوا مخطئين أو مذنبين.

ونتيجة لذلك، هم يتعاملون مع جمل مثل: “لقد تحققت في الصباح وكان هناك ما يكفي من الحليب، بالتأكيد شخص ما تسبب في نفاده”. وعندما يتضح أنه لم يكن هناك أحد في المنزل بعد مغادرتهم في الصباح، وبالتالي لم يفعل أحد هذا، فهم يستمرون في تصميمهم ويُكررون: “بالتأكيد شخص ما فعل هذا لأنني راجعت والحليب كان موجودًا”، كما لو أن شبحا ما اقتحم المنزل، وشرب الحليب، وغادر دون ترك أي أثر.

في مثالنا الآخر، سيصرون على أن إدراكهم الخاطئ لشخصية السارق كانت حقيقية رغم دليل الـ”DNA” والاعتراف الذي تقدم به الشخص الآخر. وعند مواجهتهم، سيستمرون في الإصرار.

في مثالنا الآخر، سوف يصرّون على أن معرفتهم الخاطئة للسارق كانت صحيحة، رغم أدلة الحمض النووي والاعتراف من شخص مختلف. عندما يواجهون، سيواصلون الإصرار على مهاجمة أي شخص يحاول المجادلة بصورة مختلفة والاستهزاء بمصادر المعلومات المتناقضة (على سبيل المثال “هذه المختبرات ترتكب الأخطاء طول الوقت وإلى جانب ذلك، لا يمكنك الوثوق باعتراف من مجرم آخر، ولماذا تأخذ دائما صفهم؟”.

هؤلاء الذين يظهرون هذا النوع من السلوك بشكل متكرر هم، بحكم التعريف، يعانون من هشاشة نفسية. ومع ذلك، فهذا التقييم غالبًا ما يصعب عليهم قبوله، نظرًا لأنهم يظهرون للعالم الخارجي كما لو يصرون على رأيهم دون تراجع، و(مثل هذه) الأشياء نربطها بالقوة.

لكن الصلابة النفسية ليست علامة على القوة، بل هي مؤشر على الضعف. فهؤلاء الناس لا يختارون الإصرار على موقفهم. إنهم مجبرون على فعل ذلك من أجل حماية نفوسهم الهشة. الاعتراف بأننا مخطئون غير سار، إنه مؤلم لأي غرور. يتطلب الأمر قدرًا من القوة العاطفية والشجاعة للتعامل مع هذا الواقع والاعتراف بأخطائنا. معظمنا نستاء قليلًا عندما يتعين علينا أن نقر بأننا مخطئون، لكننا نتخطى هذا الأمر.

لكن عندما يكون الأشخاص غير قادرين على الاعتراف بأنهم مخطئون، وعندما لا يستطيعون تحمل الفكرة القائلة بأنهم قادرون على ارتكاب الأخطاء، فذلك لأنهم يعانون من غرور هش للغاية، لا يستطيعون التغلب عليه، لذا يحرفون تصورهم للواقع ويتحدون الحقائق الواضحة من أجل الدفاع عن عدم خطئهم في المقام الأول.

كيف نرد على هؤلاء الناس متروك لنا. الخطأ الوحيد الذي لا ينبغي لنا أن نفعله هو اعتبار إصرارهم ورفضهم الثابت للاعتراف بأنهم مخطئون كدليل على القوة أو القناعة لأنه العكس تمامًا، إذ يعكس الضعف النفسي والهشاشة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى