سياسة

لماذا لا تستطيع أمريكا استهداف قيادات داعش؟

كيف تراوغ قيادات داعش الضربات الأمريكية؟

1415969300931.cached

شين هاريس ونواه شاكتمان – ديلي بيست

ترجمة وإعداد – محمود مصطفى

يوم الثلاثاء، وتقريباً في نفس الوقت الذي أعلن فيه قائد داعش أبو بكر البغدادي نجاته من غارة جوية أمريكية  وتوعد في رسالة مسجلة بتفجير “براكين الجهاد”، كان المسئولون الأمريكيون يلتقون لمناقشة مدى صعوبة تعقب الجماعة المسلحة.

أثبت البغدادي وأتباعه أنه يصعب بشكل استثنائي تتبعهم وقتلهم لأنهم يشفّرون اتصالاتهم ويتخذون خطوات لتجنب رصدهم من قبل المراقبة الأمريكية، وفقاً للعديد من المسئولين الحاليين والسابقين.

وبدون عناصر مخابراتية أمريكية على الأرض في موطن داعش في سوريا، وبوجود عدد محدود فقط من طائرات المراقبة في الجو فهذه الإتصالات هي الطريقة الوحيدة لمراقبة داعش.

وقال مسئولون أمنيون ومختصون بمكافحة الإرهاب للـ”ديلي بيست” إن داعش عدلت من أطر اتصالاتها لأنها تعرف أن التنظيم تحت المراقبة باستمرار، وأصبح المقاتلون منذ شهور يأخدون احتياطات إضافية لكن طول الوقت الذي استغرقته الولايات المتحدة لاستهداف البغدادي، ستة أسابيع منذ بدء الغارات الجوية في سوريا، وحقيقة أنه لم يقتل في الهجوم تقول بأن داعش تمارس سيطرة محكمة على اتصالاتها خاصة في قمة التنظيم.

وفي شهادته أمام لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب يوم الثلاثاء، أقر وزير الدفاع تشاك هاجل بأن داعش تراوغ جواسيس الولايات المتحدة ، وقال هاجل “أُجبر مقاتلو داعش على تغيير تكتيكاتهم، بالمناورة في مجموعات صغير وإخفاء المعدات الضخمة وتغيير أساليب إتصالاتهم.”

في 2007، تعقبت وكالة الأمن القومي حواسيب وهواتف أعضاء تنظيم “القاعدة في العراق”، سلف داعش، ثم قالت للقوات على الأرض أين يمكن أن تجد  المقاتلين، وساعدت مثل هذه الدورة: جمع المعلومات ثم القبض على المقاتلين أو قتلهم، على تحويل دفة العمليات القتالية ولكن مثل هذه الدورة غير موجودة الآن في العراق أو سوريا.

يقول كريستوفر هارمر المحلل بمعهد دراسات الحرب الأمريكي إن “اليوم الأسهل في الحملة الجوية ضد داعش كان اليوم الأول” لأن الطيارين عرفوا مواقع منشآت القيادة والسيطرة لداعش ومستودعات التخزين. كما أن التنظيم إلى حد ما تفاجئ على الأقل جزئياً بالضربة حيث أنه لم يعرف التوقيت الدققيق التي ستبدأ فيه الغارات.

وقال هارمر “بعد أول يوم أو يومين من الأهداف السهلة، اختفت داعش كما هو متوقع بين السكان المدنيين وتخلت عن استخدام أجهزة الراديو عالية الطاقة وكذلك الهواتف المحمولة والمتصلة بالأقمار الصناعية وبدأت في التحول لنموذج قيادة وسيطرة متناثر.

ومع اثبات  مقاتلي داعش لأنفسهم كأهداف بعيدة المنال، بدأت أجهزة المخابرات في مراقبة اتصالات مسئولي نظام الأسد  لمعرفة ما يقولونه عن داعش، وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال” إن محللي المخابرات تعاملوا بحذر مع اتصالات نظام الأسد لأنه من الصعب التحقق من صحة المحادثات الخاصة بين مسئولي النظام.

قد يصعب تعقب أعضاء داعش لكن على الجانب الآخر فإن المراقبة الإلكترونية الأمريكية الدؤوبة وأيضاً المراقبة من أعلى بوساطة الطائرات بدون طيار حجّمت التنظيم، يقول مسئول أمريكي سابق  “في نهاية اليوم، تُجبر الأجهزة الإستخباراتية الطرف الآخر على خيارين فقط، التواصل والتعرض للخطر أو عدم التواصل والفشل في التنسيق. هل يجب أن أشفر اتصالاتي؟ هل يجب أن أستخدم طرقاً ملتوية؟ ..” هذه هي الأسئلة التي يقول المسئول السسابق إننه كان ليوجهها لو كان على جانب المسلحين.

الطرق الملتوية تشير إلى شبكة “تور”، وهو نظام يسمح للمستخدمين بإخفاء مواقعهم والتواصل بصورة مجهولة الهوية على الإنترنت. لكن عدم المستخدمين الذين يتواصلون عبر “تور” من العراق قليل، ألفين بالمقارنة بخمسة عشر ألف في يونيو، بحسب مشروع “تور”. التواصل من سوريا انخفض كذلك، حيث يتواصل حوالي ألفين وخمسمائة مستخدم فقط عبر “تور” من هناك.

وليس من المؤكد ما إذا كانت داعش تستخدم “تور”، الذي تستخدمه مجموعات الثوار السوريون الذي يقاتلون لإسقاط نظام بشار الأسد.

أحد مسئولي الإستخبارات الأمريكية قال إن تنظيم داعش “على الأرجح تعلم كثيراً من التسريبات غير المصرح بها وحيث أن الكثير من قوات التنظيم على دراية بالأمريكيين منذ أن كانوا في “القاعدة في العراق” فإنهم تكيفوا بشكل جيد على تجنب تحديد أماكنهم.”

ولام المسئول الأمريكي السابق كذلك إدوارد سنودن على كشفه لأسرار عن نظام المراقبة الأمريكي، وقال إن هناك “تغيرات ملحوظة” على كيفية قيام المسلحين بأنشطتهم كنتيجة لوثائق مسربة توضح تفاصيل ممارسات المراقبة الأمريكية.

ويقول آخرون إنه من المضحك الاعتقاد بأن داعش كانت غافلة عن حقيقة أن الولايات المتحدة تتعقب الإرهابيين عبر مراقبة اتصالاتهم، وقال مسئول بوزارة  الدفاع الأمريكية “من الخطأ القول بأنه بسبب سنودن صارت  حربنا مع داعش  أصعب.” وأضاف المسئول صاحب الخبرة المطولة في المعارك مع القاعدة والتنظيمات المسلحة الأخرى “أنا لا أدافع عن سنودن بأي حال من الأحوال لكني أعتقد أن أجهزتنا الإستخبارية تحتاج إلى أن تنضج.”

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى